وسط لقاءات سرية بين قيادات الجيش وشقيق "حميدتي".. الأزمة الإنسانية في السودان تتفاقم بشكل سريع

  • 26
الفتح - السودان

وسط مخاوف تتأجج في ظل الحرب وزيادة معاناة الشعب السوداني واستمرار جرائم ميليشيات الدعم السريع التي كان آخرها قصف أبراج الاتصالات، وتزامنًا مع اعتقال الجيش السوداني لضباط في إدارة العمليات بتهمة التخطيط للانقلاب؛ أعلنت مصادر أبرزها رويترز لقاء بعض قادة الجيش السوداني ميليشيا الدعم السريع 3 مرات في البحرين خلال شهر يناير الماضي، بحضور مسؤولين من مصر والإمارات والولايات المتحدة والسعودية للتوسط من أجل وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق سياسي لإنهاء الحرب.

ومثَّل الجيش السوداني اللواء شمس الدين كباشي، نائب القائد العام للقوات المسلحة، ومن ميليشيات الدعم السريع حضر عبد الرحيم دقلو شقيق محمد حمدان دقلو قائد ميليشيا الدعم السريع، واتفق الطرفان على إعلان مبادئ يشمل الحفاظ على وحدة السودان وجيشه، وإجراء مزيد من المحادثات لمناقشة وقف إطلاق النار.

ورغم تأكيد رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة بالسودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أن البحث عن حلول من داخل الوطن وليس خارجه، مؤكدًا عدم قبول أي مبادرة من منظمة الإيجاد باعتبارها غير معنية بالشأن السوداني -وفق قوله-، إلّا أن رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، سافر إلى جنوب السودان تلبية لدعوتها من أجل محاولة عقد لقاء بين البرهان وحميدتي وفقًا لتوصيات منظمة إيجاد.

وتسوء الأوضاع في السودان مع استمرار جرائم ميليشيات الدعم السريع في المدن والولايات من عنف وقتل وتخريب وسرقة واغتصاب، بجانب انتشار الأمراض والفقر وانهيار أغلب المؤسسات الصحية والعلاجية نتيجة الحرب التي خلَّفت قرابة 15 ألف قتيل وشردت نحو 8 ملايين سوداني وتركت 4.9 ملايين على شفا مجاعة وانتشار الكوليرا والأمراض الوبائية في 9 ولايات بالسودان من أصل 18 ولاية حتى تخطت مرحلة الرصد لكثافة انتشارها، كما توقف عدة سفارات وبنوك عن العمل وبات شبح التقسيم الذي يسعى إليه الغرب في ظل وجود مخاوف من التئام مصالح الميليشيا المتمردة مع القوى المدنية في السودان والقوى الأجنبية يخيم على البلاد.

وتقول منظمة يونيسف إن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، وأن أكثر من 24 مليون طفل سوداني في خطر، و14 مليونًا من هؤلاء الأطفال في حاجة ماسة إلى الطعام والمياه والدواء، وأكدت أن أكثر من 7.4 ملايين طفل في السودان لا يستطيعون الحصول على مياه الشرب الآمنة، وأكثر من 3.5 ملايين طفل أُجبروا على الفرار من منازلهم منذ بداية هذه الحرب، وهذا يجعل بالسودان أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، محذرة من أن أطفال السودان يعيشون كابوسًا ولا يجب أن تتحول مأساتهم إلى أزمة منسية عبر الأجيال.

وأوضحت أن ما يقرب من مليوني طفل في حاجة ماسة إلى لقاحات منقذة للحياة، وأن أكثر من 3 ملايين طفل دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية الحاد، و19 مليون طفل في سن الدراسة لا يذهبون إلى الفصول الدراسية، وبالتالي فإن أطفال السودان يعيشون واحدة من أسوأ أزمات التعلم في العالم.

ونبَّهت منظمة أطباء بلا حدود، إلى أن طفلًا واحدًا على الأقل يموت كل ساعتين في مخيم زمزم بالسودان، وهو أحد من أكبر وأقدم مخيمات النازحين في البلاد، وأكدت كلير نيكوليه مسئولة قسم الطوارئ بالمنظمة أن النازحين بالمخيم تم التخلي عنهم بالكامل تقريبًا ويواجهون واقعًا أليمًا من الجوع والعطش ونقص كل ضروريات الحياة.

واستنكر السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية الأسبق، جرائم ميليشيا الدعم السريع في السودان، والأوضاع التي يدفع ضريبتها المدنيون وفي مقدمتهم الأطفال، مؤكدًا أن وقف إطلاق النار بات ضرورة ملحة في ظل الانهيار والخسائر البالغة على كل المستويات.

وطالب الدبلوماسي السابق في تصريح لـ "الفتح"، السودانيين بتغليب صوت العقل بدلًا من الإسراع نحو تقسيم وتفتيت بلادهم، مشددًا على أنه لا توجد مكاسب لأحد من الوضع الحالي والمأساة التي يعيشها السودانيون.

وأكد أن الدولة السودانية تواجه الانهيار وبات من الصعب عودتها في القريب العاجل طالما تُصمم ميليشيا الدعم السريع على سياستها، موضحًا أن المشهد معقد وصعب للغاية.

وقال المهندس أحمد الشحات الباحث في الشئون السياسية، إن ما يجري في السودان مسلسل معروف الحلقات لأنه تطور طبيعي لحالة اللادولة ووجود ميليشيات عسكرية ومرتزقة بقوة وتعداد وتسليح الجيش، وكأننا نتحدث عن جيشين، وبالتالي كل أنواع الانتهاكات قد تحدث طالما أنه ليس هنالك مرجح لقوة على الأخرى.                                                  

وأكد في تصريح لـ "الفتح"، أن الصراع في السودان يراد به أن تنهار الدولة وتذهب إلى مخطط التقسيم المعد سلفًا، موضحًا أنه دون أن يكون هناك طرف قوي قادر على ضبط موازين القوة ودعم الجيش السوداني بالمال والسلاح والعتاد والمعلومات وغيرها مما يكون له أثر للتغلب على الدعم السريع؛ سيظل للأسف الإنهاك مستمرًا إلى أن يصل إلى المرحلة التي يخطط لها مخططو هذه الأزمة وهي انهيار وتفتيت السودان.