قال شريف طه، الباحث الشرعي، إن شيخ الإسلام ابن تيمية اتبع في نقده للتصوف، قواعد موازنة المصالح والمفاسد، وأنه لا يُنهى عن نور فيه ظلمة إلا إذا وُجد نور لا ظلمة فيه.
وكتب طه في منشور له عبر "فيس بوك"، قائلا: وقد كانت الطرق الصوفية في مرحلة القرون الوسطى تشبه الحركات والجماعات الإسلامية، من الجانب الدعوي للعوام والشباب بل وتربية النشء الصغير، كانوا بشكل كبير يمثلون ما يعرف حاليا العمل الإسلامي الحركي؛ فالحضرة الاسبوعية ومجالس الذكر كانت وسائل جذب العوام وضمهم للطريقة، وكانت الزوايا المنتشرة في أغلب البلدان هي مراكز للعمل وممارسة النشاط، موضحا أن هدم ذلك بالكلية كان يعني فراغا كبيرا في المجال الديني، لا يمكن للفقهاء فقط ملؤه.
وتابع طه قائلا: ولذلك كان الأمثل في هذه الحالة هو الإصلاح من الداخل، خاصة أن عوامل هذا الإصلاح تبدو ممكنة، فالأصول النظرية بالتمسك بالكتاب والسنة التي كان يرددها شيوخ الطرق الأوائل، يمكن الاعتماد عليها في دعوة الأتباع لنبذ كل ما يخالف الوحي والشريعة، من غير صدمة هؤلاء في مرجعياتهم وطرقهم التي ينتمون ويتعصبون لها.. كأنه كان يقول لهم : يمكنكم الالتزام بالشرع والكتاب والسنة وفي ذات الوقت تكون متحققا بالتصوف الصحيح الذي نادى به الشيوخ الأوائل.
وأردف الباحث الشرعي، قائلا: أضف لذلك أن البديل عن ذلك لم يكن يتمثل في المنهج السلفي النقي، بل كان الخطر المحدق هو دعوة الاتحاديين والباطنيين الذين يمكن أن يلتهموا الصوفية ويدخلوهم في عقائدهم الباطنية الكفرية عبر بوابة التصوف الذي كانوا يظهرون الانتساب له.
ونوه إلى أن شيخُ الإسلام وجَّه أغلبَ جهده للفصل بين عموم الصوفية، والاتحاديين الزنادقة أتباع ابن عربي وابن سبعين والتلمساني وأشباههم.
وأكد طه أن كل هذا السياق تغير مع خفوت الدولة العثمانية التي كانت ترعى التصوف وتدعمه، وظهور دعاة الإصلاح في العالم الإسلامي، وانتشار مبادئ الدعوة السلفية الإصلاحية والتي تأثر بها كثير من المسلمين، والتي لاقت استحسانهم في ظل نفرة المثقفين من خرافات وخزعبلات التصوف.
واختتم قائلا: وظهرت حركات سلفية يمكن أن تملأ الفراغ الدعوي، وتقوم بمهمة التربية وتوفير المحاضن المناسبة لتربية النشء والشباب ودعوة العوام، دون الدخول في حقل الألغام الصوفي طلبا لبعض فوائد يمكن تحصيلها دون هذه المخاطر.