وداعًا شيخنا.. الشيخ القيم أبو إدريس ما زلت تدعو إلى اللِه حتى بعد موتك!

منى المسلماني

  • 39
الفتح - الشيخ القيم أبو إدريس عليه رحمة الله

تفكرتُ كثيرًا في الموت والأموات، يوميًا نقرأ خبر وفاة فلان أو فلانة، وليس الموت هو الأمر المستغرب، ولكن تفاوت الناس عند الموت هو الأمر الذي توقفتُ عنده لأسأل نفسي 

لماذا يموت فلان فيكثُر الحديث عنه ويحلو؟

إنه الأثر الذي خلَّفَه يتحدث الناس به عنه بعد موته، فقط هو الأثر وليس مظهره الذي اعتنىٰ به ولا منصبه الذي بذل فيه، ولا المال الذي حصَّله ونمَّاه، ولا الجمال الذي وُهبَه ورعاه، فالناس في الدنيا صنفان، الأول: من لا أثر له ولا بصمة في حياة الناس، يعيش صغيرًا ويموت أيضًا صغيرًا، عاش ليأكل ويشرب وحين يموت فلا يذكر، فلم يعمل لذلك ولم يُقدِّم، والثاني: وما أسعده! صاحب أثر وبصمات. 

لذا ينبغي للعاقل أن يسأل نفسه، ويراجع ما يقدمه لأمته ودينه، فإما أنه يُقدم شيئًا لنفسه أو أن يكونَ زائدًا على الحياة وباطن الأرض خير له من ظاهرها، نحن لا نحتاج لكثرة الأعداد فلقد أخبرنا رسولنا الكريم صلوات ربي عليه أن عددنا كثير لكننا غثاء كغثاء السيل 

لا أثر ولا حس ولا خبر، لا عبادة ولا علم ولا دعوة ولا عمارة في الأرض ولا استخلاف.. إلا من رحم الله 

أما آن لنا أن توقظنا جنائز الصالحين الباذلين المضحين من سُباتنا العميق؟ أما آن لنا أن نقتفي أثرهم ونتبع سيرهم لنلحق بهم؟! أما آن لنا أن ننتفض ونتمرد على حياة البطالين والكسالى والخاملين؟ أما آن لنا أن ننضم إلى صفوف المحسنين؟ أما آن أن ترن في آذاننا كلمة شيخ الإسلام: بيننا وبينهم يوم الجنائز لنعلم أن الله عز وجل يجعل للصالحين في قلوب المتقين ودًا في الدنيا وذكرًا ودعاءً بعد الموت فنعمل لهذا اليوم؟!! 

إذا كانت كل هذه المرغبات لم تحرك فينا ساكنًا للنهوض فالعزاء في هممنا فلقد تحجرت العيون وماتت القلوب.