ماذا يفعل بعد صلاة الاستخارة؟.. تعرف على دعائها وكيفيتها كما ورد عن النبي ﷺ

  • 107
الفتح - صلاة الاستخارة

شرع الله لنا الاستخارة وحثنا رسولنا الكريم -عليه الصلاة والسلام عليها. وهي سنة لمن أراد الإقدام على أي أمر ذي بال، فيصلي ركعتين من غير الفريضة يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر من القرآن، ثم بعد الانتهاء يدعو ويستخير الله عز وجل.


عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن؛ يقول: "إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر «ويسمي حاجته» خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني".


فكثيرة هي الأحيان التي يلتبس علينا الأمر فيها، سواء في وظيفة أو زواج أو سفر، بل في مناحي الحياة جميعها، ومن رحمة الله بنا أنه هو بعظمته وجلاله يسمعنا في كل وقت ولا نحتاج إلى وسيط.


والاستخارة لغة: طلب الخيرة في الشيء؛ يقال: استخر الله يخر لك.

وشرعا: طلب من الله بصرف الهمة لما هو المختار عند الله والأولى، بالصلاة، والدعاء الوارد في الاستخارة.



هل تجوز الإنابة في الاستخارة؟

لابد أن تكون صلاة الاستخارة من صاحب الهم نفسه لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين"، ولا تشرع فيها الإنابة كما ذكر ابن باز وابن عثيمين. مثل أن يدخل اثنان المسجد فيقول أحدهما للآخر صل عني ركعتين وأنا سأجلس، فهذا لا يشرع.


ماذا يفعل إن كان لا يحفظ الدعاء الوارد؟

إذا كان الشخص لا يحفظ الدعاء الوارد في صلاة الاستخارة، فيمكنه أن يدعو بما يناسبه من الأدعية، مثل: اللهم يسر لي الأصلح، اللهم اشرح صدري للأصلح، الأحب إليك بما فيه نفعي وصلاحي.


هل تؤدى صلاة الاستخارة في أوقات النهي؟

لا، باتفاق المذاهب الأربعة. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها" فهذه النصوص في النهي عامة؛ فتشمل صلاة الاستخارة.

ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى أدائها في أوقات النهي إذا كانت الاستخارة في أمر مستعجل يفوت بالتأخير إلى وقت الإباحة، وهو ما رجحه ابن تيمية وابن عثيمين.


وقت الدعاء في صلاة الاستخارة:

لو دعا قبل السلام جاز، والراجح أن الأفضل أن يكون عقب السلام، وهذا مذهب الجمهور. لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فليصل ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل". فذكر الدعاء بعد (ثم) التي تفيد الترتيب والتعقيب. 

قال ابن عثيمين: وأما الدعاء في غير الاستخارة فالأفضل لمن أراد أن يدعو الله عز وجل بشيء أن يدعوه قبل أن يسلم. حيث ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- علمهم التحيات قال: "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه".


ماذا يفعل بعد الاستخارة؟ هل يعتمد على انشراح الصدر وتيسّر الأمر؟ أم أنه يمضي في الأمر ولا يتركه إلا أن يصرفه الله عنه؟

الراجح أنّه يمضي في الأمر ولا يتركه إلا أن يصرفه الله عنه؛ لأنه كما ذكر المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ونقل عن العلماء قبله: ليس في الحديث أن الله ينشئ في قلب المستخير بعد الاستخارة انشراحًا لجانب أو ميلًا إليه. كما أنه ليس فيه ذكر أن يرى المستخير رؤيا أو يسمع صوتًا من هاتف أو يلقى في روعه شيء. بل في بعض طرق حديث ابن مسعود في آخره: ثم يعزم.

فيفعل بعد الاستخارة ما بدا له، بناء على الأسباب الظاهرة وإن لم تنشرح له نفسه، ويرجو إذا استجيب دعاؤه أن يكون فيه خيره ونفعه، فلا يوفق إلا لجانب الخير.


تكرار صلاة الاستخارة:

إذا لم يتبين للمستخير أمر يختاره، فله تكرار الاستخارة، وهذا مذهب الجمهور.

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دعا، دعا ثلاثا، وإذا سأل، سأل ثلاثا.

ولما احترقت الكعبة قال عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-: "أشيروا علي في الكعبة، أنقضها ثم أبني بناءها، أو أصلح ما هو منها؟" فقيل له أن يصلح ما وهى منها، فقال ابن الزبير: "لو كان أحدكم احترق بيته، ما رضي حتى يجده؛ فكيف بيت ربكم؟! إني مستخير ربي ثلاثا، ثم عازم على أمري، فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها".