عاجل

مناهج الأزهر لا تحض على الكراهية

  • 161

اتهامات باطلة وادعاءات لا أساس لها من الصحة يطلقها مجموعة من أدعياء التدين والخوف على الوطن ونسيجه من المنتسبين إلى الدعوة والإعلاميين والصحفيين، هجمة منظمة على الأزهر (المؤسسة الرسمية) وعلى مناهج الأزهر وعلى رموز الأزهر بغرض النيل من مكانة الأزهر في قلوب المصريين والعالم العربي والإسلامي، ولا يخفى من وراء هذه الحملة من العلمانيين واللبراليين والمأجورين بسبب مواقف الأزهر المشرفة في الحفاظ على الهوية الإسلامية السنية في مصر والعالم العربي.
 
منذ متى -يا دعاة الفتنة- كان الأزهر بعلمائه ودعاته وجماعاته ومعاهده معينا للإرهاب والإرهابيين أو ناشرا لفكر التكفير والتدمير، بل ما زال منذ الأزل يدافع في الجملة عن منهج أهل السنة والجماعة، ويقاوم فكر التكفير والتفجير بكل قوة. فدعوى أن مناهج الأزهر تحرض على الجيش والشرطة المصرية دعوى تحريضية تريد النيل من الأزهر في حقيقتها وإيجاد روح من العداء بين مؤسسات الدولة لإرباك الدولة وشغلها بنفسها بدلا من التنبه للمخاطر الخارجية والداخلية.
 
وبدلا من الوقوف خلف الأزهر والاصطفاف معه في مواجهته الأفكار الهدامة إذا بالقوم يطعنون فيه وفي مناهجه ويأتون بالمستشارين و بدعاة -لا أدري نزلوا علينا من أين؟- على الفضائيات ليشغلوا الناس بالطعن في ثوابت الإسلام وفي من يفسرها التفسير الصحيح وإظهار مشايخ الأزهر والأوقاف بأنهم عاجزين عن الإجابة على الشبهات المتهافتة التي تثار على الشاشة، وتصوير انفعالهم على أنه مصادرة على الرأي مع أنهم من هول ما سمعوا ينفعلون، فلم يتصور أحد منهم أن يطعن (لكع ابن لكع) في صحيح البخاري ويقول إنه مسخرة للإسلام والمسلمين أو تخاريف البخاري.
 
إن الأزهر -يا دعاة الفتنة- يدرس لأبنائه صحيح السنة النبوية سواء في البخاري ومسلم أو في غيرها من دواوين السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأصح الأسانيد -وأنتم لا تعلمون شيئا عن علم الرواية والدراية- ثم يشرح لأبنائه ما أغلق عليهم من المعنى، ويوضح لهم الفهم الصحيح لهذه الأحاديث وكيفية تطبيقها والظروف الصحيحة التي تطبق فيها بحيث لا يتركون الطالب نهبا للأفكار المدمرة التي أساس مشكلتها مع الدولة والمجتمع فهمها الخاطئ للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة وتطبيقها للنصوص في غير مظانها، والتطرف المقابل في فهم النصوص.
 
فليس حلا للمشكلة أن نقول: امسحوا هذه الآية من المناهج أو هذا الحديث، مثلا قوله تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بالله وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) [التوبة:29]، لابد من توضيح المعنى المراد لان هذا من الواجبات الكفائية التي خوطب بها عموم المؤمنين ثم جعل الأمر للإمام لأنه من يملك القدرة، فإذا انتفت القدرة سقط الحرج، وكيف تفاوت تعامل الرسول مع أهل الكتاب في المدينة حسب أحواله من قدرة وعجز ومصلحة ومفسدة، وإلا لو تركت هذه النصوص الشرعية دون توضيح وبيان لكانت محل جدل وافتراءات وقول بغير علم، وكذلك كل المسائل الشائكة والتي يثور حولها الجدل؛ مثل: كيف يعامل المسلم غير المسلمين، وبناء الكنائس في ديار المسلمين، وغيرها من النصوص الشرعية التي تحتاج إلى فهم وعلم ودراية بالواقع قبل إصدار الأحكام والفتاوى على واقع مختلف.
 
فلن يكون في إلغاء تدريس هذه النصوص الشرعية من الكتاب والسنة حلا للمشكلة بل ما يفعله الأزهر الشريف -وأتمنى ألا يحيد عنه ولا يستجيب لهذه الضغوط- هو الحل بذكر الأدلة الشرعية وتوضيح معانيها المتفق عليه بين علماء الأمة لنفهم الدين الفهم الصحيح.
 
ثم إن كانت تدريس المذاهب الفقهية دون ترجيح الأقرب للدليل واعتبار الأقوال البعيدة والمنكرة في المذاهب قولا معتبرا وخلافا سائغا فليس الحل هو عدم تدريس الفقه المذهبي، فهذا تراث المسلمين ويحمد للأزهر حفاظه عليه، لكن مزيد من الاعتناء بالأقوال والمذاهب وتنقيحها من هذه الأقوال بتكوين اللجان التي تعيد رسم منهج الفقه المدرس الذي يراعى استبعاد الأقوال المنكرة والمذاهب الشاذة التي ليس عليها دليل من الكتاب والسنة هو التصرف السليم الذي يجب أن ندفع علماء الأزهر أن يقوموا به ونشجعهم عليه.
 
ثم إن تدريس أبواب في الفقه غير مستعملة في واقعنا الآن ليس عيبا بل ميزة لأن الطالب بمعرفته هذه الأبواب ومعرفته الواقع الذي يطبق فيه لن يكون صيدا سهلا للغلاة وأهل البدع الذين يطبقون بما يوافق هواهم، فيعرف الطالب الحكم الشرعي ومتى يطبق والواقع الذي تطبق فيه هذه الأحكام كالرق مثلا.
 
إن الهجوم على الأزهر والتطاول على مشايخه لأجل ما تفعله قله من الطلبة المنتمية لجماعة مبتدعة والمتعاطفين معها الذين يتأثرون بالشعارات المرفوعة، بالرغم من وقوف الأزهر كمؤسسة وعلماء ودعاة خلف الدولة واصطفافها الوطني وإعلانها أن ما حدث في 30-6 و3-7 خلاف سياسي وليس انقلابا على الإسلام ظلم للأزهر ومساعدة في نشر فكر التكفير والتفجير في النهاية وإيجاد لمناخ وبيئة صالحة للتطرف.