مصر تدرس العمل بنظام "المقايضة" للتغلب على أزمة الدولار

المزايا تلقى إشادة الخبراء.. وتحذيرات من التسعير

  • 38
الفتح - دولار أرشيفية

تدرس مصر إمكانية التعامل بنظام المقايضة مع بعض الدول كإحدى الأدوات المالية والتجارية للتغلب على أزمة نقص الدولار، والذي تتسبب في ارتفاع الأسعار مع النقص الكبير في السلع المستوردة، وهو ما رحب به العديد من الخبراء نظرًا للفوائد الكبيرة، لكنهم حذروا من عدة مشكلات أبرزها التسعير، إضافة إلى ضرورة تقييم البنوك المركزية للعملات المشتركة .

وكشفت تصريحات لوزير الخزانة الكيني نجوجونا ندونجو، عن دراسة مقايضة الشاي بسلع مصرية، فيما أشارت وسائل إعلام عالمية إلى أن الحكومة المصرية بدأت الاتجاه لنظام المقايضة مع إعلان انضمامها لتجمع بريكس، إذ تسعى لإقراره مع تركيا وكذلك الهند وروسيا.

وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أعلن ارتفاع حجم التبادل التجاري بين مصر وكينيا بقيمة 4.1% ليسجل 663.6 مليون دولار خلال عام 2022، وبلغت قيمة الصادرات المصرية إلى كينيا 355.7 مليون دولار، فيما ارتفعت قيمة الواردات المصرية من كينيا لتصل إلى 307.9 مليون دولار، كما بلغت الاستثمارات الكينية في مصر نحو 3.8 ملايين دولار"بحسب مركز لمعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء " سبتمبر 2023.

وأوضحت البيانات أن أهم مجموعات سلعية استوردتها مصر من كينيا خلال 2022 هي بن وشاي بقيمة 278.7 مليون دولار؛ بينما جاء الورق بالمرتبة الأولى للصادرات المصرية إلى كينيا بقيمة 43.4 مليون دولار ثم اللدائن ومصنوعاتها بقيمة 36.7 مليون دولار يليها السكر والمصنوعات السكرية بقيمة 34.5 مليون دولار ثم الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية ثم مصنوعات متنوعة.

ومن جهته، أرجع الدكتور محمود عبد الحي، أستاذ الاقتصاد الدولي، والعميد السابق لمعهد التخطيط القومي، هذا الاتجاه إلى البحث عن بدائل للعملة الصعبة "الدولار" في ظل تفاقم الأزمات العالمية الاقتصادية.

ولفت "عبد الحي" إلى أن الحروب والأزمات لها تداعيات على باقي القطاعات وتؤثر بما لا يدع مجالاً للشك على اقتصادات الدول الكبرى والناشئة، مشيرًا إلى أن إفريقيا تمتلك قدرات اقتصادية هائلة وتحاول مصر القيام بدور إيجابي في التعاون مع دول القارة وذلك في كل المجالات من أهمها التعاون الاقتصادي، على سبيل المثال كينيا تعد إحدى أهم الدول المنتجة والمصدرة للشاي الأسمر في العالم لكنها تعاني من ارتفاع التضخم وخفض العملة بنحو يزيد عن 18% خلال الأشهر القليلة الماضية.

تابع: في المقابل مصر لديها قطاعات واعدة ومؤثرة اقتصاديًا مثل اللدائن والورق والصناعات الغذائية والسكرية والألبان والقطاع الدوائي، إضافة إلى الأجهزة الكهربائية والأسمدة والبتروكيماويات والمنسوجات والتي تمثل أحد دعائم الصادرات المصرية إلى الخارج.

وأكد أنه يمكن التعامل من خلال هذه الصناعات مع البلدان الإفريقية بالمقايضة وإقامة معارض مشتركة بين الشركات المنتجة والمصدرة والمستوردة، وليكن ذلك على مستوى التجار والشركات غير الحكومية كمرحلة أولى، ثم تنفيذها على مستوى الحكومات كمرحلة لاحقة، على أن يكون ذلك وفق رؤية البنك المركزي المصري باعتباره الجهة المنظمة والضامن لعملية المقايضة.

وشدد  أستاذ الاقتصاد على ضرورة العمل على وجود حل ورؤى مشتركة ومتوافقة للتغلب على صعوبة توافق رغبات البائعين بنظام المقايضة، كذلك العمل على إيجاد وحدة تسعير مشتركة لقياس السلعة والخدمات المقدمة بين الأطراف المعنية، وتحديد قيمة كل سلعة مقابل السلعة الأخرى، بحيث لا يتم بشكل مبالغ فيه نظرًا لشدة الطلب عليه كـ "الشاي" مثلاً مقابل قدر معين من الغذاء، وأعني من ذلك عدم الاحتفاظ بالقدرة الشرائية للسلعة المطلوبة، وإنما تخضع لعوامل العرض والطلب صعودًا أو هبوطًا.

إلى ذلك اعتبر الأكاديمي سانتينو آجوك من جنوب السودان، والذي أشاد بالفكرة مؤكدًا أنه ينقصها فقط التنفيذ وتطورها بين الدول لمواجهة النفوذ الدولي وتغول الدولار، وهو ما أدى سلبًا إلى تراجع اقتصادات الدول الناشئة وزيادة الأسعار وارتفاع معدلات البطالة والإقبال على الهجرة غير الشرعية بين الشباب وذلك في ظل التحديات الاقتصادية الهائلة التي تواجهها إفريقيا، لافتًا إلى أن انضمام مصر إلى مجموعة بريكس سيعزز من الأدوات الاقتصادية ومن بينها العمل بالمقايضة، كما يُسهم في جذب الاستثمارات بين دول القارة، إضافة إلى تحقيق مزيدّا من فرص العمل.

وثمن آجوك هذا التوجه خاصة وأن أغلب الدول الإفريقية تنتج المواد الخام والحاصلات الزراعية مقابل مواد صناعية تنتجها مصر وهذا قد يُسهم في تشجيع التجارة البينية بين دول القارة.

بينما يرى جاستين جاكوب عضو جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، أن فكرة مقايضة البضائع متعارف عليها ففي السودان كنا نقايض الملح مقابل اللحوم بين كل من إريتريا واليمن ونبادلهم بالمواشي، بالتالي الفكرة متاحة يمكن الاستعانة بها وتنميتها لتنشيط التجارة بين الدول وتحفيز كثير من الشباب إلى العمل مما يسهم في تطوير مناطق تبادل حر بين دول القارة، ويشير جاكوب إلى ضرورة تنظيم عملية المقايضة وتحديد قوائم السلع المسموح التعامل بها.