عاجل

نعمة تستدعي شكر الله.. باحث شرعي: رمضان زاد سنوي ليتزود فيه المسلم ويعيد به توازن نفسه

  • 30
الفتح - شهر رمضان أرشيفية

قال الدكتور علاء بكر، الكاتب والباحث الإسلامي: خصَّ الله تعالى الإنسان بخلقه مِن طبيعة مزدوجة، فيه عنصر طيني مادي، وعنصر روحي؛ إذ خلق آدم -عليه السلام- مِن طين الأرض، ونُفخ فيه مِن روح الله تعالى، فالإنسان بيْن عالمين: عالم المادة، وعالم الروح، يتعامل مع الأرض، وله تعلق وتواصل بالسماء، يحتاج في معاشه إلى ما يخرج مِن الأرض ليأكل ويشرب ويلبس، ويحتاج في صلاحه إلى العمل بالوحي المنزل مِن السماء؛ ولهذا زود بالغرائز التي تربطه وتدفعه إلى عمارة الأرض، وزود بالإيمان والملكات الروحية التي تزكو به إلى أعلى عليين.


شرع الله يحقق التوازن البشري 

وأضاف "بكر" -في مقال له بعنوان "حاجتنا إلى شهر رمضان" نشرته جريدة الفتح-: وجاء شرع الله تعالى بما يحقق هذا التوازن ويضبطه، ويعين الإنسان على ذلك ويحققه، فالإنسان لا يحتاج إلى مَن يذكِّره بالكسب، والعمل، والسعي في طلب الرزق؛ فهو مدفوع إلى ذلك دفعًا، لينفق على نفسه ولو بضرورات الحياة لنفسه وزوجه وأولاده، وقد أودع الله فيه مِن المواهب والقدرات ما ييسر له ذلك؛ كل حسب طاقته وإمكانياته، فليس محرومًا مِن أن يجني مِن دنياه ما تستقيم به حياته بما لا مشقة فيه فوق طاقته واحتماله.

وأشار إلى أن الإنسان قد أوجب الله عليه مِن العبادات اليومية الصلوات الخمس في اليوم والليلة، والأسبوعية صلاة الجمعة، وشرع له مِن نوافل العبادات الأخرى البدنية والقولية والمالية التي يؤدي منها ما يؤديه بحسب ما عنده مِن الإيمان والهمة، ولا تخلو حياة المسلم الحق منها، فيحقق بها وظيفة العبودية المطلوبة.


العبادات رحمة من الله لعباده

وتابع "بكر": فالعبادات اليومية مِن الفرائض والنوافل المطلوبة شرعًا رحمة مِن الله تعالى بعباده مِن جهتين:-

الأولى: أنها تحقق التوازن المطلوب بيْن عبادة الله تعالى وتعمير الأرض، فالصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر.

الثانية: أنها لا مشقة في الإتيان بها في كل يوم وليلة مع الكسب والسعي اليومي؛ فلها حد أدنى وهو الفرائض التي لا يجد أي مسلم صعوبة في أدائها، ولا تتعارض مع السعي والكسب، وهذا مشاهد معلوم مِن أحوال العباد، لا ينكره إلا مكابر، ولها أحوال أعلى وأعلى وهي النوافل، يرتقي بها إلى الدرجات العلى مَن أراد مِن أصحاب الإيمان العالي والهمم العالية.


حاجة المسلم لشهر رمضان

واستطرد: جعل الله شهر رمضان كل عام ليتزود فيه المسلم زادًا سنويًّا، يزيل به عن نفسه -بما في شهر رمضان مِن مزيد فرائض ونوافل- ما تعلقت بنفس المسلم مِن الدنيا عن الحد المقبول، أو قصر فيه عبْر شهور العام الطويلة بكثير خطايا أو ذنوب؛ فيضمن المرء بشهر رمضان -إن اعتنى به حق الاعتناء- تحقيق التوازن المطلوب عبْر سنوات حياته الطويلة على الأرض، فـ "رَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ" [رواه مسلم]، "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" [متفق عليه]، بل ولله تعالى في ليالي رمضان عتقاء مِن النار، ليس بينهم وبيْن دخول الجنة إلا أن يموتوا، الله نسأل أن يجعلنا منهم برحمته الواسعة وفضله العظيم.

وأكد الكاتب والباحث الإسلامي أن شهر رمضان بما فيه مِن مزيد طاعة مكثفة يحتاج إليها العبد مِن وقتٍ إلى آخر، ولو -على الأقل- مرة في كل عام، لهي نعمة مِن الله تعالى، تستدعي شكر الله تعالى عليها بالقلب واللسان إلى جانب عمل الجوارح والأبدان.