سلسلة الرد على شبهات داعش والنُصرة (الشبهة الأولى)

  • 141

من الشبهات التى تروج على كثير من الشباب المتحمس للدين , تكفيرهم لكل الحكام العرب والمسلمين الذين يحكمون بغير ما أنزل الله ، بل منهم من يكفر كل المجتمع و ليس الأجهزة الحاكمة فقط.
 
و للإجابة على هذه الشبهة نجيب ببيان إجمالى ثم تفصيلى , أما البيان الإجمالى :
 
هناك فرق فى الحكم على من ينتمي إلى الإسلام بين الحكم على القول والحكم على القائل، وبين الحكم على الفعل والحكم على الفاعل، وبين الحكم على العموم والحكم على الأفراد والأعيان وهذه القاعدة تشمل الحكم على الآخر: تكفيرًا، أو تفسيقًا، أو تبديعًا
وهي القاعدة المشهورة: باستيفاء الشروط وانتفاء الموانع، فنحن لا نحكم على أحد بالكفر– قولًا أو فعلًا أو اعتقادًا- إلا بعد استيفائه شروط التكفير، وانتفاء موانع التكفير عنه، من جهل، أو تأويل، أو خطأ، أو إكراه، ونحو ذلك، وقد لا يكون المرء جاهلًا، أو قد يقع في مكفِّر معين لا يُتصور فيه العذر بالجهل، لكن قد يكون مكرهًا، أو متأولًا، أو قد يصدر منه الكفر عن غضب شديد أو إغلاق…الخ، فهذا يكون معذورًا .
 
قال أبو الحسن السليمانى فى الرد على القاعدة فى اليمن :
( وملخَّص هذه القاعدة: أنني أُفرِّق في حكمي على من ينتمي إلى الإسلام بين الحكم على القول والحكم على القائل، وبين الحكم على الفعل والحكم على الفاعل، وبين الحكم على العموم – وهو التأصيل الشرعي للمسألة- والحكم على الأفراد والأعيان – وهو التنزيل للحكم الشرعي عليهم- وهذه القاعدة تشمل الحكم على الآخر: تكفيرًا، أو تفسيقًا، أو تبديعًا، وهي القاعدة المشهورة: باستيفاء الشروط وانتفاء الموانع، فلا أحكم على مسلم ينتمي إلى الإسلام، ويتبرأ مما سواه، بأنه كافر لمجرد وقوعه في الكفر – قولًا أو فعلًا أو اعتقادًا- إلا بعد استيفائه شروط التكفير، وانتفاء موانع التكفير عنه، من جهل، أو تأويل، أو خطأ، أو إكراه، ونحو ذلك، وقد لا يكون المرء جاهلًا، أو قد يقع في مكفِّر معين لا يُتصور فيه العذر بالجهل، لكن قد يكون مكرهًا، أو متأولًا، أو قد يصدر منه الكفر عن غضب شديد أو إغلاق…الخ، فهذا يكون معذورًا، كما لا أحكم على مسلم سني ينتمي إلى السنة وأصولها، ويتبرأ مما خالفها من البدع إذا وقع في أمر يوجب إخراجه من أهل السنة، وإلحاقه بأهل البدع – ولا يكون ذلك إلا بموافقة أهل البدع في أصل من أصولهم التي فارقوا بها أهل السنة، لا مجرد المسائل الخلافية أو الاجتهادية- فإنني لا أحكم عليه بعينه بأنه خارج من دائرة أهل السنة إلا بعد استيفائه شروط هذا الحكم وانتفاء موانعه عنه كما سبق، علمًا بأن هذا المقام ليس كلأً مباحًا لكل أحد، إنما يُرجع فيه إلى أهله من كبار أهل العلم والقضاة، أما أن يُترك مقام التكفير والحكم على الآخرين لمن دبَّ ودرج، أو لمن يميلون إلى جانب الشدة والعنت، فلا يخيَّرون بين قولين: أحدهما بالتكفير، والآخر بما دونه إلا اختار الأول، إلى غير ذلك من أوصاف غير المؤهلين؛ ففي هذا فساد عريض، وبلاء مبين!!
 
و قال جمال البليدى فى الرد على القاعدة فى بلاد المغرب العربى
( تبين لي من خلال مناقشة هؤلاء عدة أمور يبنون عليها أحكامهم وشبهاتهم وهي كالآتي :
 
أولا:عدم تفرقتهم بين كفر النوع والمعين
 
إذ أنهم يجهلون قاعدة أهل السنة في التفريق بين النوع والمعين فليس كلّ من وقع في الكفر أصبح كافرًا ؛ إذ قد يوجد عند الواقع في الكفر ما يمنع من تكفيره وهذا ما يجهله أولئك المتهورين في التكفير
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 16/434 ) :
«فليس كل مخطئ كافرًا ؛ لا سيما في المسائل الدقيقة التي كثر فيها نزاع الأمة» انتهى .
 
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/466 ) :
« وليس لأحد أن يكفر أحدًا من المسلمين وإن أخطأ وغلط ؛ حتى : تقام عليه الحجة , وتبين له المحجة ,ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزُل ذلك عنه بالشكّ ؛ بل لا يزول إلا :
بعد إقامة الحجة , وإزالة الشبهة » انتهى .
 
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/487 ) :
« . . . كلّما رأوهم قالوا : ( من قال كذا فهو كافر ) , اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكلّ من قاله , ولم يتدبروا أن التكفير لـه شروط وموانع قد تنتفي في حق المُعَيّن , وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المُعَيّن إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع .
يُبيِّن هذا :
أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه » انتهى .
 
وقال - رحمه الله - عن مسائل التكفير ( فتاواه 23/348 ) :
« . . . ولكن المقصود هنا :
أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين . . . » انتهى .
 
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/500 ) :
« . . . فتكفير المُعيّن من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يُحكم عليه بأنه من الكفار ؛ لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبيّن بها أنهم مخالفون للرسل ؛ وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر .
وهكذا الكلام في تكفير جميع المُعيّنين . . . » انتهى .
 
وقال الإمام الألباني - رحمه الله - ( الصحيحة ، تحت الحديث رقم : 3048 ) :
« ليس كل من وقع في الكفر - من المؤمنين - وقع الكفرُ عليه وأحاط به » انتهى .
فائدة :
شروط التكفير أربعةٌ , تقابلها أربعٌ من الموانع ؛ وهي :
1. توفر العلم وانتفاء الجهل .
2. وتوفر القصد وانتفاء الخطأ.
3. وتوفر الاختيار وانتفاء الإكراه .
4. وانعدام التأويل السائغ , والمانع المقابل له هو : وجود التأويل السائغ
 
أما مسالة الحكم بغير ما أنزل الله فإننا نعتقد تنوعه فتارة يكون كفرًا أصغر, وتارة يكون كفرًا أكبر مخرجًا عن ملة الإسلام، قال ابن القيم في مدارج السالكين: والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكُفرين : الأصغر والأكبر ، بحسب حال الحاكم فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصيانا، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا كفر أصغر، وإن اعتقد أنه غير واجب، وأنه مخير فيه، مع تيقنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر، وإن جهله وأخطأه، فهذا مخطئ، له حكم المخطئين.
 
فإذا كان من الكفر الأكبر - بأنواعه كما ذكرها الإمام محمد بن إبراهيم - يجب التفريق بين النوع والعين كما سبق بيانه وإذا كان من الأصغر فليس داخلا فى الكفر أصلا وليس من المناط المكفر.
 
و للكلام بقية نكمله فى المقالة القادمة بإذن الله