اليمن بانتظار "اتفاق هدنة موسع" رغم انعدام الثقة

الأوضاع المأساوية تجبر الحكومة الشرعية وميليشيا الحوثي على تمديد شهرين للهدنة الحالية

  • 77
الفتح_ أرشيفية

باحث: الحوثي يستعد لمعركة جديدة بأوامر إيرانية

تقرير- محمد عبادي

مع بداية هذا الشهر انتهت هدنة الأربعة أشهر في اليمن بين الشرعية وميليشيا الحوثي، قبل أن يتوصل الطرفان إلى هدنة جديدة لشهرين إضافيين، بدءا من يوم الأربعاء قبل الماضي، وخاض المبعوث الأممي إلى اليمن محادثات مكثفة مع أطراف النزاع  خلال الأيام الماضية لدفعهم نحو تمديد الهدنة. 

ومن المفترض أن يتضمن هذا التمديد للهدنة التزامًا من الأطراف بتكثيف المفاوضات للوصول إلى اتفاق هدنة موسع في أسرع وقت ممكن.

وسادت الأشهر الأربعة من الهدنة حالة من انعدام الثقة عميق بين الجانبين وكان لديهما شكاوى بشأن تنفيذ اتفاق الهدنة الحالي.

وتضغط الأمم المتحدة أيضا من أجل وقف دائم لإطلاق النار من أجل استئناف المحادثات للوصول إلى حل سياسي دائم.

واتهمت الحكومة اليمنية ميليشيا الحوثي بعدم الالتزام بشق رئيسي في الهدنة السارية في البلاد منذ أبريل الماضي برعاية الأمم المتحدة، يتعلق بإعادة فتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز المحاصرة حوثياً منذ سبع سنوات.

أما الرئيس الأمريكي جو بايدن فقد رحب بتجديد الهدنة، مطالبًا الأطراف اليمنية باغتنام هذه الفرصة للعمل على نحو بناء تحت رعاية الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق شامل يتضمن خطوات لتحسين حرية التنقل وتوسيع نطاق دفع الرواتب ويمهد الطريق لحل دائم للصراع بقيادة يمنية.

شفا مجاعة

الأوضاع الاقتصادية تجبر الأطراف اليمنية على التمسك بالهدنة، والتقاط الأنفس، خاصة مع الأوضاع الكارثية التي تعيشها البلاد منذ الانقلاب الحوثي في عام 2014.

ويهدد ارتفاع أسعار المواد الغذائية بدفع مزيد من الناس إلى شفا المجاعة في وقت تجد فيه الأمم المتحدة نفسها مجبرة على خفض الحصص الغذائية في ظل نقص التمويل.

ويهدد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن، في حين يحتاج آلاف، بينهم الكثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى علاج طبي عاجل غير متوفر. ويعتمد نحو 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات.

الشرعيّة والهدنة

كعادة الحوثي في المراوغة، فقد قفز على مخرجات الهدنة، لم يلتزم ببنودها، كما أنه اخترقها مئات المرات، فقد عرقل الحوثيون فتح المعابر وخصوصاً تعز، وهو واحد من البنود الأربعة التي تم الاتفاق عليها والتي تشمل وقف النار، رحلات مطار صنعاء، تدفق الوقود للحديدة، وفتح المعابر.

وشهد الملف اليمني جملة متغيرات لافتة خلال النصف الأول من عام 2022 تسليم السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي، وتسمية 7 نواب لرئيس المجلس الدكتور رشاد العليمي كانت بمثابة النقلة النوعية الكبرى لكل القوى المناهضة للانقلاب الحوثي.

من جهته يقول مطهر الريدة، المحلل السياسي اليمني، إنّ الشرعية اليمنية استفادت من الهدنة، في استثمار الوقت الكافي لإعادة بناء النظام السياسي اليمني، والذي أفرز المجلس القيادي ممثل الجمهورية اليمنية وشرعيته أصل وفصل الحكم في اليمن، وهو أساس يمكن البناء عليه في المعركة المؤجلة مع الحوثي.

ولفت إلى أنّ الهدنة في جوهرها لم تقدم جديدًا، ولا يمكن البناء عليها في إقامة سلام دائم، فالحوثي لا زال يسيطر على عدد من المحافظات اليمنية بقوة السلاح والدعم الإيراني، لافتًا أن أبناء الشعب اليمني يعلمون أنّ الحوثي لن يتوقف عن قضم مزيد من الأراضي اليمني، وأنّه سيعاود الهجوم متى توفرت له الإمكانات. 

ماذا يريد الحوثي؟

تمكن الحوثي من السيطرة على عدد من المحافظات اليمنية، بما فيها العاصمة صنعاء، وأمام ضربات التحالف العربي لدعم الشرعية وبطولات الجيش الوطني تراجع الحوثي إلى ما يعرف بالهضبة الزيدية في شمال اليمن.

مع بداية 2021 قاتلت الميليشيا بكل ما تملك من أجل السيطرة على مأرب، وخلال شهور طويلة تكبد الحوثيون خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، كان الاضطرار للقبول بهدنة أممية في أبريل الفائت، خاصة عقب مقتل الجنرال الإيراني حسن إيرلو الذي كان يقود المعارك على الأرض في اليمن. 

من جهته يقول محمد علي، الباحث في الشأن الإيراني، إن الحوثي ينفذ الأجندة الإيرانية، الرامية إلى الضغط على دول الخليج، وتهديد السلم والأمن الإقليمي بهذه الميليشيا، لافتًا أن الأمر أكبر من السيطرة الحوثية على المحافظات اليمنية.

وتابع عليّ أن الشرعية والتحالف العربي يعرفان جيدا أن الحوثي يلتقط الأنفاس في هذه الهدنة، وأنّه سوف يعاود الهجمات العسكرية والعمليات الإرهابية متى تلقى الأوامر من إيران، ويستعدان لذلك جيدا.

ولفت الباحث في الشأن الإيراني، أن حالة الاضطراب العالمية ما بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، وما رافقها من تداعيات، أجبرت الجميع على هدنة، لترتيب الأوراق.