منكم وإليكم

  • 80

عند قراءة المشهد الحالي، والتطلع إلى الأحداث المعاصرة وانجراف البعض إلى غيابات الجب، والركوض خلف كل ما هو جديد ومستحدث وشائع، وفي ظل هذا التمرد الواقع من البعض على مختلف الأحوال والظروف، يجب علينا أن نراجع أنفسنا وننظر إلى سبب هذا الانفلات وكيف وصل بنا الحال إلى كل هذا التشتت والهوان وعدم التمسك بالمبادئ والقيم، والتخلي عن الهوية بحجج واهية تجعل المستمع إليها يشمئز من طريقة هذه الأفكار التي لحقت بهؤلاء الأفراد.

نجد أن الضياع الناتج من العناد والتكبر وعدم الرجوع الى الحق والاعتراف بالخطأ والسعي في إصلاحه ما هو إلا ضربًا من ضروب العيشة الضنك التي يُصاب بها من كان هذا حاله.

فلو تحسسنا بعض بيوت المسلمين وما وصل بها الحال من التردي وانقلاب الموازين، فنجد بعض الأبناء ينفلتون ولا يُوجهون وكأن هذا هو الطبيعي -بحجة دعهم يعيشون حياتهم فهم مازالوا صغار-، وبعد أن يكبروا على هذا العوج لا نجد عليهم سبيلًا للإصلاح، لأنهم لم يُقوموا منذ نعومة أظافرهم على القيم المُثلى والأخلاق الحميدة، وكان من الواجب أن تُبث فيهم كل معاني الدين وهم مازالوا في كنف آبائهم وتحت رعايتهم، حتى إن مالوا يومًا واجتذبهم أصحاب الهوى نفعهم ما عندهم من فطرة سليمة تسهل عليهم الرجوع إلى الهداية وطريق الاستقامة بأمر الله تعالى.

كذلك الزوجة التي تريد تغيير المعايير الحياتية الشرعية العُرفية ضاربة بكل الحقوق والواجبات عرض الحائط فهي ليست على استعداد لطاعة زوج، وأن تكون تحت ولايته لمجرد أنها امرأة لها شخصية واستقلالية وعندها ما يجعلها تعيش رأسًا برأس حياة الندية وكأن احترامها لذاتها يجب أن يُقابله كسر رجولة زوجها، بل قد ترهق حياتها وحياته بعقد المقارنات مع غيرها من النساء ناظرة إلى ما في حياتهن من نعمة غافلة عن كم النعم التي حباها الله بها، أو تعتقد أنها الوحيدة في عالمه ولها أن تتسلط حتى تُثبت نفسها، وتسترد ثقتها، وتناست أن قوتها في ضعفها وأن هدؤها واستسلامها يجعل الرجل الكريم يزيدها احترامًا واجلالًا، وأن كل دعوات النساء الخادعات المنخدعات بحقوق المرأة والمساواة ماهي إلا فساد لعقول النساء حتى يخربن عليهن حياتهن بعدما تركن ما جعله الله لهن إكرامًا وإعزازًا وشرفًا، وجرين وراء سراب حتى يأتين في نهاية سعيهن البائس لا يجدن خيرًا فيما قدمن.

وأما عن الراعي الذي لا يتق الله في رعيته ولم يهيئ لهم الحياة الكريمة التي تُؤسس على تقوى الله أولًا، واحترام ورعاية أهل بيته، وتفقد أحوالهم، ثم السعي الحثيث في توفير متطلبات الحياة بالحلال الطيب، إن لم يفعل هذا ويحرص على ذلك ضاعت حياته وحياة من يعول.

هؤلاء هم أقطاب المجتمع الصغير الذي إن انفلت وخربت حياته عندها لا نندهش ولا نسأل لماذا وصلنا الى هذا الحال ونحن لم نبدأ بأنفسنا من داخل بيوتنا من مجتمعنا الصغير، وإلى أن نتمكن من فعل هذا يجب أن نرصد أخطائنا ونُصلحها ونطمح في تغيير حياتنا، ولكن تغيير إيجابي نحو الأفضل والأحسن على قدر المستطاع، عندها يأذن الله سبحانه وتعالى في التغيير وهو ما يُشير إليه قوله تعالى : "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" فابدأ بنفسك ثم من تعول وبعدها التفت إلى مجتمعك وانظر كيف تستطيع نفعه، وإن لم تستطع فيكفيك شرفًا وفخرًا أنك كفيته شر مجتمعك الصغير بصلاحك وصلاح رعيتك، فمنكم يأتي الخير وإليكم يعود النفع بإذن الله تعالى.