يومًا تلو الآخر، تتدهور الأوضاع في السودان مع استمرار الحرب بين الجيش الوطني وميليشيا الدعم السريع، التي تستمر في ارتكاب جرائم بالمدن والولايات من عنف وقتل وتخريب وسرقة واغتصاب، وهو ما يؤجج مخاوف التقسيم، خاصة مع ظهور بوادر التئام مصالح الميليشيا المتمردة مع القوى المدنية الداخلية والقوى الأجنبية التي تساند الميليشيا عسكريًا وماديًا.
وعززت اللقاءات المتواصلة بين قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو والقوى الداخلية والخارجية هذه المخاوف، وهو ما اتضح جليًا في رفض رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان اللقاء مع حميدتي، كما قرر أيضًا تجميد عضوية البلاد في منظمة إيجاد ووقف التعامل معها، وذلك بعدما اتخذت المجموعة قرارات بشأن السودان ووضع أزمتها على قائمة مناقشات قمة كمبالا في أوغندا دون الرجوع للجيش السوداني أو مجلس السيادة بالإضافة إلى لقاءات إيجاد المتكررة بقائد الدعم السريع بل ودعوته للقمة وهو ما اعتبره الجيش السوداني إضفاء شرعية لقائد جماعة متمردة وأن ذلك لم يحدث من قبل في أي مؤسسة إقليمية أو دولية.
وتشهد الولايات السودانية جرائم وفظائع جمَّة ضد الشعب السوداني ومؤسسات الدولة أبرزها السرقة والقتل والاغتصاب وتهجير مواطنين من عدة قرى بشكل مذل، بجانب انتشار الأمراض والفقر وانهيار أغلب المؤسسات الصحية والعلاجية نتيجة الحرب التي خلَّفت قرابة 15 ألف قتيل وشردت نحو 8 ملايين سوداني وتركت 4.9 ملايين على شفا مجاعة وانتشار الكوليرا والأمراض الوبائية في 9 ولايات بالسودان من أصل 18 ولاية حتى تخطت مرحلة الرصد لكثافة انتشارها، وتوقف أكثر من 19 مليون طالب عن الدراسة، وفقد 4 ملايين عامل وظائفهم وانهيار الاقتصاد السوداني بشكل عام.
وأمام هذا الواقع المؤلم يرى خبراء أن السودان يواجه 3 سيناريوهات ما بين الرضوخ للضغوط الإقليمية والدولية ولقاء قائد الدعم السريع وإعطائه شرعية أو تأخير أكثر في التعاطي مع الضغوط الداخلية والخارجية، أو تعقيد الأمور أكثر لمواجهة الميليشيا المتمردة وإقحام المقاومة الشعبية في القتال.
وتعقيبًا على هذه الأوضاع، ثمّن والي البحر الأحمر بالسودان مصطفى محمد نور محمود، العلاقات بين مصر والسودان عبر التاريخ، مؤكدًا أنه لا يستطيع أحد أن يشكك في قوتها أو يؤثر سلبًا فيها، داعيًا رجال الأعمال المصريين إلى الاستثمار في السودان للتغلب على الأوضاع الحالية واستغلال العلاقات الشعبية بين البلدين، مؤكدًا أن الوضع في بعض الولايات مثل بورتسودان آمن ومستقر.
وبعث والي البحر الأحمر رسالة يُطمئن فيها المصريين بأن بعض الولايات خاصةً في الشمال والشرق آمنة، داعيًا رجال أعمال المصريين بعدم التخوف واتخاذ قرار دعم الاقتصاد السوداني، معربا عن أمله في النهوض بقطاع النقل البحري بين الولاية ومدن وموانئ السويس والغردقة وسفاجا والعين السخنة، وعمل توأمة بين ولاية البحر الأحمر والمدن والموانئ المصرية، أسوة بما بين ولاية البحر الأحمر بالسودان ومدينة طنجة بالمملكة الغربية.