الظلم في ثوب الإنصاف !

  • 152

- أن تظل تنتقد، وتنتقد، لأن لك حقًا في النقد، وتصادر حق المستمع في قبول النقد أو رفضه بدعوى وجوب قبول النصيحة، فهذا يا صاحبي ظلم في صورة إنصاف!

- أن تنتزع المواقف من سياقاتها الزمنية والمكانية، وملابساتها المؤثرة في الدلالة، ثم تعقد بينها مقارنة سطحية لتصل إلى نتيجة حتمية، ثم لا يكون لأحد بعد ذلك حق مناقشة هذه النتيجة أو بيان عوارها لأنها نصيحة يجب أن تقبل فهذا أيضًاً ظلم في صورة إنصاف !

- أن تعمم الحكم على طائفة، أو على شخص في مواقفه من أجل تصرف لا يروق لك، وتستنتج منه حكمًا عامٍا، وموقفًا قاطعًا ، ثم ترمي كل من أراد الدفاع عنه بالحزبية والتعصب فهذا يا صديقي ظلم في صورة إنصاف !

- أن تشهر سيف النقد الحاد، ثم يصيبك الخرس فجأة عندما تجد ما يستحق المدح أو الشكر، فإن اضطررت للإقرار به، هونت من شأنه بدعوى أنه هو الواجب فعله فهذا أيضًا ظلم في صورة إنصاف !

-أن تجلس أمام شاشات جهازك تنتقد العاملين للدين ،- بل وتقع في أعراضهم أحيانًا- وتظل تشتكي غياب المصلحين، وتبكي ندرة العلماء العاملين، ثم تخلد إلى نوم عميق، لتنصرف في اليوم التالي لاهثًا وراء تحصيل معاشك  وزيادة ثرواتك، راميًا هم الآخرة وراء ظهرك .. فهذا أيضًا يا أخي ظلمٌ يبدو في ثوبٍ من الإنصاف !

- ألا تذكر سوى زلات أخيك، وتنسى حسناته الكثيرة معك، لأجل أنه اختلف معك في الرأي، ولا تفتأ في كل نادٍ تتحسر على حاله الضائع فهذا -أيضًا -ظلمٌ في صورة إنصاف !

- ألا تحرر قول مخالفك، أو أن تنسب إليه ما لم يقله، ثم تبادر للرد على ما استقر في ذهنك عنه، مع التهكم والسخرية، ثم تدعي أن دين الله لا يقبل المجاملات، ولا المداهنات، فهذا أيضًا ظلم في صورة إنصاف!

- أن تظل تذكر حادثةً اعتذر عنها أصحابها: كلما جاءت مناسبة -وبغير مناسبة- وتظل تعيرهم بها، ثم تدعي أنها كلمة حق، أو إنها نصحٌ واجب فهذا أيضًا يا عزيزي ظلم في صورة إنصاف !

- أن تظل تحاسب محدثك على كل لفظ يتفوه به، ثم إذا فعل غيرك ذلك معك اتهمته بتتبع الزلات فهذا ظلم في صورة إنصاف!

- أن تظل ترمي غيرك بالعصبية والحزبية المقيتة لكونه خالفك في مسألة -أو مسائل- ثم تكيل المدح جزافًا لمن يهللون لك ممن يوافقونك الرأي على غير بينة فهذا أيضًا ظلم في صورة إنصاف!

- أن تبصر القذى في عين أخيك بدعوى النصح وبيان الحق، وتنسى الجذع في عينك بدعوى أنه لا يخلو أحد من خطأ فهذا أيضًا ظلم في صورة إنصاف!

- أن ترى مخالفك متى ثبت على قوله: ممن لا يقبلون النصح، ثم إذا فعلت الشيء نفسه رأيته ثباتًا في الحق وعدم التلون فهذا أيضًا ظلم في صورة إنصاف!

- أن ترى مخالفك الذي غير اجتهاده ممن تنازل وتلَّون وبدَّل ودخلت عليه الفتنة، ثم إذا غيرت أنت اجتهادك رأيته قمة النضج وتبجحت بكون العلماء في كل زمن يغيرون اجتهاداتهم، فهذا أيضًا ظلم في صورة إنصاف!

- أن تظل تحكم على نيات الناس في كل موطن، ثم تملأ الدنيا صياحًا إذا ما اتهمك أحدهم في نيتك فهذا أيضًا ظلم في صورة إنصاف !

-ألا تتذكر في نهاية هذا المقال سوى تصرفات غيرك، وتظن أنك بمنأى عن كل تلك الأمور فهذا أيضًا ظلم في صورة إنصاف!

- أن تظن أني أقصد أحدًا بعينه بهذه الكلمات التي قرأتها، أو أدافع عن أحدٍ بعينه، فهذا أيضا ظلم .. لكنه - للأسف -  (عريٌّ) عن ثوب الإنصاف !

فكن على حذر !!