من منهم رأى الجنة؟!

  • 133
ارشيفية

تميَّز القرآن الكريم بوصفه للجنة ونعيمها والنار وعذابها, في آيات محكمات تقرع القلوب وتنبه العقول، وقال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر».


لكن البعض يحلو له أن يكون وصيًّا على جنة الله يُدخِل فيها من يشاء، ويصفها بما يشاء، فهذا لا يعجبه أن رجلًا قَدّمَ للدنيا خدمات تكنولوجية جليلة يسمى كافرًا ويدخل النار حتى وإن مات على البوذية, وأخرى ترى أن الجنة جميلة ورائعة وبالتالي فإنها تحتوي على الموسيقى والباليه!! هكذا يظنون على الله الظنون، ويتمنون الأماني، ويريدون أن يحتكروا الدنيا والآخرة! فإنهم وإن كانوا سادات الدنيا فللآخرة قانون آخر، لكنهم يصرون أن لهم الحسنى في الدارين، وأنّ من حقِّهم أن يُشرِّعوا في الآخرة ويستعبدوا الخلق ويحقروهم كما يفعلون في الدنيا!!


فوقية عجيبة وكأنهم آلهة، وطبقية غريبة واستعلاء على الخلق، فالصواب ما يرونه، والحق المقدس ما يعتقدونه! لكنّ الله تعالى ضرب لنا مثلًا مشابهًا بالذي قال: ?وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى? رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا? الكهف: 36؛ فقد استكبر وانتفخ وظنَّ أنه عند الله وجيهًا، وأنه سيئول إلى خير منقلب لمجرد

أنه كان في الدنيا من أصحاب المال والجاه، بهذه النفية وذلك الكبر يتحرك بعض المغرورين، يقولون وينتفشون ويُشرِّعون لخلق الله، ويتمادون في ذلك حتى يقولوا: إن هذا في الجنة وهذا في النار! بغير أثارة من علم، ولا بيِّنة من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لا يتبعون إلا أهواءهم

وأذواقهم الفاسدة، وكأنهم دخلوا جنان الله أو عاينوها، بل إنهم يتصرفون كمن يملك مفاتيحها وصكوكها! ينتهكون أبسط قواعد العقل والمنطق؛ لأنهم يستندون إلى الجاه والمال والمكانة, وحولهم من يصفق لهم من أتباع كل ناعق ودراويش المناصب والوجاهات، فالحمد لله أن عندنا بينة من علم في كتاب ربنا تنبأنا عن هذه النفسيات العقيمة وتلك العقول السقيمة، وتعلمنا أن الجواب على أمثال هؤلاء بالارتكان إلى الوحي والاعتصام به؛ فنقول كما قال الرجل الصالح: ?لَكِنَّا هُوَ اللَّه رَبِّي? الكهف: 38،

هو الله ربي أؤمن بما جاء في كتابه وسنة نبيه، ولا أزيد على ذلك, هو الله ربي يخلق ويأمر ويحكم

ويُشرِّع، خلق الجنة ووصف غرفها وأنهارها, وخلق النار ووصف شقاءها وجحيمها، خلق للجنة بشرًا ووصفهم في كتابه، فهم المؤمنون به والمتبعون لشريعته، وخلق للنار أصنافًا أخرى من الجبابرة الكفار أو الزنادقة الفجار, خلق وقدَّر وهو بخلقه أعلم، هو مالك الملك وهو مدبِّر الأمر وإن ظن بعضهم أنهم آلهة يملكون مفاتيح الجنة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.