عاجل

تدهور الأوضاع في السودان يؤجج مخاوف التقسيم

البرهان يجمد عضوية السودان في "إيجاد".. والوباء أكبر من الرصد

  • 19
الفتح - السودان

يومًا تلو الآخر، تتدهور الأوضاع في السودان مع استمرار الحرب بين الجيش الوطني وميليشيا الدعم السريع، التي تستمر في ارتكاب جرائم بالمدن والولايات من عنف وقتل وتخريب وسرقة واغتصاب، وهو ما يؤجج مخاوف التقسيم، خاصة مع ظهور بوادر التئام مصالح الميليشيا المتمردة مع القوى المدنية الداخلية والقوى الأجنبية التي تساند الميليشيا عسكريًا وماديًا.

وعززت اللقاءات المتواصلة بين قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو والقوى الداخلية والخارجية هذه المخاوف، وهو ما اتضح جليًا في رفض رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان اللقاء مع حميدتي، كما قرر أيضًا تجميد عضوية البلاد في منظمة إيجاد ووقف التعامل معها، وذلك بعدما اتخذت المجموعة قرارات بشأن السودان ووضع أزمتها على قائمة مناقشات قمة كمبالا في أوغندا دون الرجوع للجيش السوداني أو مجلس السيادة بالإضافة إلى لقاءات إيجاد المتكررة بقائد الدعم السريع بل ودعوته للقمة وهو ما اعتبره الجيش السوداني إضفاء شرعية لقائد جماعة متمردة وأن ذلك لم يحدث من قبل في أي مؤسسة إقليمية أو دولية.

وتشهد الولايات السودانية جرائم وفظائع جمَّة ضد الشعب السوداني ومؤسسات الدولة أبرزها السرقة والقتل والاغتصاب وتهجير مواطنين من عدة قرى بشكل مذل، بجانب انتشار الأمراض والفقر وانهيار أغلب المؤسسات الصحية والعلاجية نتيجة الحرب التي خلَّفت قرابة 15 ألف قتيل وشردت نحو 8 ملايين سوداني وتركت 4.9 ملايين على شفا مجاعة وانتشار الكوليرا والأمراض الوبائية في 9 ولايات بالسودان من أصل 18 ولاية حتى تخطت مرحلة الرصد لكثافة انتشارها، وتوقف أكثر من 19 مليون طالب عن الدراسة، وفقد 4 ملايين عامل وظائفهم وانهيار الاقتصاد السوداني بشكل عام.

وأمام هذا الواقع المؤلم يرى خبراء أن السودان يواجه 3 سيناريوهات ما بين الرضوخ للضغوط الإقليمية والدولية ولقاء قائد الدعم السريع وإعطائه شرعية أو تأخير أكثر في التعاطي مع الضغوط الداخلية والخارجية، أو تعقيد الأمور أكثر لمواجهة الميليشيا المتمردة وإقحام المقاومة الشعبية في القتال.

وتعقيبًا على هذه الأوضاع، ثمّن والي البحر الأحمر بالسودان مصطفى محمد نور محمود، العلاقات بين مصر والسودان عبر التاريخ، مؤكدًا أنه لا يستطيع أحد أن يشكك في قوتها أو يؤثر سلبًا فيها، داعيًا رجال الأعمال المصريين إلى الاستثمار في السودان للتغلب على الأوضاع الحالية واستغلال العلاقات الشعبية بين البلدين، مؤكدًا أن الوضع في بعض الولايات مثل بورتسودان آمن ومستقر.

وبعث والي البحر الأحمر رسالة يُطمئن فيها المصريين بأن بعض الولايات خاصةً في الشمال والشرق آمنة، داعيًا رجال أعمال المصريين بعدم التخوف واتخاذ قرار دعم الاقتصاد السوداني، معربا عن أمله في النهوض بقطاع النقل البحري بين الولاية ومدن وموانئ السويس والغردقة وسفاجا والعين السخنة، وعمل توأمة بين ولاية البحر الأحمر والمدن والموانئ المصرية، أسوة بما بين ولاية البحر الأحمر بالسودان ومدينة طنجة بالمملكة الغربية.

وقال الدكتور عبدالعزيز النجار عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، إن ما يحدث في السودان تحت مسمى الحرية واستعادة الكرامة والحقوق، ما هي إلا مزاعم لبعض العصابات والميليشيات المدعومة من الخارج وبعض من يريدون تحقيق مصالح شخصية، مضيفًا أن الأوضاع في السودان ترجمة فعلية وواقعية للأجندات الغربية التي تريد تقسيم الدول العربية ومنها السودان إلى دويلات صغيرة متناحرة متقاتلة ولذلك يثيرون الفتن في السودان وجميع البلاد العربية. 

وأكد عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف في تصريح لـ "الفتح" أن ما يحدث في السودان خروج على شريعة الإسلام، مستنكرًا استغلال ميليشيا الدعم السريع القوة المخولة إليها لدفع الضرر عن البلاد إلى إلحاق الأذى والضرر بالبلاد، مضيفًا أنه بدلًا من الدفاع عن وطنهم مزقوه وهجروا أبناءه وسرقوا أمواله واستحيوا نساءهم وحولوا البلاد من أنهار تدر الخير إلى برك دماء وخراب ودمار.

وأوضح النجار أن ميليشيا الدعم السريع، ينطبق عليهم قول الله  عز وجل: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ "المائدة، مشيرًا إلى أن الله عز وجل خلقنا أمة واحدة أمة متماسكة مترابطة، وأمرنا أن نعتصم بحبله ولا نتفرق ونذكر نعمته علينا، مبينًا أن الفرقة شر وتمزق وخراب ودمار وتقسيم للأوطان وتعطي الفرصة للمتربصين بأمة الإسلام أن ينالوا منها بعد أن تحطمت على وحدتهم الأعداء على مدى قرون مضت. 

ونصح عضو فتوى الأزهر أمة الإسلام في السودان أن يعودوا إلى رشدهم ويحكموا كتاب ربهم وسنة نبيهم وأن يجعلوا وحدة الوطن والحفاظ على مقاصد الشريعة الإسلامية من المال والوطن والعقل والدين هدفًا يسعوا إلى تحقيقه من أجل إرضاء الله والحفاظ على الوطن، مضيفًا: "وإلّا ماذا تصنعون بوطن ممزق مشرد أهله؟".

ووجه النجار رسالة لكل من يُحرض ويدعم ميليشيا الدعم السريع ماليًا ومعلوماتيًا وعسكريًا وسياسيًا وماديًا، أن الدائرة ستدور عليكم وأنهم ليسوا في مأمن من مكر الله عز وجل، واعظًا من يشعلون الأوضاع ويدعمون المتمردين بأنه أولى لهم أن يسعوا إلى تهيئة السودان إلى السلام وجعله بردًا وسلامًا على أهله، مشددًا على أن كل من يدعم أو يشارك ميليشيا الدعم السريع في تمرده وعدوانه وانتهاكاته "آثم وسيلقى عقاب وعذاب وآلام تلك الدماء التي سالت وجعلها الله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم محرمة، مشددًا على أن أمن الوطن مقدم على كل شيء، مضيفًا: "ولذا على السودانيين أن يمدوا أيديهم إلى الصلح والوحدة والترابط على كتاب الله وسنَّة رسول الله صلى عليه وسلم وأن يكونوا نارًا على أعدائهم.