• الرئيسية
  • مقالات
  • حكم الاستهزاء بالله عز وجل أو برسوله- صلى الله عليه وسلم- أو بشيء من الشرع

حكم الاستهزاء بالله عز وجل أو برسوله- صلى الله عليه وسلم- أو بشيء من الشرع

  • 199


قال شيخ الإسلام -رحمه الله- إن الساب إن كان مسلما فإنه يكفر ويقتل بغير خلاف، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، وقد تقدم من حكى الإجماع على ذلك إسحاق بن راهويه وغيره، وقال فيمن سبه -صلى الله عليه وآله وسلم-: "فإن من سبه أو شتمه  ممن يظهر الإقرار بنبوته دليل على فساد اعتقاده وكفره به، بل هو دليل على الاستهانة به والاستخفاف بحرمته، فإذا قام دليل على الباطن لم يلتفت إلى ظاهر قد علم أن الباطن بخلافه".
وقال الشيخ عليش المالكي: إن قصد الشريعة المطهرة والأحكام التي شرعها الله لعباده على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر قطعا، وإن أظهر ذلك فهو مرتد، فإن تاب وإلا قُتل، وإن لم يُظهره فهو زنديق يقتل ولو تاب، وإن قصد حال الشخص وتدينه فهو سب المسلم؛ ففيه الأدب باجتهاد الحاكم، ويفرق بين القصدين بالإقرار والقرائن، وبعضهم يجعل القصد الثاني كالأول في الحكم، ومن المعلوم أن من الدين والملة القرآن العزيز، وأن سبه أيضا كفر.

وأجابت لجنة هيئة كبار العلماء بالديار السعودية عن قول السائل: ما حكم من ساب الدين وإن كان جاهلا هل يُعذر بجهلة أم لا يعذر بالجهل في هذه المسألة ؟

الجواب: سب الله أو سب كلامه أو شيء منها كفر، وكذا سب الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو سنته  أو شيء منها، أو سب دين الشخص إذا كان دينه الإسلام، فيجب أن يُبيَّن له الحكم إذا كان يجهل ذلك، فإن أصر على السب فهو كافر مرتد عن ملة الإسلام، فإن تاب وإلا قُتل لقوله تعالى: "وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ? قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ? إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)"  [التوبة: 65 – 66].

قال ابن كثير -رضي الله عنه- في تفسيره: " قال أبو معشر المعدني: عن محمد بن كعب القرظي وغيره. قالوا: قال رجل من المنافقين: ما أرى مثل قرائنا هؤلاء؟ أرغبنا بطونا وأكذبنا ألسنا وأجبننا عند اللقاء، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته فقال: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق، فقال: " وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ? قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ? إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)" وإن رجليه ليسقعان الحجارة، وما يلتفت إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو متعلق بنسعة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم" [تفسير ابن كثير 2/367].
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-: "فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم: إنما تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له، بل إنما كنا نخوض ونلعب، وبين أن الاستهزاء بآيات الله كفر، ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدرا بهذا الكلام، ولو كان الإيمان في قلبه لمنعه أن يتكلم بهذا الكلام" [فتح المجيد صـ436].

وسُئلت لجنة الفتوى: ما حكم من استهزأ ببعض المستحبات كالسواك والقميص القصير وبالشرب جالسا؟، فأجابت: "من استهزأ ببعض المستحبات كالسواك والقميص الذي لا يتجاوز نصف الساق والقبض في الصلاة ونحوها مما ثبت من السنة فحكمه أن يبين له مشروعية ذلك، وأن السنة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دلت على ذلك، فإذا أصر على الاستهزاء بالسنة الثابته كفر بذلك، لأنه بهذا يكون منتقصا للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولشرعه والنقص بذلك كفر أكبر" [فتوى 5213 بتاريخ 15/1/1402 – فتاوى هيئة كبار العلماء].