السفير جمال طه: انقلابات مالي وبوركينا فاسو والنيجر موجة ثانية للتحرر الأفريقي

  • 34
الفتح - السفير جمال طه

قال السفير جمال طه، الدبلوماسي السابق والباحث في شؤون الأمن القومي،إنه في الجابون، وبعد دقائق من إعلان اللجنة الانتخابية فوز الرئيس علي بونجو بولاية ثالثة، بدأت بعد انتهاء حكم والده عمر بونجو الذي امتد 42 عامًا، أعلن ائتلاف من ضباط الجيش والشرطة والحرس الجمهوري الاستيلاء على السلطة، وإلغاء نتائج الانتخابات، وإغلاق الحدود، وحل الحكومة والبرلمان ووقف العمل بالدستور.

وأضاف طه عبر صفحته على "فيسبوك" أن النيجر سابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم، وثاني أكبر مورد للاتحاد الأوروبي عام 2022م، وفرنسا تسيطر على مناطق استخراجه، وتحصل منه على 35% من احتياجاتها لتشغيل محطاتها النووية التي تولد 70% من احتياجاتها من الكهرباء، والمجلس العسكري النيجري قرر وقف تصدير الذهب واليورانيوم لفرنسا والدول الأوروبية؛ مما يفاقم أزمة الطاقة فيهما، فضلًا عن الإجراءات العقابية ضد باريس، خاصة وقف بث قناة "فرنسا "24 التليفزيونية وإذاعة "فرانس أنتير"، وإلغاء جميع الاتفاقات العسكرية المُبرمة مع باريس. أما الجابون فهي عملاق النفط الأفريقي، إضافة للمنجنيز والذهب لكن الشركات الفرنسية تتولى احتكارها، إضافة لتمركز قاعدة عسكرية فرنسية فيها.

وأشار إلى أن إيمانويل ماكرون وضع نهاية لسياسة احتواء المستعمرات التي بدأها "ديجول" في ستينيات القرن الماضي، ومنح بموجبها استقلالا شكليًّا للمستعمرات، بعدها سقطت المستعمرات واحدة تلو الأخرى. وبعد شهور من انسحاب فرنسا من مالي، وأيام قليلة من طرد بوركينا فاسو للقوات الفرنسية، وإلغاء الاتفاق العسكري، خرج ماكرون بداية مارس عام 2023م، في جولة أفريقية شملت الجابون وأنجولا والكونغو "برازافيل" والكونغو الديموقراطية، باحثًا عن النفوذ في مناطق بعيدة عن المستعمرات الفرنسية السابقة بمنطقة الساحل المتمرد، وعرض استراتيجيته الأفريقية الجديدة «تعميق الشراكة بين فرنسا وأوروبا والقارة الأفريقية»، في محاولة للتغطية على النكسة التي لحقت بسياسته الخارجية، وانعكاساتها على الداخل الفرنسي.

وأكد أن انقلابات مالي وبوركينا فاسو والنيجر تذرعت بإعادة الأمن ومحاربة الجماعات الإرهابية، لكن الجميع يعلم أنها موجة ثانية للتحرر الوطني في القارة، لكن قادتها لا يمتلكون أدوات تحقيق الاستقرار؛ مما يفسر موجات تدفق اللاجئين والمهاجرين نحو بلدان شمال أفريقيا، خاصة مصر وتونس وليبيا طمعًا في الوصول لأوروبا، وهربًا من القادم الأسوأ. في الجهة المقابلة، سحبت فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي رعاياهم من النيجر، وعلقوا التعاون الأمني، وأوقفوا المساعدات لنيامي؛ ما دفع قادة الانقلاب للرد بإلغاء اتفاقيات التعاون العسكري مع فرنسا.