معهد القلب القومي.. وجع "قلوب" المصريين

  • 111
معهد القلب

كعادة غالبية المستشفيات الحكومية والتعليمية، يعانى المعهد القومى للقلب بمنطقة إمبابة من الإهمال الإدارى فى المقام الأول، بالإضافة إلى الإهمال الطبى لطواقم العمل به؛ الأمر الذى يقع فى النهاية على عاتق "المواطن" الذى لا يجد أبوابًا أمامه للعلاج سوى اللجوء لمستشفيات الحكومة ظنًا منه أنها ستسعفه أو تعطى له حقه المنشود فى الدستور لكى يعيش حياة آدمية فى أدنى مستوياتها.


أمام العيادات الخارجية للمعهد يفترش الأرض والرصيف المئات من المواطنين ما بين مرضى وأهاليهم ينتظرون "الفرج" بالإذن بالدخول.


أما المعاناة التى يعانيها المرضى دون ذويهم فحدث ولا حرج ما بين نقص الأدوية وقوائم الانتظار، ونقص الصمامات والدعامات، إلى دفع رسوم وتكاليف مالية تكاد تتساوى مع عيادات الأطباء فى الخارج، بالإضافة إلى عدم الاهتمام من الطواقم الطبية على اختلاف درجاتها بالمكان.


فى البداية قابلت "الفتح" عامر الشاذلى أحد المواطنين أثناء خروجه من المعهد، وبسؤاله عن سبب وجوده أكد أنه ذهب للتبرع بالدم لأحد المرضى بعد طلب أحد أقاربه التبرع بالدم لعدم وجود أكياس دم كافية بالمعهد لتلبية حاجة العمليات الجراحية وارتفاع تكلفة شرائها.


وخلال الحديث معه وجدت ذراعه ينزف دمًا فأعطيته "منديلًا ورقيًا" وسألته لماذا لم يعتنى بك "الممرض" المسئول عن التبرع بالدم؟! فكانت الفاجعة أن المسئول عن بنك الدم والممرض لم يكونا موجودين بالمكان، وأنهم انتظروا فترة طويلة حتى جاء شخص آخر عرفنا أنه ليس من طواقم التمريض ولكنه أحد الموظفين الإداريين بالمعهد.


أما مصطفى محمود فهو أحد المرضى ويعاني من ضيق في الصمام الميترالي ويحتاج لعملية تركيب صمام على حسب وصفه لحالته كما فسرها له الأطباء فى بلده بالمنوفية، ويؤكد أنه يتردد على المعهد منذ أكثر من ثلاثة شهور ولم يتلقَ علاجه حتى الآن رغم أنه استخرج قرار العلاج على نفقة الدولة بعد عناء وجهد كبير، وأنهى جميع الأوراق المطلوبة .


ووجه محمود اتهامه لموظفي المعهد بعرقلة وصوله إلى مرحلة تلقي العلاج بالمعهد، لاعنًا الروتين القاتل الذي جعل طابور الانتظار بالمئات، بل قد يصل في أحيان كثيرة إلى الآلاف على حد وصفه، مطالبًا المسئولين بتداركه وحله بأسرع ما يمكن نظرًا لأن هناك الكثير من المصريين يموتون في طابور الانتظار في ظل تجاهل المسئولين وعدم الاهتمام بالمرضى الذين تسوء حالتهم يومًا بعد يوم.


ومن جانبه، لفت متولى عبد السميع ابن محافظة المنيا، إلى أن الانتظار حتى يحين دور المريض فى إجراء العملية هو أشد ما يعانيه المرضى عند اقترابهم من بوابة معهد القلب.


ويشير "عبد السميع" وهو يحتاج إلى تغيير صمام، إلى أن عدم وجود أعداد كافية تكفى حاجة المرضى تجعله أحد أسباب انتظار المريض حتى يحين دوره فى الحصول على صمام، بالإضافة إلى دوره فى إجراء العملية.


ويوضح عبد السميع أن التعامل مع الطاقم كالعادة هناك الجيد وهناك المتعالى وغيرها من الصفات، إلا أن التعامل مع الموظفين الإداريين بالمعهد هو الأشد صعوبة؛ فيقول: " الموظف بيخليك تحس إنك بتشحت من عزبة أبوه" (على حد وصفه)، موجها اللوم للحكومة على إهمالها لصحة المصريين.
واشتكى مصطفى محمد عبد السلام من أسوان - أحد أقارب مريض جاء ليجرى عملية تغيير صمام - من زيادة رسوم التذاكر والكشف الطبي والتحاليل علي المواطنين من محدودي الدخل، خاصة من تكلفة كشف الاستشاري علي الرغم من أن الطبيب الموجود من أطباء الامتياز وليس طبيبا استشاريا، فضلا عن 15 جنيها رسم قلب، و70 جنيها موجات صوتية علي القلب، و30 جنيها تحاليل مبدئية، بالإضافة إلي 10 جنيهات قيمة إيصال استخراج ملف؛ وكل هذه المبالغ قبل البدء في تشخيص حالة المريض.


وأوضح عبد السلام أن إدارة المعهد تطلب عددًا من التقارير والاستمارات للبدء في إجراءات إعفائهم من تذاكر الكشف تكلف المريض ما يقارب الـ 100 جنيه، إضافة إلى "الكعب الداير" الذى يقع فيه مرافقو المريض للانتهاء منها.


أما مرافقوا المرضى وأهاليهم وذويهم فأطلق لنفسك العنان للتخيل، مشاهد لا يمكن أن تراها إلا أمام المستشفيات الحكومية وأقسام الطوارئ، فيفترش مرافقوا المريض الرصيف أمام المعهد الذى استغله الباعة الجائلون ليصبح مورد رزق لهم (لعلها تكون إحدى حسنات المعهد)!


يذكر أنه تم إنشاء المعهد في عام 1964 بقوة 75 سريرا فقط لعلاج مرضي القلب وإجراء العمليات الجراحية، وكان يضم عناية مركزة جراحة بقوة 6 أسرة لرعاية المرضي بعد العمليات الجراحية، وكذلك عناية مركزة قلب بقوة 6 أسرة لرعاية مرضي القلب المترددين علي المعهد، ووفقا لتصريحات المسئولين بالمعهد فإنه لم يتم التوسع فيه منذ إنشائه علي الرغم من أن الإحصائيات تشير إلي أن 1.6 مليون مصري يدخلون إلي نادي مرضي القلب سنويا، ويتوفي منهم 330 ألف مريض سنويا، و200 ألف من تلاميذ المدارس يعانون من حمي روماتيزمية تؤثر علي قلوبهم، و300 ألف مريض يجرون عمليات قسطرة سنويا.