لماذا السجود للصنم كفر في ذاته؟.. داعية إسلامي يوضح الفرق بين أفعال الكفر وحكم فاعلها

  • 61
الفتح - شريف طه

أوضح شريف طه، الداعية الإسلامي، أن هناك إجماعا من قبل علماء المسلمين بأن السجود للصنم شرك، كما أوضح الفرق بين الأفعال التي منها ما هو شرك، ومنها ما هو محرم، ومنها ما هو جائز.

وأما عن السجود للصنم، فأكد طه أن السجود للصنم شرك باتفاق المسلمين،  لأن السجود للصنم لا يحتمل إلا معنى العبادة، وهذا الفعل الظاهر دال دلالة قاطعة على ذلك، فلا يقبل معه قوله : لم أقصد العبادة، فإن ظاهره يكذب دعواه. موضحا أن الذي يمنع من تكفيره وجود مانع من موانع التكفير كالصغر أو الجنون أو الإكراه أو الخطأ أو الجهل بوجود الصنم مثلا.

وأكد طه أن أفعال الكفر لا يتوقف في تكفير فاعلها على الاستحلال، وإنما يتوقف على استيفاء الشروط وانتفاء الموانع.

ورد الداعية الإسلامي على سؤال هل القيام للغير عبادة لهذا الغير؟ موضحا أن هذا الفعل (القيام) تارة يكون عبادة كما في القيام لله في الصلاة {وقوموا لله قانتين}، وتارة يكون محرما لما فيه من التعظيم كما في القيام على الغير المنهي عنه، وتارة يكون مباحا إذا كان على سبيل الاحترام لذوي الفضل والمزية من أهل الإسلام.

وأكد أن دلالة الفعل هنا وحدها ليست قاطعة في معنى العبادة، بل تحتمل أنواعا. بخلاف السجود للصنم فإنه لا يحتمل إلا معنى العبادة.

وعن الفرق بين الطلب والاستعانة والاستغاثة ، أوضح طه أن منها ما هو شرك، ومنها ما هو محرم، ومنها ما هو جائز، موضحا أن الجائز هو الاستعانة والاستغاثة والاستعاذة بالحي الحاضر فيما يقدر عليه، موضحا أن هذا من باب الأخذ بالأسباب، ولا يظهر فيه شبهة العبادة بحال من الأحوال.

وأما المحرم : فإنه سؤال الموتى ومخاطبتهم بما لم يرد به الشرع، كطلب الدعاء منهم وسؤالهم كما يسأل الحي، فإن هذا محرم؛ لأنه ذريعة للشرك، فإن نفوس الناس تتعلق بالأموات، ولذا كان الشرك المتعلق بالقبور وأرواح الموتى من أعظم أنواع الشرك قديما وحديثا وفي سائر الأمم.

وأما الشرك : فهو أن يسأل الأموات ما لا يقدر عليه إلا الله، كأن يسألهم شفاء الأمراض والنصر على الأعداء وتفريج الكربات ومغفرة الذنوب ونحو ذلك مما يظهر فيه معنى العبادة، وهذا هو شرك مشركي العرب بعينه، ولم يقبل منهم الشرع دعواهم بطلب الشفاعة وأنهم يتقربون بهؤلاء الصالحين.

وتابع طه قائلا: "ومن ذلك الذبح؛ فإنه تارة لا يظهر منه إلا العبادة، كالذبح للنصب والأصنام وكذلك تقربا للجن والموتى.. أو التسمية باسم غير اسم الله تعالى، فهذا لا يكون إلا شركا. وتارة يكون محرما، كالذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله، لما فيه من ذريعة الشرك. وتارة يكون مباحا بل مشروعا كالذبح إكراما للضيف، وتارة يختلف العلماء نظرا لتردد هذا المعنى، كاختلافهم في ما يذبح للسلطان، هل يظهر فيه معنى الإكرام فيكون مباحا، أو يظهر فيه معنى التعظيم فيكون محرما".

وأوضح طه أن الخلاصة من ذلك هي أن هناك أفعالا لا تحتمل إلا معنى العبادة، كالسجود للصنم، ودعاء غير الله - على ما سبق تفصيله- والذبح تقربا لغير الله، والنذر لغير الله، مردفا القول: "وهذه لا يتوقف في تكفير فاعلها على الاستحلال أو اعتقاد الباطن، وإنما يتوقف على استيفاء الشروط وانتفاء الموانع".

واختتم طه حديثه قائلا: "وهذا كله خلافا للجهمية والمرجئة الذين جعلوا الإيمان هو التصديق، ولذلك حصروا الكفر في التكذيب والاعتقاد، ولذلك لا كفر عندهم إلا إذا اقترن به اعتقاد وتصديق.. فمن فعل الكفر في الظاهر لا يكفر عندهم إلا إذا استحل ذلك.. ولذلك التوحيد عندهم هو التوحيد الاعتقادي فقط، ولا يجعلون منه التوحيد القصدي الطلبي العملي.. ولذلك لا يتصورون أن هناك شركا في الألوهية إلا إذا اقترن به شرك الربوبية.. وهذا أصل الفساد الذي تراه وتسمعه من تجويز الشرك ودعاء الموتى من دون الله تعالى.. وهذا كله من أثر عقيدة الإرجاء التي اعتقدتها الأشاعرة وراجت بين كثير من المتفقهة في القرون المتأخرة.. وهو ما سبب الاضطراب والغبش في هذه القضايا البدهية الجلية في الكتاب والسنة وكلام أئمة السلف".