حسمًا للجدل.. عباس شومان: الحكم بإسلام المتبنَّى ثابت دون نظر إلى ديانة من تبناه

  • 146
الفتح - الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر السابق

أكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر السابق ورئيس لجنة فض المنازعات، على أنه ليس في شرعنا ما يمنع من الاعتناء بالأطفال فاقدي الأهل والمأوى، بل هو من أعمال البر والتقرب إلى الله –عز وجل- غاية الأمر أنَّه لا يجوز نسبة هذا الطفل إلى مَنْ تعهده بالتربية والرعاية، ولا حَقَّ له في إرثه، وإنما يكون ميراث المتبنِّي لقرابته من النسب أو المصاهرة، ويكون ميراث المتبنَّى إن أصبح له مال لورثته.

وأضاف "شومان" -في مقال له-: ويجوز للمُتَبَنَّى إن كبر أن يتزوج من بنت مَنْ ربَّاه وتعهده بل يجوز له أن يتزوج بزوجة المُتَبَنِّي إن مات عنها زوجها ورغب في الزواج منها وقبلته زوجًا؛ لأنها ليست أمه، ما لم تكن أرضعته صغيرًا؛ حيث تكون أمًّا له في الرضاع وتكون ابنتها أختًا له كذلك، كما يجوز للرجل الذي ربَّى طفلة فكبرت في بيته وقبلته زوجًا أن يتزوجها ما لم تكن زوجته أرضعتها.


جواز زواج المتعهد بالتربية زوجة من رباه إن طلقها أو مات عنها

وأشار "شومان" إلى أنه كما يجوز للمتعهد بالتربية والرعاية أن يتزوج زوجة من ربَّاه وتعهده بالرعاية إن طلقها أو مات عنها، وهذا ما حدث مع زيد بن حارثة، فقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم– زوَّجه من زينب بنت جحش ابنة عمته، فمكث معها سنة، وكان زيد يشتكي منها لرسول الله، ويخبره بأنه سيطلقها، لكن الرسول كان يوصيه بالصبر عليها وعدم تطليقها، مع أنَّه علم عن طريق الوحي أنَّ زيدًا سيطلقها وأنه سيتزوجها، ولم يكن هذا معهودًا عند العرب فهم يَعُدُّون زوجة المتبنَّى زوجة ابن للمتبنِّي، وفي ذلك يقول المولى مصحِّحًا لهذا الفهم: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا . مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا . الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا . مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}. فتزوجها النبي –صلى الله عليه وسلم– بعد انقضاء عدتها من زيد؛ فصُحِّح هذا الفهم الجاهلي المغلوط بين الناس.


المتبنِّي لا يرث من تبناه أو العكس

وأوضح "شومان" أنه وإذا كان المتبنِّي لا يرث من تبناه أو العكس، فإنه لا مانع من أن يوصي أحدهما للآخر في ماله وصيَّة اختياريَّة في حدود الثلث؛ حيث إنَّ الوصيَّة تجوز لغير الوارث، وما يفعله البعض من كتابة أوراق وتوثيقها تنسب إليهما هذا الطفل ليرثهما إجراء باطل مخالف للشرع، وفيه ظلم للورثة الحقيقين.


مجهول النسب الذي لا يُعْرَفُ والداه ديانته الإسلام 

أمَّا عن ديانة المتبنَّى، قال وكيل الأزهر السابق: إن عُرِفَ والداه فهو على خيرهما دينًا، فإن كان مجهول النسب لا يُعْرَفُ والداه فهو على دين الإسلام متى وجد في الدولة مسلمون ولو كانت دولة غير إسلاميّة لاحتمال أنه ابن أحدهم، والحكم بإسلام المتبنَّى ثابت من دون نظر إلى ديانة من تبناه، وهذا لا خلاف عليه بين فقهاء المسلمين.