لابد من إصلاح ما أفسده.. "داعية": شهادة الزور من الكبائر وتضيع الحقوق وتغير الحقائق

  • 15
الفتح - أرشيفية

قال الداعية الإسلامي سعيد محمود: شهادة الزور من الكبائر العظام؛ لما تسببه من ضياع الحقوق، وتغيير الحقائق: عن أبي بكرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبائِرِ ثَلاثًا)، قَالُوا: بَلى يا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: (الإِشْراكُ بِاللهِ وَعُقوقُ الْوالِدَيْنِ) وَجَلَسَ، وَكانَ مُتَّكِئًا، فَقالَ: (أَلا وَقَوْلُ الزّورِ) قَالَ: فَما زَالَ يُكَرِّرُها حَتّى قُلْنا: لَيْتَهُ سَكَتَ. [متفق عليه].

وأوضح "محمود" في مقال له عبر موقع "صوت السلف" قبح شهادة الزور، وخطورة آثارها، لهذه الأسباب:

- شهادة الزور من أشد أنواع الكذب افتراءً وبهتانًا: قال -تعالى-: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) [النحل: 105]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَإيَّاكُمْ والكَذِب، فإنَّ الكذبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُور، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ) [متفق عليه].

- شاهِد الزور فاسق فاجر، مجرم آثم، يري عينه ما لم ترَ، ويُسمِع أذنه ما لم تسمع! قال -تعالى-: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء: 36]. وقال الله -تعالى- عن عباده المتقين: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) [الفرقان: 72].

- شاهد الزور يضلل القاضي والحكم وطالب الشهادة، ولو كان القاضي من أعدل الناس وأعلمهم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكونَ ألْحَنَ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فأقْضِي علَى نَحْوِ ما أسْمَعُ، فمَن قَضَيْتُ له مِن حَقِّ أخِيهِ شيئًا، فلا يَأْخُذْهُ فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ) [متفق عليه].

- شاهد الزور يفسد المجتمع، ويضر بالأبرياء، ويناصر الفاسدين والمجرمين والظالمين: قال -تعالى-: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) [هود: 113].

- شيوع شهادة الزور خطر شديد، وعلامة على فساد المجتمع: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: تَسْلِيمَ الْخَاصَّةِ، وَفُشُوَّ التِّجَارَةِ، حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ، وَقَطْعَ الْأَرْحَامِ، وَشَهَادَةَ الزُّورِ، ‌وَكِتْمَانَ ‌شَهَادَةِ ‌الْحَقِّ، وَظُهُورَ الْقَلَمِ) [رواه أحمد، وصححه الألباني]، ولذلك كانت شهادة الزور من الكبائر العظام التي تقارب الشرك بالله: قال -تعالى-: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) (د[الحج: 30].

هل لشاهد الزور توبة؟

وتابع الداعية الإسلامي: شاهد الزور إذا أراد أن يتوب فجماهير علماء المسلمين على قبول توبته: قال -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53]، مؤكداً أن توبة شاهد الزور وقبول شهادته لا بد فيها من إصلاح ما أفسد في شهادته، وأن يقر بأنه شهد زورًا، وأن يضمن ما تسبب في ضياع الحقوق من الأموال أو غيرها، أو أن يستسمح من تسبب في ظلمه، ولا يكون الحج أو العمرة سببًا في غفران ضياع حقوق الناس كما يتوهمه بعضهم، فلا بد من الاعتراف بشهادة الزور أمام الجهات المختصة، أو استسماح مَن ظلمه بشهادة الزور، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ ‌كَانَتْ ‌عِنْدَهُ ‌مَظْلِمَةٌ ‌لِأَخِيهِ ‌فَلْيَتَحَلَّلْهُ ‌مِنْهَا، ‌فَإِنَّهُ ‌لَيْسَ ‌ثَمَّ ‌دِينَارٌ ‌وَلَا ‌دِرْهَمٌ، ‌مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ) [رواه البخاري]