الإسلام قادم .. قادم ( 2 )

  • 168

إخوتي وأخواتي ، أبنائي وبناتي ، أكتب إليكم من توجو ، لقد بدأت التحرك اليوم الخميس 13 شعبان 1435 هـ الموافق 12 يونيو 2014 م من بورت نوفو عاصمة بنين إلى لومي عاصمة توجو . تقع توجو إلى الغرب من بنين وإلى الشرق من غانا، وإلى الجنوب من بوركينافاسو، وإلى الشمال من خليج غينيا الذي يلتصق بالمحيط الأطلنطي . يبلغ عدد السكان قرابة 7 ملايين نسمة منهم ما يقرب من 2.5 مليون مسلم ، و 2.25 مليون نصراني بطوائفهم المختلفة ، و 2.25 مليون وثني .

 
تبلغ مساحة توجو 60 ألف كم 2 تقريبا، ولغتها الرسمية هي اللغة الفرنسية، وعملتها هي الفرانك سيفا، وهي عملة معظم دول غرب أفريقيا التي تربط فيما بينها برابطة دول غرب أفريقيا، وتسمي هذه الرابطة " الإكواس " . لقد كان الطريق صعبا بسبب غزارة الأمطار وكثرة الأوحال والحمد لله وصلنا إلى مدينة " كومي " وهي مدينة ساحلية في بنين تقع على المحيط، وتبعد 30 كيلومترا عن الحدود ما بين بنين وتوجو.
 
التقينا ببعض المسلمين في مسجد يحيط به السكان المسلمون من قبائل الجرما من أهل النيجر، وهذه القبائل الثلاث بصفة خاصة وهي (الهاوسا والجرما والفلاني) كانت سببا في بقاء الإسلام وانتشاره في هذه المناطق ، ففي مالي وغينيا كوناكري والنيجر يزيد نسبة المسلمين على 90 % بسبب حركة هذه القبائل وبسبب ممارستهم للحركة والرعي، وسبحان الله مع الحركة ومع التجارة تجد المسلمين ينشرون الخير في بقاع الأرض، ويتميزون عن غيرهم بنظافتهم وطهارتهم وسكونهم وطمأنينتهم ورحمتهم وتآلفهم وتماسكهم وتعاونهم، فالحمد لله رب العالمين الذي جعل في الإسلام قوة ذاتية بسبب ديناميكية هذا الدين العظيم .
 
ففي النيجر مثلا عندما يحين وقت الصلاة تجد عشرات الحافلات تقف على جوانب الطريق لينتشر المسلمون في الأرض الفضاء للوضوء والتكبير بالآذان والاجتماع للصلاة .
 
إنهم يعشقون صلاة الجماعة ويعشقون الصلاة لوقتها؛ فالإسلام يحمل قوة في طياته من خلال هذه العبادات وهذه الكلمة العظيمة كلمة التوحيد، ولله در القائل: كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة .
 
في هذه المنطقة – كومي – التي زرتها لأول مرة في يناير 2014 حين دخلت عدة قرى في الإسلام ومنها قرية بدأ يدخل فيها الإسلام رويدا رويدا، والحمد لله عندما زرتها أثناء رحلتي هذه إلى توجو وجدت أن عدد من دخلوا الإسلام تجاوز 600 شخص من مجموع 900 نسمة، والتقيت بزعيم القرية الذي أخبرني بأنه لن يهدأ له بال ولن يستريح إلا بعد أن تدخل القرية كلها في الإسلام، بل وفي القرى المحيطة بقريته؛ حيث بدأ يشجع الدعاة المحليين الذين يتعاونون مع الدعاة المصريين في دعوة الناس إلى الإسلام؛ مما أدى إلى دخول عدد ما يزيد على 700 شخص في الإسلام منذ أن تركتهم من خمسة أشهر ؛ فالحمد لله رب العالمين الذي استعملنا لخدمة هذا الدين العظيم ونصره بنشره .
 
لقد انتهينا في بنين من المراحل الثلاث التي ذكرتها لكم في التقرير السابق، وهي مرحلة الاستكشاف، ثم مرحلة التنسيق والاتصال والتوظيف للطاقات بعد اكتشافها، ثم المرحلة الثالثة وهي مرحلة البناء؛ ونحن بفضل الله بدأنا المرحلة الرابعة في بنين وهي مرحلة الانطلاق، ونعني بها الانطلاق نحو هدفنا العظيم، وهي أن تصبح أفريقيا قارة مسلمة لتعود كما كانت قبل الاستعمار الغربي لها الذي حاول طمس معالم الإسلام في هذه القرى، وأنّى له ذلك؟! ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون؛ فسبحان من أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .
 
إن الحملة الشرسة على الإسلام تزيده قوة ومناعة، وتدفعنا إلى العمل الجاد والمستمر وإلى المبادرة والمثابرة والإيجابية، وإلى الصبر والمصابرة والاستبشار والتفاؤل، وصدق الله في كتابه العزيز: " وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشّر المؤمنين " (الصف : 13).
 
لقد تم حفر البئر الأول في هذه المنطقة، وسيعقبه إن شاء الله حفر خمسة آبار، وبدأنا في الإعداد لمشروع إفطار الصائم في رمضان حيث يجتمع أبناء القرى الفقراء - وغالبيهم فقراء – يجتمعون على الطعام، وقبل آذان المغرب يبدأون في تعلم القرآن والصلاة وما لا يسع المسلم جهله، وينتشر بينهم التآلف والتعارف والتلاحم والتراحم والمحبة، ويراقب غيرهم هذه الروح العجيبة حتى يدخلوا في دين الله أفواجا . هذا الإسلام الذي يمثل أسمى معاني الرحمة والتسامح والسلم والسلام .
السلام والسلامة للنفس والعقل والروح والبدن والأسرة والمجتمع، بل والعالم كله، ويتمثل الناس هذه الرحمة العظيمة في هذا المثل الأعلى لهذا الإسلام: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (الأنبياء : 107).
 
وبعد أن صلينا المغرب التقينا بأهل المسجد وألقيت محاضرة بعنوان : "بين يدي رمضان"، ثم صلينا العشاء، ثم ذهبنا إلى الفندق لنأخذ قسطا من الراحة ولنبدأ يوم الجمعة بصلاة الفجر، ثم الانطلاق إلى القرى التي دخلت الإسلام . لقد مررنا على ثلاث قرى ثم صلينا الجمعة وانطلقنا إلى حدود بنين مع توجو لنعبر الحدود ولتبدأ جولتنا القصيرة إلى توجو .
 
هذه هي رحلتي الثانية إلى توجو والثالثة للدعوة؛ حيث سبقني فضيلة الشيخ مصطفى فراج  ليمهد الطريق في أكتوبر 2014 وبدء مرحلة الاستكشاف في توجو، وأتبعته برحلة في يناير الماضي، ونحن الآن نتقدم لنبشركم ونحن نعمل مع الدعاة في توجو ، أن الطريق إلى غانا قد تم التمهيد له في هذه الرحلة ، ولعلي أخبركم بإذن الله بالبشرى العظيمة في المقالات القادمة، وأقول لكم بيقين وعزة: إن شاء الله وبإذنه وحوله وقوته : الله أكبــر .. فــُــتحت غــانـا.
 
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[email protected]
Facebook.com/said.hammad.official