عاجل

بيوت دافئة

إيمان عبد اللطيف

  • 74


بيوت بها حرارة لا تؤذي الجسد صيفًا، وليست من النوع الذي يلتف حوله الناس شتاءً، إنها حرارة من نوع خاص، مصدرها قلوب سكان البيت، تبعث في المكان دفئًا لا يُستَشْعَرُ بالجلدِ بل بالنفس والروح، تلك البيوت لا يُخطئ حِسُ أضيافها ما تُشِعُّه جدرانها من أُنْسٍ، تلامس قلب زائرهم سكينة لا يملك بعدها إلا أن يعلن عما مسّ قلبه.

يسمع سكان تلك البيوت من أضيافهم تعبيرات مليئة بالإعجاب وأحيانًا يرون العيون تتساءل عن سر ذلك الدفء الخاص الذي يملأ المكان، وربما لو سُئِلُوا بشكلٍ صريحٍ لما استطاعوا جوابًا، فكثير من الغارقين في الحسن لا يدرون عن حسنهم شيئًا، أو بمعنى أدق يكون حسنهم جزاءً وفاقًا لأعمالهم، لكن انشغالهم بالعمل لا يدع لهم فرصة كبيرة للتنظير حول الحسن الذي يعيشون.

هؤلاء لا سبيل لمعرفة حالهم إلا أن تراقبهم، فإن راقبتهم وجدت أناسًا يذكرون الله كثيرًا ويتواصون بينهم بالذكر، وجدتهم يرفق بعضهم ببعض فقد أدخل الله عليهم الرفق، وما الذي يتنعمون به من خير إلا أحد آثاره.

هؤلاء أهل بيت يرحم كبيرُهم صغيرَهم ويوقرُ صغيرُهم كبيرَهم ويأتمرون بينهم بالمعروف ويتناهون بينهم عن المنكر.

وأنت تراقبهم ستجد الكلمة الطيبة ديدنهم يتصدقون بها على أنفسهم، يبتسم أحدهم في وجه الآخر يُحَلُّون ببسماتهم مُرّ الحياة، إنهم أناس يسعون إلى جنة الآخرة فهي شغلهم الشاغل حتى كأنها ألقت بظلالها على بيتهم فصار جنة!

وما السكينة التي تُسْتَشْعَرُ بين جدرانه إلا أثر ذلك السعي، هذه بيوت يُصْبِحُ أَهلُها وهُمَّهُمُ الآخرة فلا عجب أن يجمع الله عليهم شملهم ويجعل غناهم في قلوبهم فتفيض تلك القلوب عليهم دفئًا وسكينة، وهذا هو سر تلك البيوت الدافئة.