مختار غباشي لـ"الفتح": أمريكا منزعجة من التعاون العربي الصيني .. وهناك ميل أفريقي تجاه بكين

لا بد أن تتمتع الحكومات الأفريقية ببراعة وحنكة إدارية تمكنها من الاستفادة من الصراع الأمريكي الصيني

  • 16
الفتح - د. مختار غباشي أمين عام لمركز الفارابي للدراسات السياسية

قال الدكتور مختار غباشي، الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن زيارة الصين للسعودية واجتماعها بقادتها وقادة دول مجلس التعاون الخليجي ثم القادة العرب وفرت شكلًا من أشكال التعاون الاستراتيجي بين الصين والعديد من الدول العربية، وصل إلى 20 دولة؛ وهذا سبب إزعاجًا كبيرًا لأمريكا.

وأضاف غباشي في تصريح خاص لـ"الفتح" أنه بعد ذلك مباشرة دعا جو بايدن 49 دولة من دول القارة الأفريقية إلى بلاده، وخصص 100 مليار دولار دعمًا ومساعدات للقارة ومشروعات استثمارية واقتصادية؛ وهذا الأمر يأتي ضمن حلقة صراع أكبر بين الصين وأمريكا، وهذا الصراع سيستمر والأمر سيخضع في النهاية للدول الأفريقية من ناحية اختيار أيهما سيكون مريحا للقارة، وحاليا يوجد ميل أفريقي ناحية الصين؛ فلا يزال العالمين العربي والأفريقي ودول كثيرة أيضًا على مستوى العالم تنظر إلى أمريكا والغرب بالتحديد باعتبارهم دول استعمارية في المقام الأول، تبتز وتستنزف مواردهم على حساب أمور كثيرة جدًّا من ضمنها التحكم في القرار السياسي والسيادي لهذه الدول، وتلك مسألة بدأت العديد من دول القارة تفطن إليها مؤخرًا؛ ولذلك حدثت سلسلة من الانقلابات العسكرية في الكثير من الدول الأفريقية لا سيما ضد فرنسا تحديدًا، وبطبيعة الحال على الولايات المتحدة الأمريكية.

وأشار إلى أن كل دولة من هؤلاء تحاول تمرير استثماراتها عبر "طريق الحرير" الصيني، وإذا كانت أمريكا تحاول تتحدث عن مشروع ميناء "لوبيتو" الأنجولي أو الطريق الشرقي أو غيره من تلك المشروعات، بديلًا عن الطريق الشرقي الموجود في تنزانيا؛ فكل هذه المشرعات غرضها احتواء التدخل الصيني والتحكم فيه عن طريق فرض جزء من المشروعات ترى واشنطن أنه يخدم مصالحها أو يحقق أغراضها السياسية والاقتصادية والاستثمارية بصرف النظر عن "لوبيتو" أو الطريق الشرقي أو طريق الحرير الذي تتكلم عنه بكين، فكل تلك المشروعات في النهاية تخدم مصالح القوى العظمى التي من الصعب أن "تكتب شيكات على بياض"؛ فهذه القوى الكبرى تريد الاستثمار وتنمية الاقتصاد وتريد التحكم السياسي، لكن قدر هذا التحكم هو الذي يحكم إرادة الدول في التعامل مع هذا الأمر خصوصًا إذا مس القرار والسيادة السياسية للبلاد، واستنزاف الموارد بغرض التحكم فيها اقتصاديا واستثماريا؛ ولذلك توجد صحوة قومية مؤخرًا في العديد من دول العالم خاصة القارة الأفريقية، ونتمنى أن يكون ذلك موجودًا في العالم العربي الذي لا يزال يتجه –بشكل أو بآخر- ناحية دول بعينها على حساب مقدراته في معظم الأحوال، والعالم العربي مخطئ في كثير من استثماراته داخل أمريكا والغرب.

وتابع أن الدول الأفريقية تستفيد من هذا الصراع القائم بين أمريكا والغرب من ناحية، والصين من الناحية الأخرى، أنها تفطن إلى أيهما أصلح وأفضل لها وتتعامل معه في نطاق ذلك، طالما كل الدول تتصارع لفرض الاستثمارات أو الوجود الاقتصادي أو لبناء بنية تحتية، في النهاية الدول تقدر مصالحها وتختار الأفضل لها، وبراعة الدول الأفريقية لا بد أن تُترجم من خلال كيفية استثمار هذا الصراع لخدمة بناء هيكلي لها، وخدمة قوة اقصتادية استثمارية وقواعد بنية تحتية، وفي النهاية تبدأ التحلل من هذا الوجود أو ذاك الاستثمار ثم تنطلق بذاتها كقوة اقتصادية استثمارية أو قوة سياسية لها إرادتها الحرة المستقلة، وتلك براعة سياسية واقتصادية وحنكة إدارية، والدول التي صعدت تعاملت مع هذا الأمر ببراعة شديدة، ولدينا نماذج لذلك كالبرازيل وماليزيا وإندونيسيا وبوروندي استثمرت علاقتها بدول كبرى ثم كان لها خطٌّ وإرادة مستقلة تسير من خلالهما وابتعدت تمامًا عن هيمنة تلك الدول عليها.