ليس من بينها عودة الأرض.. روسيا تبدي رغبة في التفاوض مع أوكرانيا بشروط أقسى

خبراء: الحرب تحولت للاستنزاف.. وموسكو لن تتخلى عن مكاسبها

  • 14
الفتح - أرشيفية

لا يزال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يناور بقوة ويحقق ما يريده فقط من الحرب بأوكرانيا، بحسب ما يراه محللون سياسيون، وذلك على خلفية تصريحاته الأخيرة في اجتماع موسع لمجلس وزارة الدفاع الروسية، بأن موسكو مستعدة للتفاوض مع كييف وواشنطن وأوروبا بشرط مراعاة مصالح روسيا فقط، واستبعاده إعادة ما أخذته بلاده بما فيها شبه جزيرة القرم، كرسالة صريحة لأمريكا ومن خلفها الغرب.

من جهته، حاول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن حفظ ماء الوجه، فصرح بأنه لكي تعود العلاقات الأمريكية الروسية لا بد من إطلاق سراح رعايا بلاده المحتجزين في روسيا، وسحب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية، واحترام سيادتها، وكذلك إجراء مفاوضات حول ما تطرحه كييف من شروط.

في هذا الصدد، قال أسامة الدليل، المحلل السياسي: مع اقتراب نهاية العام الثاني من الحرب الأوكرانية، حدث تمامًا ما ذهبت إليه التوقعات بأن الحرب ستتحول إلى الاستنزاف، والعالم الغربي كله بات يعاني من أزمة ذخيرة، والمعدات التي ذهبت إلى أوكرانيا تم تدميرها وخسرت الكثير من المعدات سمعتها ذائعة الصيت؛ مثل دبابات ليوبارد، وإبرامز، وبرادلي، وغيرها. 

وأضاف الدليل لـ "الفتح" أنه تم استنزاف الاقتصادات الغربية، وبلغ التضخم في أوروبا مستوى لا يطاق، خاصة مع رفع أسعار الفائدة؛ مما دفع الكثير من الخبراء لتوقع كساد مؤكد في 2024، ولم يكن مباغتًا في الحقيقة انخفاض وتيرة الدعم الغربي لأوكرانيا، ومع الحرب في غزة وتدخل أذرع إيران في إرباك حركة التجارة العالمية حول باب المندب، وتحول السفن إلى رأس الرجاء الصالح لتفادي البحر الأحمر؛ ستُفضي الأمور إلى مزيد من الاضطراب في سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن؛ وبالتالي زيادة الطلب على النفط والغاز، ونحن ندخل موسم الشتاء القارس في أوروبا. كل ذلك من شأنه أن يعقد أي محاولة للغرب في دعم أوكرانيا لمواصلة الحرب، ناهيك عن رفض الكونجرس الأمريكي إمداد كييف بالمزيد من المليارات اللازمة لدعم صمود الدولة الأوكرانية، واتجاه واشنطن إلى توجيه المزيد من الدعم العسكري والمادي لتل أبيب بدلًا من كييف.

وتابع: هنا يأتي عرض بوتين إلى الغرب بإمكانية استئناف المفاوضات لكن بشرط تحقيق مصالح بلاده فقط، الذي أصابه الإنهاك بعد عامين من الدعم الذي لم يحقق شيئًا، والعقوبات الاقتصادية بعشرات الآلاف التي لم تضعف موسكو، بالعكس حققت لها وفورات في الميزان التجاري، بخلاف تدفق النفط الروسي إلى الصين والهند؛ كل ذلك لا بد من وضعه في الحسبان أمام الرأي العام الغربي الذي لا بد أن يحاسب قادته على النتائج.

في حين يرى الدكتور مختار غباشي، الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن موسكو مستعدة للتفاوض، وتواترت أنباء عن اجتماع بين وزيري الدفاع الروسي والأوكراني، وقيل إنه جمع بينهما أكثر من لقاء بعلم قيادة البلدين، وخلال تلك اللقاءات أُرسلت رسالة روسية لأوكرانيا بأن مناطق: (لوهانسك، دونيتسك، شبه جزيرة القرم، خيرسون، زابوروجيا) صارت ضمن الأملاك الروسية ومن الصعب التخلي عنها، وأن تكون أوكرانيا منزوعة السلاح؛ بمعنى أن التفاوض كان دائرًا حول هذا الإطار.

وأضاف غباشي لـ "الفتح": علينا إدراك أن روسيا لن تستطيع التفريط في أوكرانيا مهما ضغطت واشنطن ومن خلفها العالم الغربي، وسيصل الغرب في نهاية الأمر إلى قناعة بأن روسيا دولة كبيرة جدًّا ولن تتأثر بالعقوبات أو مثل هذه الأمور. 

 وتابع أنه بشأن تصريح وزير الخارجية الأمريكي، فإن هذا الكلام لا يُعول عليه كثيرًا لأن واشنطن تعي جيدًا خصوصية وحساسية هذا الأمر بالنسبة للروس، لا سيما أنه منذ سنوات طويلة في عام 2008م تحديدًا دار نقاش بين الرئيس الروسي الحالي فلاديمير وبوتين وبين الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن حول أوكرانيا، وقال بوتين وقتذاك "إن أوكرانيا هبة السماء للروس، وصعب جدًّا التخلي عنها".