عاجل

انقطاع الكهرباء وتداعياته

  • 135

موضوع الكهرباء وانقطاعها هذه الأيام تحول إلى مأساة حقيقية لملايين المصريين، لأن الكهرباء مثلها مثل الوقود تمثل الآن وجه الحياة الحديثة، فمعظم فعاليات الخلق مرتبطة بها، سواء في الحركة أو العمل أو التجارة أو الصناعة أو الطب والصحة أو أي إجراءات حكومية أو غير حكومية يدخل فيها التكنولوجيا الحديثة أو شبكة المعلومات أو الكومبيوتر، وعلى مدار سنة كاملة أو أكثر قليلا ومشكلة الكهرباء تتفاقم تدريجيا وتزداد سوءا
فأصبح انقطاع الكهرباء والمياه بمعدل ساعات طويلة تحيل حياة المواطن إلى جحيم، وعلينا أن نرصد تأثير انقطاع الكهرباء على اقتصاديات المواطن والوطن وكم تكلفة الخسائر التي يتكبدها على كل المستويات.. مستوى عمله الذي يتعطل ويتحول إلى عاطل رغم أنفه، فكل المصالح تتوقف بما فيها حياته.
 
وهذا له تداعيات خطيرة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي خاصة في هذه المرحلة الحرجة من حياة الأمة، فمن الناحية السياسية استغلال انقطاع الكهرباء في نوع من المكايدة السياسية التي لا يحتملها الوطن في هذه المرحلة أو نسبة انقطاع الكهرباء إلى أعمال تخريبية تقوم بها الجماعة – المتهم بريء حتى تثبت إدانته – فهي وإن افترضنا أنها مسئولة عن هذه التصرفات التخريبية الخرقاء فقد كانت مشكلة الكهرباء موجودة قبل ذلك وبعده ثم الحكومة مسئولة عن تأمين المناطق الحيوية وعدم تركها لأيدي العابثين
ثم انه يقال إن الأزمة الحالية سببها – لا نعرف مدى صدق أو كذب هذه المقولة - وحقيقة انقطاع الكهرباء ليست بسبب عدم توافر القدرات اللازمة لإنتاج الطاقة المطلوبة، ولكن بسبب استغلال وزارة البترول لتقبل الشعب لأي تقصير في الخدمات في الوقت الحالي، وعلى حسب ذلك تقوم الوزارة بتقليص جزء كبير من مخصصات الكهرباء من الغاز الطبيعي وتوجيهها للصناعات كثيفة استهلاك الطاقة وهى الصناعات التي تحقق أرباحا في كل مرحلة تصنيع تزيد على 300% بسبب انخفاض أسعار الغاز التي تحصل عليه، علما بأن الدورة الاقتصادية لتلك الصناعات سريعة ورأسمالها يحقق عائدات لأكثر من مرة كل شهر. مع العلم أن البترول تعتبر الغاز الذي يوجه للكهرباء يمثل هدرا للطاقة، وعلى أساس أن الاستهلاك المنزلي ما هو إلا رفاهية وإهدار للكهرباء في إنارة نوادي النت !
 
والبترول والذي كان مطالبا فيما سبق بأن يقوم باستيراد الغاز الطبيعي لصالح الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة خاصة أن الأسعار العالمية تصل لأكثر من 15 دولارا حاليا للمليون وحدة حرارية، وهو ما جعل الوزارة تتلكأ في إتمام صفقات الاستيراد والذي كان قد أعلن وزير البترول عن أن موعده لن يتجاوز يونيو الماضي، وأدى تقبل المواطن لانقطاع الكهرباء ولم تحدث حالة من التذمر كما كان متوقعا، فتم التلكؤ وهو نوع من تضييع الوقت حتى يمر فصل الصيف ويتراجع استهلاك الكهرباء! بينما يتم حاليا توجيه الغاز المحلى الرخيص إلى الصناعات كثيفة الاستهلاك، وهو ما يكشف – إن صح -  عن أن الحكومة لا يعنيها أن يعيش المواطن في ظلام دامس ولكن يعنيها أن تحقق عنصر توفير الطاقة الرخيصة للمصانع، والتي تبيع منتجاتها في السوق المحلى بأعلى من قيمة المنتجات المثيلة التي يتم استيرادها من الخارج. 
فلابد من الشفافية والمكاشفة  من الحكومة في علاج الأزمة والمسارعة في إيجاد الحلول البديلة كإشراك القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء والاعتماد على المصادر المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح  في إنتاج الكهرباء وقد يساهم تعديل قيمة التعريفة الجديدة للطاقة المتجددة في حل هذه اللازمة سريعا.