كيف يستفيد الاقتصاد المصري من الجنيه الرقمي؟

  • 18
الفتح - أرشيفية

تترقب الأسواق حاليا ظهور تفاصيل جديدة حول الجنيه الرقمي، في ظل الحاجة الملحة له، مع توجه الدولة ناحية الاقتصاد الرقمي والتعامل اللانقدي، واعتماد القطاع المصرفي على تطوير الخدمات الرقمية باستمرار وتنافس للوصول لأداء أفضل، وتولي الحكومة والبنك المركزي المصري اهتماما كبيرا بالاتجاه إلى التحول الرقمي وربط كل التعاملات مع الشركات والأفراد بالمعاملات الإلكترونية، وتقليل الاعتماد على الكاش فى ظل منظومة التحول الرقمي.

وأعد البنك المركزي المصري دراسة لإصدار الجنيه الرقمي، وذلك بالتعاون مع صندوق النقد والبنك الدولي؛ لتعزيز التحول إلى الاقتصاد الرقمي وتوسيع نطاق المدفوعات الإلكترونية الفورية بين الأفراد والشركات دون الحاجة للوساطة.

يأتي إصدار العملة الرقمية في مصر ضمن مساعي الحكومة لزيادة الشمول المالي وتوسيع نطاق المدفوعات الإلكترونية؛ إذ أطلقت الدولة شبكة المدفوعات اللحظية في مارس 2022، وهي منظومة وطنية تربط جميع البنوك العاملة داخل مصر ببنية تحتية رقمية.

وتستهدف مصر إطلاق عملة رقمية صادرة عن البنك المركزي المصري ممثلة في الجنيه الرقمي بحلول 2030 لتعزيز تنافسية العملة الوطنية وزيادة كفاءة السياسة النقدية، والعمل على استغلال الفرص التي يتيحها التحول الرقمي على صعيد مواصلة تطوير القطاع المالي المصري وزيادة مستويات كفاءة السياسة النقدية، بحسب ما جاء في الوثيقة الصادرة من مجلس الوزراء بشأن "ملامحَ التوجهاتِ الاستراتيجية للاقتصادِ المصري خلال الفترةِ 2024- 2030".

ويسعى البنك المركزي المصري إلى تطوير القطاع المالي المصري واستغلال الفرص التي يتيحها التحول الرقمي لرفع نسبة الشمول المالي إلى 100% بحلول 2030 ممثلة في الخدمات المالية ونظم الدفع الرقمي، وتخطط مصر رفع عدد المحافظ المالية الرقمية إلى نحو ثمانيين مليون محفظة رقمية بحلول 2030 لدعم النمو الاقتصادي الاحتوائي، كما ارتفع إجمالي عدد المحافظ الذكية إلى 36 مليون محفظة بنهاية سبتمبر الماضي، وفق آخر بيانات للبنك المركزي.

ويربط تطبيق «إنستا باي» الحسابات لدى البنوك المختلفة، التي يمكن أن تستخدم الجنيه الرقمي؛ حيث قفز عدد عملاء «إنستا باي» إلى 71% خلال آخر 5 أشهر إلى 6.5 مليون عميل العام المنصرم، مقارنةً مع 3.8 مليون عميل في يونيو الماضي، وبلغ حجم المعاملات عبر التطبيق إلى 650 مليار جنيه.

الجنيه الرقمي

قالت الدكتورة سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر السابق، الجنيه الرقمي عبارة عن نسخ رقمية من النقود الورقية التي تصدرها البنوك المركزية وتنظم العمل بها، موضحة أن كل بنك مركزي لكل دولة ينشئ عملة خاصة به لتنطيم العمل بين البنوك المركزية حول العالم من خلال استخدام العملات الرقمية.

وأضافت "الدماطي" في تصريحات صحفية، أن مصر تحتاج إلى العملة الرقمية لتحقيق الشمول المالي والتحول الرقمي في ظل التطورات العالمية السريعة، وإصدار عدد كبير من الدول لعملات رقمية مكملة للعملات الورقية، حتى الاعتماد بشكل أكبر على التعامل الالكتروني بين البنوك والشركات والأفراد.

ولفتت إلى أن الأفراد والشركات تجرى معاملاتها المالية من خلال تطبيقات عبر الهاتف باستخدام محافظ رقمية، لكن دون التخلى عن النقد الأجنبي؛ حيث نحتاج إلى تعاملات نقدية؛ أي أنك من المفترض أن تذهب للبنك لكي تضع مبالغ نقدية في الحساب لتتمكن من تحويلها، أما فى حالة الجنيه الرقمي يتم وضع طرق لوضع نقود وتحويها دون الحاجة للنقود الورقية.

تكامل المنظومة الرقمية

وأكدت أن خطوة إنشاء بنوك رقمية التي أقدمت عليها بعض البنوك للحصول على رخص إنشائها، ستتكامل بشكل كبير مع العملة الرقمية التي ستلغي فكرة التعاملات النقدية وعمليات السحب والإيداع بالنقد الورقي.

مواكبة المجتمع الدولي

وقال طارق حلمي، الخبير المصرفي، إن التعامل بالعملة الرقمية من شأنه أن يواكب المجتمع العالمي ويحد من التعاملات بالكاش، التي بدورها تحد من ارتفاع التضخم والقضاء على السوق الموازية للاقتصاد، وكذلك القضاء على السوق السوداء، وضبط سعر الدولار، موضحا أنه  يحد من المشكلات داخل الاقتصاد القومي، ويدعم التوجه العالمي نحو استخدام العملات الرقمية.

وأضاف حلمي، في تصريحات صحفية، أن المعاملات المالية تضم معاملات تقليدية بالكاش وأخرى معاملات مميكنة عن طريق ماكينات الصراف الآلي، والمعاملات الرقمية عن طريق التطبيقات الإلكترونية المتاحة على الهواتف الذكية، وهي التي تحتاج إلى العملة الرقمية لتكون عملية الدفع كاملة رقمية.

وأشار إلى أن العملة الرقمية هي الخطوة المكملة لخطة الدولة في التحول الرقمي، مشيرا إلى أن الدولة تمتلك حاليا الأدوات والبنية التحتية التي تساعدها على ذلك، منها التطبيقات الالكترونية واسعة الانتشار وعلى طريق إطلاق بنوك رقمية، وكان لزاما إيجاد عملة رقمية للاعتماد عليها لاستكمال المنظومة.

قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي, ونائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية, إن اعتزام الدولة إطلاق عملة رقمية (وهي الجنيه الرقمي) بحلول عام 2030, تمثل خطوة مهمة وتتماشى مع اتجاه الدولة للتحول للاقتصاد الرقمي وتعزيز الشمول المالي، وتوسيع نطاق المدفوعات الإلكترونية في ظل بناء الجمهورية الجديدة, تماشيا مع التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم, مضيفا أن الجنيه الرقمي يعمل على تحسين الكفاءة المالية وتقليل التعامل بالعملة النقدية فيعمل على زيادة عدد العملاء المتعاملين بالبنوك.

نسخة إلكترونية رقمية 

وأوضح غراب، في تصريحات صحفية، أن الجنيه الرقمي عبارة عن نسخة إلكترونية رقمية من الجنيه النقدي وله نفس القيمة، وسيكون عمله رسمية مدعومة من البنك المركزي على هيئة رقمية سيتاح استخدامه على الهاتف المحمول وكافة الأجهزة الالكترونية, مضيفا أن الجنيه الرقمي يمكن استخدامه في العمليات الرقمية المتمثلة في الشراء عبر شبكة الإنترنت ودفع الفواتير والتجارة الالكترونية بكافة تخصصاتها، وتحويل الأموال وغيرها، موضحا أن إصدار الجنيه الرقمي يسهم في منع تداول العملات المشفرة ذات المخاطر الكبيرة.

العملات الرقمية والمشفرة

وأكد أن هناك فارقا بين العملات الرقمية الرسمية والعملات المشفرة؛ لأن المشفرة ليس لها قيمة حقيقية وتعتبر مجهولة المصدر ويصعب السيطرة عليها وليس لها قيمة حقيقية, بينما العملة الرقمية آمنة ويصعب تزويرها ولها غطاء في البنك المركزي, راصدا مميزات الجنيه الرقمي أنه ييسر عمليات التحويل المالي بين الأشخاص والشركات في أي مكان بالعالم وفي أسرع وقت، وسيخضع لرقابة البنك المركزي, موضحا أنه من المتوقع أن يلعب الجنيه الرقمي دورا مهما في الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة لأنه سيعزز من الشمول المالي والتجارة الالكترونية.

ولفت إلى أنه يمكن للأفراد الاستفادة من الجنيه الرقمي وذلك بحيث يكون لديهم حسابات في البنوك، موضحا أن الجنيه الرقمي يتمتع بأعلى مستويات الأمان, ويتميز بأنه يوفر استخدام الورق المستخدم في طباعة النقود الورقية، وهذا يقلل من تكاليف الطباعة والنقل والتوزيع, كما أنه يمنع نقل الأمراض، ويقلل الأضرار والتأثيرات السلبية على البيئة، ويصعب تزييفه وتزويره، موضحا أن هناك 100 عملة رقمية في العالم تصدر عن بنوك مركزية في دول العالم، وتنظم البنوك المركزية العمل بها؛ لذلك لا تشهد تقلبات مثل العملات المشفرة.