هل بدأ "العدالة والتنمية" فى هدم مسيرة أتاتورك؟

  • 115
شعار العدالة والتنمية

فى خطوات تبدو وكأنها تسير عكسياً على خطى مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية، وهادم الخلافة العثمانية، يمضى حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، فى خطوات تؤلب عليه النخب العلمانية التى طالما كانت فى وضع السيطرة فى البلاد، فى حين يرى البعض أنها تزيد من شعبية الحزب وسط شعب طالما أحس بالاضطهاد الدينى من جانب حكامه.

إذ أنه منذ وصوله للسلطة فى 2002 اتبع الحزب سياسة "الخطوة خطوة" فى سحب بساط السلطة من تحت أقدام النخبة العسكرية العلمانية التى كانت دائماً الحاضر الغائب فى المشهد الديمقراطى التركى، فكلما أفرزت الانتخابات حكومة لا يرضى عنها حراس المذهب الكمالي، تدخل الجيش ليزيحها من السلطة ثم يعود ليتوارى خلف ثكناته ليراقب المشهد عن كثب انتظاراً للحظة أخرى ليعاود الانقضاض من جديد ليعيد التوازن للمشهد وفق حساباته الخاصة.

فلم يصطدم العدالة والتنمية فى البداية بل كان دائما يحسب لخطواته حسابا فى إطار إدراكه لطبيعة توازن القوى، فتراجع فى بداية سنى حكمه عن قانون تجريم الزنا، بعد احتجاجات عارمة داخلية، وتهديدات دولية، ليبدأ فى تقوية نفوذه فى الدولة ليجبر أعضاء مجلس الأمن القومى من العسكريين على الاستقالة احتجاجاً على نفوذه المتعاظم، بعد كشف محاولة انقلابية فاشلة ومحاكمة أعضائها أمام القضاء.
فحظر الحجاب تم رفعه فى الجامعات فى 2010 ، وتم رفعه فى المدارس فى العام الماضي ، وشهد العام الحالى تطبيق أول حكم قضائى بهذا الصدد حيث تم حبس دكتور جامعى بتهمة منع فتاة محجبة من حضور محاضراته بجامعة إزمير التركية فى سابقة هى الأولى من نوعها ربما منذ ما يزيد على قرن من الزمان.

والنظام التعليمي بدأ تغييره قبل سنوات بتعزيز وضع المدارس الدينية التى تسمى "معاهد إمام خطيب" والسماح بالانتساب إليها من عمر العاشرة، أي بعد انتهاء المرحلة الابتدائية، بما يمكن التلميذ وهو صغير السن من تشرب التربية الدينية، وقد تخطى عدد طلاب هذه المدارس المليون طالب، بعدما كان قبل عدة سنوات بضعة عشرات من الألوف.

وجاءت خطوة تطبيق اللغة العثمانية المكتوبة بالحروف العربية فى المدارس لتثير عليه النخب العلمانية الذين رأوا فيها تدشين مرحلة جديدة من الجمهورية التركية تبدو فيه الدولة بوجه إسلامى واضح، ورأوا فيها تهديداً مباشرة للقيم الكمالية- نسبة لكمال اتاتورك -التى نشأت عليها الجمهورية التركية،بينما دافع عنها فريق آخر بشدة معتبرين إياها من صميم هويتهم التركية واستشهدوا بأمثلة من العالم المعاصر كالمثال البريطانى حيث يتم إتاحة مادة اللغة الانجليزية القديمة كدرس اختياري في المدارس هناك حتى يتمكن الطلاب من النجاح في مادة الأدب وفهم روايات شكسبير وبالتالي جميع الطلبة الانجليز يختارون هذا الدرس، إلى جانب مثال إسرائيل التي أعادت استخدام اللغة العبرية من ماضيها السحيق كلغة رسمية للدولة بعدما كانت اندثرت كلغة منطوقة ولم يبق منها الا بعض العبارات الدينية.

وقال أردوغان خلال خطاب ألقاه في مجلس الشورى الديني الخامس الذي نظمته رئاسة الشؤون الدينية في العاصمة أنقرة، "لقد مُنعت في هذا البلد تلاوة القرآن وتعليمه، ومُنع رفع الأذان بشكله الأصلي، ومُنع الحجاب، وتم استعمال بعض المساجد حظائر للحيوانات، وحُرم المصلون من حقوقهم المشروعة".

وأكد إنه يحمل على عاتقه مسؤولية رفع شأن المظلومين الذين عانوا لأعوامٍ من الكبت والضغط، وتشجيعهم على التعبير عن حقوقهم بثقة وحرية تامة.
وقال: "سيهجمون علينا بكل وسائلهم، وسيخططون سياسيا، إن ما نقوم به ليس وضعا خاطئا في مكان خاطئ، بل نريد أن نكون عاديين .. إن افتقاد شعب للعلم بالرغم من امتلاكه إمكانيات كبيرة، يعاني مصيبة كبيرة، وهناك من لا يريد تعليم اللغة العثمانية في البلد، إن شاؤوا أم أبوا سيتم تعليم وتعلم اللغة العثمانية في هذا البلد، إن لهذا الدين صاحب، وسيقوم هذا الصاحب بحماية هذا الدين "