القوى السودانية تتفق على صيغة نهائية لإعلان سياسي وسط استمرار ضبابية الأزمة

  • 136
الفتح - القوى السودانية أرشيفية

توصلت القوى السياسية السودانية يوم الأحد الماضي –تحت رعاية السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا- إلى صيغة نهائية لإعلان سياسي تمهيدًا لحل الأزمة الحالية، وهذه الصيغة ملتزمة تمامًا بالاتفاق الإطاري الموقع بين القوى المدنية والجيش يوم 5 ديسمبر الماضي، وضمت حركتي "جبريل إبراهيم" و"مني أركو مناوي" اللتين ظلتا ترفضان الاتفاق الإطاري مدة تزيد على شهرين.

جرى التوصل لتلك الصيغة النهائية بعد عدة اجتماعات شارك فيها عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة ونائبه محمد حمدان دقلو، وشهدت الخرطوم حركة مستمرة خلال الأيام الماضية عقد فيها الكثير من الاجتماعات والمباحثات التي أجراها ستة مبعوثين دوليين من أمريكا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي وألمانيا والنرويج، مؤكدين دعمهم الاتفاق الإطاري وأنه أفضل أساس لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية. 

في هذا الصدد، قال الدكتور أبوبكر فضل، الأكاديمي السوداني والباحث في الدراسات السياسية والاستراتيجية، إن المشهد لا يزال معقدًا وغامضًا والاحتقان السياسي بارز بقوة، وداخليًا هناك اصطفاف جديد حول الوثائق السياسية الموقعة خاصة بين الاتفاق الإطاري ومشروع الوثيقة الوطنية الحاكمة للفترة الانتقالية كأحد نواتج ورشة القاهرة التي انعقدت في مطلع فبراير الجاري، وقد تحول المكون العسكري من محور الأزمة السياسية في الفترة السابقة إلى وسيط بين أهم كتلتين وهي (الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية، والحرية والتغيير - المجلس المركزي).

وأضاف أبوبكر لـ "الفتح" أن الخرطوم شهدت مؤخرًا زيارات مكوكية لمبعوثين غربيين وزيارات لوزراء خارجية الكيان الإسرائيلي وروسيا، وزيارة لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، كما شهدت حراكًا داخليًا كثيفًا للآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، وإيقاد) وسفراء الرباعية الدولية. وتم الاتفاق على إعلان سياسي جديد بوساطة المكون العسكري، وحتى الآن لم يوقع الإعلان بسبب الخلاف حول أطراف الإعلان السياسي، وترى "الحرية والتغيير-المجلس المركزي" إبعاد بعض العناصر من الاتفاق، في حين ترى "الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية" ضرورة شمول الاتفاق الجميع عدا حزب المؤتمر الوطني المنحل بالقانون منذ ٢٠١٩م.

وتابع: رفضت حركتا العدل والمساواة وتحرير السودان الاتفاق الإطاري لعدم شمولها لأطراف الفترة الانتقالية وأطراف أخرى مؤثرة في المشهد السياسي. وترفض الحركتان الدخول في الاتفاق الإطاري دون توسيعه وتعديله، وتقف مع هاتين الحركتين حركات مسلحة أخرى موقعة على اتفاق جوبا للسلام وقوى سياسية ومهنية وقيادات الإدارة الأهلية وزعماء الطرق الصوفية وشخصيات قومية وإعلامية وأكاديمية، وهناك قوى سياسية أخرى تعارض الاتفاق الإطاري بصيغته الحالية كحزبي "البعث العربي الاشتراكي" و"الشيوعي السوداني" وبعض لجان المقاومة، وثلاث كتل سياسية شاركت في نظام حكم البشير منها: التراضي الوطني، والحراك الوطني، والقوى الوطنية، إلى جانب التيار الإسلامي والمؤتمر الوطني المنحل.

أما عمار العركي، الكاتب والباحث السياسي السوداني، فيرى أن المشهد السياسي عمومًا تأثر سلبًا بالتدخلات الأجنبية والإقليمية في أعقاب التغيير السياسي الذي أطاح بنظام الإنقاذ؛ فاستغلت التدخلات الخارجية حالة السيولة والهشاشة السياسية والأمنية وباتت تتحكم في مجريات الأوضاع ضمن إطار تنافس وتسابق نحو تحقيق مصالحها في السودان.

وأضاف عمار لـ "الفتح" أنه فيما بعد تسبب الشركاء المتشاكسون في مزيد من السيطرة والتحكم الخارجي بأن لجأ الشريك المدني في صراعه مع المكون العسكري إلى الأمم المتحدة وطلب إرسال بعثة خاصة لحمايته تحت غطاء التيسير والمساعدة على عملية الانتقال، وسرعان ما رد المكون العسكري بأحداث 25 أكتوبر 2021م؛ مما زاد وتيرة التدخلات واتساع دائرة الأزمة وحدثت خلافات وانشقاقات داخل المكونين؛ حيث أفضى انقسام المدنيين إلى انفراد شق قوى (إعلان الحرية والتغيير -المجلس المركزي) الذي بات يمثل الطرف المدني والثوري، وظلت هناك معارضة ومناهضة المنشقين عنه (قوى إعلان الحرية والتغيير – التحالف الجذري) و(قوى إعلان الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية).

وأشار إلى أنه نسبة لخلافات مكتومة داخل المكون العسكري؛ تحالف نائب رئيس مجلس السيادة وقائد الدعم السريع (حميدتي) مع المدنيين ووقّع على الاتفاق الإطاري المدعوم دوليًا وإقليميًا بصورة منفصلة عن المكون العسكري. ومؤخرًا وبعد استشعار المجتمع الدولي والفاعلين في رسم المشهد السياسي إلى خطورة الأوضاع في ظل الحضور المصري والروسي كمنافسين لهم في المشهد السوداني، فطنوا مؤخرًا لخطأ (إغلاق وإقصائية الاتفاق الإطاري) وحصره على كيان المجلس المركزي دون الآخرين الفاعلين؛ فنادوا بتوسعة المشاركة وضغطوا على كل الأطراف من خلال اجتماع جامع دعا له المبعوثون الغربيون نتج عنه هذا الإعلان.

وتابع أن الوقت مبكر للحكم بجدية الأطراف الرئيسة خاصة "مناوي وجبريل" اللتين لديهما التزامات وتحالفات في إطار كيان تجمعه الكتلة الديمقراطية التي لا تعترف بها الحرية والتغيير المركزي، وتشترط مشاركة "مناوي وجبريل" في الاتفاق باسم حركاتهما بعيدًا عن الكتلة المتحالفة معهم.