فى انتظار اسطنبول

  • 148

ما غادرنا عام 2014 إلا وهو يحمل لنا خبر التحول الجذرى المفاجئ لبوصلة (الدوحة) صوب إعادة الأمور إلى نصابها مع (القاهرة) بعد عام ونصف العام من العداء غير المسبوق، فهل يشهد العام الجديد التحاق (اسطنبول) بالركب أم يصر (أردوغان) على استكمال معركته الشخصية؟

العقبات التى تجاوزتها كل من القاهرة والدوحة أكبر بكثير من تلك التى قد تحول بين استئناف علاقة طبيعة بين الجانب المصرى ونظيره التركى، بل تكاد مظاهر العدائية فى التصريحات والمواقف السياسية تنحصر فى جانب واحد فقط هو شخص الرئيس التركى (أردوغان) وما زالت العلاقات التجارية وحركة السياحة المتبادلة على حالها ولو حتى بصورة نسبية.. فمتى تغلب تركيا (الدولة) وليست تركيا (الفرد) ومتى يغلب حزب العدالة والتنمية (المؤسسة) وليس العدالة والتنمية (الزعيم) متى يغلب كلاهما مصلحة الطرفين على أى مصلحة أخرى؟

شخصيا لا أحب لتجربة العدالة والتنمية فى تركيا أن يأفل نجمها وهى التى حولت تركيا بحق بعد عقود عجاف إلى لاعب اقتصادى عالمى مؤثر وقوة إقليمية ودولية لا يستهان بها.. هذا الحزب حقق انتعاشا اقتصاديا لم يسبق فى تاريخ تركيا الحديث ليصل بالاستثمارات الأجنبية مثلا إلى أضعاف أضعاف ما كانت عليه حيث وصل مجموعها منذ سنة 2002 أكثر من أربعمائة مليار دولار وبلغ دخل الفرد حوالى اثنى عشر ألف دولار أمريكى ليكون بذلك قد تضاعف ثلاث مرات عما كان قبل وصول رفاق (أردوغان ) إلى سدة الحكم.

هذا الإنجاز الاقتصادى بالإضافة إلى سلسلة من إجراءات الإصلاح الديمقراطى وفى ظل وجود المنافس الضعيف جدا الذى يعرف الناخب التركى جيدا عدم قدرته على منافسة حزب العدالة والتنمية فيما يقدمه لتركيا، كلها عوامل أدت إلى تراكم فوز الحزب منذ سنة 2002 بثلاثة انتخابات برلمانية وانتخابين رئاسيين وثلاثة انتخابات محلّية واستفتاء على الدستور.. لكنى أتعجب الآن من سكوت رفاق أردوغان، وعلى رأسهم (أوغلو) صاحب الكتاب الشهير (العمق الاستراتيجى)، الذى وصف فيه خط اسطنبول الاستراتيجى (بتصفير المشكلات) مع محيطها الإقليمى والدولى، أتعجب الآن من سكوتهم على تصرفات (الزعيم) الانفرادية المنصبغة بلون (بوتينى نسبة إلى بوتين) بأكثر ما تنصبغ بلون المؤسسية والجماعية!

جمال كاراكاس محلل سياسى تركى ينصح رفاق أردوغان، قائلا: «ومع ذلك ينبغى على الراغبين بإحداث تغيير مهم كهذا على النظام السياسى ألا ينسوا أنَّ أردوغان وحزب العدالة والتنمية لن يحكما إلى الأبد، وذات يوم سوف يعاد انتخاب أحد السياسيين الكماليين رئيسا، وبالتالى سوف يكون قادرا على الاستفادة من النظام الجديد بحسب رؤيته للأمور).. ليت الرسالة تصل!