داعية: حاجة الناس للدين غريزة فطرية تقتضي معرفة الخالق والتضرع إليه

  • 36
الفتح - أرشيفية

قال خالد شحات سيد الكاتب والداعية الإسلامي، إن الدِّين ضروري للإنسان لا استغناء له عنه، وأن حاجة الناس للدين غريزة فطرية لا تنصلح حياتهم إلا بها، وهذه الغريزة تقتضي معرفة الإله الذي يتضرع إليه العبد ويناجيه، مضيفًا أن الله تبارك وتعالى فطر الناس على التوجُّه إليه بالعبادة وحده، فقال تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا"، وفي صحيح مسلم عن عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يرويه عن ربه: "وإنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وإنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عن دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بي ما لَمْ أُنْزِلْ به سُلْطَانًا".

وأضاف الكاتب في مقال له نشرته الفتح، أنه إذا انحرفت الفطرة عند البعض: فهذا ليس معناه إنكار حاجتهم للدِّين، بل هو توجيه حاجتهم إلى الطريق الخطأ؛ سواء كان شركًا بأصنام أو كواكب، أو غيرها، أو كان إلحادًا، وهذا الأخير -الملحد- وإن زيَّن له ضلال عقله أن لا رب ولا خالق؛ فهو في الحقيقة لا يختلف عن عُبَّاد الأوثان والكواكب باتخاذه الطبيعة والظواهر الكونية إلهًا؛ إذ أقر أنها الخالقة لنفسها!

وتابع الكاتب: "هؤلاء جميعًا أعرضوا عن نور الوحي، وغاب عنهم نور العقل، ولو أنعموا النظر في ضعف ما يعبدون؛ لأقروا بعبادة الإله الخالق لهم ولأصنامهم، قال تعالى: "وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ"، ولعلموا أن هذه الأصنام لا تملك نفعًا ولا ضرًّا لها ولا لغيرها، ولا تملك لهم رزقًا، ولا تصرف عنهم عطاءً، قال تعالى: "إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ ۖ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ".

وأوضح الكاتب أنه قد تواترت النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية في الدلالة على أن السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن؛ الكل ملك لله سبحانه، ولا يمكن أن يكون معه إله آخر، وانتظام هذا الكون أكبر برهان على أنَّ خالقه ومدبُّره واحد، وكما يمتنع وجود خالقَين لهذا الكون، فكذلك يمتنع وجود إلهين، فقال تعالى: "لَوْ كَانَ فِيْهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُوْنَ".

وأردف: "فلو فُرض أن في السماء والأرض إلهًا غير الله لفسدتا؛ لأن ذلك يستلزم أن يكون كل واحد منهما قادرًا على الاستبداد والتصرف، فيقع التنازع والاختلاف في الكون؛ قال تعالى: "مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُوْنَ"، فلو كان مع الله سبحانه وتعالى إله آخر يشركه في ملكه؛ لكان له خلق وفعل؛ فإما أن يذهب كل إله بخلقه وسلطانه، وإما أن يعلو بعضهم على بعض، وما دام أن الكون على انتظام دائم ولم يحدث أي تعارض ولا تصادم فيه، فإنَّه أدلُّ برهانٍ على أنَّ الإله واحد سبحانه".

وشدد الكاتب على أن الواجب على المخلوق أن يكون عبدًا لخالقه وسيده، وأن تشمل عبوديته كل حياته، قال تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ".