عاجل

أعياد المسلمين.. تعرف على مشروعية وآداب العيد ولما سمى عيدًا

  • 69
الفتح - آداب وأحكام العيد

العيد اسم لكل ما يُعتاد ويعود ويتكرر، ولأن إقامة الأعياد ترتبط بغريزة وجبلّة طبع الناس عليها فكل الناس يحبون أن تكون لهم مناسبات يحتفلون فيها ويتجمّعون ويُظهرون الفرح والسرور، لكن تميز المسلمين بأعيادهم دلّ عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا"، وهو يدل على اختصاص المسلمين بهذين العيدين لا غير، وأنه لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بالكفار والمشركين في شيء مما يختص بأعيادهم، لا من طعام ولا من لباس، ولا إيقاد نيران ولا عبادة ولا يمكّن الصبيان من اللعب في أعيادهم، ولا إظهار الزينة، ولا يسمح لصبيان المسلمين بمشاركة الكفار في أعيادهم.

والعيد في الإسلام يوم سرور وفرح وزينة، يحب الله أن تظهر فيه أثر نعمه على عباده، بلبس الجديد من الثياب، وتناول الطيب من الطعام بدون إسراف ولا مخيلة، ولأن تشريع العيد في الإسلام ارتبط بالمواسم الدينية؛ فعيد الفطر مرتبط بانتهاء صيام رمضان، وعيد الأضحى مرتبط بموسم الحج، ويأتي عقب يوم عرفة الذي يُسمى يوم الحج الأكبر.


تعالوا معنا نصحبكم في كلمات موجزة عن أحكام العيد وآدابه ولم سمي عيدًا وبعض الأحكام المتعلقة به..


سبب التسمية

سمي العيد عيدًا لعوده وتكرره، وقيل لأنه يعود كل عام بفرح مجدد، وقيل تفاؤلا بعوده على من أدركه.


أعياد المسلمين

أشار تقرير بحثي على موقع "أنا السلفي" إلى عدد الأعياد في الإسلام، ذاكرًا أنه من المعلوم أن الأعياد في الإسلام اثنان فقط وهما: عيد الفطر وعيد الأضحى، وهما يتكرران في كل عام، وهناك عيد ثالث يأتي في ختام كل أسبوع وهو يوم الجمعة، وليس في الإسلام عيد بمناسبة مرور ذكرى كغزوة بدر الكبرى، أو غزوة الفتح أو غيرها من الغزوات العظيمة التي انتصر فيها المسلمون انتصارًا باهرًا، وكل ما سوى هذه الأعياد الثلاثة فهو بدعة محدثة في دين الله، ما أنزل الله بها من سلطان ولا شرعها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته.


حكمة العيد

إن الله تعالى قد شرع العيدين لحكم جليلة سامية، فبالنسبة لعيد الفطر فإن الناس قد أدوا فريضة من فرائض الإسلام وهي الصيام، فجعل الله لهم يوم عيد يفرحون فيه إظهار لهذا العيد، وشكر لله على هذه النعمة، فيفرحون لأنهم تخلصوا بالصوم من الذنوب والمعاصي التي ارتكبوها فجعل الله يوم الفطر عيدا ليفرح المسلم بنعمة مغفرة الذنوب ورفع الدرجات وزيادة الحسنات بعد هذا الموسم من الطاعات، وأما عيد الأضحى فإنه يأتي في ختام عشر ذي الحجة التي يسن فيها الإكثار من الطاعات وذكر الله وفيها يوم عرفة الذي أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن صيامه يكفر ذنوب سنتين، وللحجاج الواقفين بعرفة فإن الله يطلع عليهم ويشهد الملائكة بأنه قد غفر لهم ذنوبهم، فكان يوم الأضحى الذي يلي يوم عرفة، يوما للمسلمين يفرحون فيه بمغفرة الله ويشكرونه على هذه النعمة العظيمة، وكذلك هو اليوم الذي فدى الله فيه إسماعيل بذبح عظيم، فيتذكر المسلمون نعمة الله بهذا الدين الذي هو ملة إبراهيم التي بنيت على الإخلاص والإذعان والاستسلام لله رب العالمين مهما كانت التضحيات.


مشروعية صلاة العيد    

شرعت صلاة العيد في السنة الأولى من الهجرة روى أبو داود عن أنس قال: "قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم عيدان يلعبون فيهما فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر"، وصلاة العيد مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.


حكم صلاة العيد

صلاة العيد مشروعة بالإجماع واظب عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء من بعده، وقد تراوحت في حكمها أقوال الفقهاء بين تأكيد سنيتها، أو أنها فرض كفاية أو واجبة على الأعيان.


وقت صلاة العيد

وقت صلاة العيد يبدأ بعد شروق الشمس وارتفاعها قدر رمح -بربع ساعة تقريبًا- وينتهي قبيل دخول وقت صلاة الظهر.

وتُقدم الصلاة في الأضحى وتُأخر في الفطر، قال ابن قدامة: "يسن تقديم الأضحى ليتسع وقت التضحية وتأخير الفطر".


مكان إقامة صلاة العيد

من السنة إقامة صلاة العيد في مصلى واسع قريب خارج البلد حتى يسهل على الناس الذهاب إليه روى البخاري عن أبى سعيد الخدرى قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى".


تعدد مصلى العيد

يجوز تعدد أماكن مصلى العيد في البلد الواحد عند الحاجة إلى ذلك.


إقامة صلاة العيد في المسجد بسبب العذر

الأوقات التي يمكن فيها إقامة صلاة العيد في المسجد، مثل: البرد الشديد أو المطر أو ما شابه ذلك، ومن صلى في المسجد بغير عذر فصلاته صحيحة بفضل الله ورحمته، ولكنه خالف السنة وترك الأفضل.


آداب الخروج إلى مصلى العيد

أوضح التقرير أن الخروج إلى مصلى العيد له آداب ذكرها فيما يلي:

- الاغتسال وارتداء أفضل الثياب، وأما وضع العطور فيكون للرجال فقط؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة ولو كانت ذاهبة للصلاة في المسجد.

- تناول الطعام يوم عيد الفطر قبل الذهاب إلى المصلى، وتأخيره يوم الأضحى حتى يؤدى صلاة العيد ويأكل من أضحيته.

- التبكير إلى مصلى العيد والسير على الأقدام إذا لم يترتب على ذلك مشقة.

- الخروج إلى مصلى العيد من طريق والعودة من طريق أخرى.

- يرفع الرجال أصواتهم بالتكبير -ولا بأس بالتكبير معا للأثر الوارد عن عمر -رضي الله عنه- أنه كان يكبر فيسمعه أهل المسجد فيكبرون فيسمعهم أهل السوق فيكبرون حتى ترتجف منى كلها تكبيرا وهذا إنما يكون إذا كبروا معا كما يفعله المسلمون في أقطارهم- حتى يقوم الإمام لصلاة العيد.

- الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة.

- غض البصر عن محارم الله والابتعاد عن الاختلاط بين الرجال والنساء من غير المحارم.


وقت التكبير في العيدين

 يبدأ التكبير في عيد الفطر من ثبوت رؤية هلال شوال حتى يقوم الإمام لأداء صلاة العيد، ويبدأ التكبير في عيد الأضحى من فجر يوم عرفة حتى آخر أيام التثسريق وهو الثالث عشر من ذي الحجة.


صفة التكبير

يمكن لكل مسلم أن يردد إحدى صيغ التكبير التالية:

- الله أكبر، الله أكبر ، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

- الله أكبر الله أكبر لا الله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

- الله أكبر الله أكبر الله اكبر كبيرا.

هذا أفضل ما ورد؛ لأنه المنقول عن الصحابة -رضي الله عنهم- وإن كانت صيغ التكبير الأخرى تجزئ لعدم تحديد النبي -صلى الله عليه وسلم- صيغة معينة لا يجوز تجاوزها.


صلاة العيد ليس لها سنة قبلية ولا بعدية

روى البخاري عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "صلى يوم الفطر ركعتين لم يصلى قبلها ولا بعدها".


صلاة العيد ليس لها أذان ولا إقامة

روى مسلم عن جابر بن سمرة قال: "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العيدين غير مرة ولا مرتين بغير آذان ولا إقامة ولا شيء".

قال ابن القيم: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير آذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جامعة. والسنة أنه لا يفعل شيئا من ذلك".


صفة صلاة العيد

صلاة العيد ركعتان، يسن للمصلي أن يكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات ضمنها تكبيرة الإحرام، وفى الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام للركعة الثانية، مع رفع اليدين مع كل تكبيرة لثبوته عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، ولم يرد ذكر مخصوص يقال بين التكبيرات ويجوز أن يقول بين التكبيرات: سبحان الله، والحمد لله، ولا اله إلا الله، والله أكبر. ويصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن شك في عدد التكبيرات بنى على العدد الأقل إن كان إماما والمأموم يتابع الإمام.

ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة الأعلى، ويقرأ في الثانية بعد الفاتحة بسورة الغاشية، أو يقرأ في الأولى بسورة ق، وفى الثانية بسورة القمر. مع مراعاة جهر الإمام بالقراءة.


حكم من فاتته بعض التكبيرات مع الإمام

من حضر إلى صلاة العيد وأدرك الإمام، ولكن قد فاتته بعض التكبيرات فإنه يكبر تكبيرة الإحرام ويتابع الإمام فيما بقى من التكبيرات ويسقط عنه ما مضى.


خطبة العيد

يسن للإمام بعد أداء صلاة العيد أن يخطب في الناس خطبة جامعة، ويستحب أن يفتتحها بحمد الله، ويسن له كذلك الإكثار من التكبير أثناء الخطبة، ويذكر الناس بفضل الله عليهم، ويحثهم على التوبة النصوح، وتقوى الله في السر والعلانية، والإكثار من أعمال البر، والتمسك بالكتاب والسنة، وتحذيرهم من البدع، ويسن من حضر الخطبة أن ينصت للإمام، ومن أراد أن ينصرف بعد الصلاة فلا حرج عليه.

وروى أبو داود عن عبد الله بن السائب قال: "شاهدت مع رسول الله العيد فلما قضى قال أنا أخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب".


قضاء صلاة العيد

يستحب لمن فاتته صلاة العيد مع الأمام أن يصليها قبل الظهر على هيئتها وبنفس العدد من التكبيرات.

روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: "من فاتته الصلاة يوم الفطر صلى كما يصلى الإمام".


التهنئة في العيد

إن العيد مناسبة مباركة يجمع الله بها شمل المسلمين ويؤلف بها بين قلوبهم، فيقابل بعضهم بعض في مصلى العيد وفى الطرقات أو الأسواق فيتصافحون ابتغاء وجه الله وطمعا في مغفرته ويشرع أن يهنئ المسلم أخاه بنحو قوله "تقبل الله منا ومنك" أو غيره من الصيغ.


اجتماع العيد مع الجمعة

إذا اجتمع العيد مع الجمعة سقط حضور الجمعة عمن صلى العيد وتكفيه صلاة الظهر ويستحب للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء حضورها ومن لم يصلى العيد.

روى أبو داود عن أبي هريرة "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون" [صحيح].


العيد موسم لأعمال البر

إن العيد مناسبة طيبة ينبغي للمسلم أن يستفيد منها ليرفع رصيده من الحسنات وذلك بالحرص على الطاعات والتي يمكن أن نوجزها فيما يلي:

- بر الوالدين وصلة الأرحام والتوسعة عليهم بقدر المستطاع.

- زيارة الجيران والأصدقاء والتوسعة على الفقراء واليتامى ومشاركتهم بهجة العيد.

- الصلح بين المتخاصمين بين الناس مع بيان منزلة من يبدأ بالصلح ابتغاء وجه الله تعالى.

- الإكثار من ذكر الله تعالى.


وقفة مع زيارة المقابر يوم العيد

إن الله شرع لنا العيد لكي نفرح، ونبتعد عن الأحزان في يوم العيد ولذا فإن قيام كثير من المسلمين بزيارة المقابر يوم العيد، وتجديد الأحزان عمل مخالف لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- لقد كان النبي يخرج مع الصحابة إلى الصحراء لصلاة العيد وكان يذهب من طريق ويرجع من طريق آخر، ولم يثبت أنه زار قبرا في ذهابه أو إيابه مع وقوع المقابر في طريقه.

روى البخاري عن البراء بن عازب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أول ما نبدأ به في يومنا هذا نصلى ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا".

إن زيارة المقابر يوم العيد بدعة وهى من تلبيس الشيطان فإنه لا يأمر الناس بترك سنة حتى يعوضهم عنها بشيء يخيله لهم أنه أقرب إلى الله تعالى فزين للناس زيارة القبور في يوم العيد وأن ذلك من البر بالأموات.

وينبغي لنا أن نتبع سنة رسول -صلى الله عليه وسلم- وأن نرضى بشرع الله ورسوله في جميع أمور حياتنا، قال الله تعالى {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: 51].