الهجوم على الشيخ الشعراوي.. حلقة جديدة في سلسلة تشويه الرموز وتحطيم القدوات

مخيون: الشعراوي رحمه الله بشر يصيب ويخطئ والغرض من الهجوم محاربة الإسلام والعبث بعقيدة وثوابت الأمة

  • 59
الفتح - الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله

 لمجرد طرح فكرة عرض أمسية عن الشيخ محمد متولي الشعراوي -رحمه الله- لليلة واحدة ضمن إمساكية شهر رمضان بالمسرح القومي، هاجم العديد من الشخصيات -الذين ينعتون أنفسهم بالمثقفين أو التنويريين- الشيخ الراحل منذ 25 عامًا هجومًا ضاريًا وخاضوا في شخصه ووصفوه بما ليس فيه، ووصل حد الطعن في الرجل لتحميله أفكارًا وأعمالًا لا علاقة له بها؛ فقط لأنه أحد الرموز الإسلامية التي تلقى حبًا وقبولًا لدى المصريين.

واللافت للنظر أن هؤلاء أنفسهم هم من يهاجمون السنَّة النبوية وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين، وفريضة الحجاب، كما هاجموا البخاري -رحمه الله- ورواة الحديث من قبل، بل والأدهى من ذلك أنهم كذبوا آيات القرآن الكريم ومعجزات رب العالمين -الإسراء والمعراج-، وهو ما يؤكد بلا ريب أن هؤلاء لا أزمة لهم مع الشيخ الشعراوي أو غيره بل طامتهم الكبرى، وهمهم الأول تضليل المسلمين حتى ولو كانوا من بني جلدتهم.

واستنكر الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية الرسمية ذلك الهجوم، مؤكدين أن هذا الانتقاص تشويه لمعنى القُدوة الصالحة، كما رفض مجلس النواب تلك الحملة على الشيخ الشعراوي، مشددًا على أنه رمز للدولة وقيمة يعتز بها المصريون والعرب مطالبين بتجريم الإساءة للشخصيات العامة، كما أصدر بعض الإعلاميين والشخصيات العامة بيانًا مطالبين فيه بمحاسبة كل من قام بالهجوم على الشيخ. 

ومن جهته، قال الدكتور يونس مخيون رئيس مجلس شيوخ حزب النور، إن التطاول على الشيخ الشعراوي -رحمه الله- ووصفه بألفاظ ونعوت خارجة عن حدود الأدب واللياقة تصل لدرجة السب ليس بمستغرب من هذا الإعلامي المتشيع الذي لا هم له إلا الطعن في الثوابت والصحابة ورموز الإسلام حتى وصل الأمر به إلى الاستهزاء بكتاب الله تعالى، في الوقت الذي لا يجرؤ فيه أن يمس أي ملة أو دين غير الإسلام بل أعلن احترامه وتقديره لعبادة البقر".

وأكد مخيون أن المقصود ليس الشيخ الشعراوي بل هدم كل الرموز والشخصيات التي لها أثر في تدين الناس، موضحًا أن الشعراوي -رحمه الله- بشر يخطئ ويصيب وليس معصومًا فالعصمة للأنبياء، ولكن لا شك أنه كان له أثر كبير في هداية كثير من الناس وتبسيط المعلومة وتيسير فهم القرآن وقد ألقى الله محبته في قلوب الناس.

وشدد مخيون على أن هذا يزعج العلمانيين والليبراليين الذين يسعون جاهدين لتغريب المجتمعات الإسلامية وسلخها من هويتها، إذ المقصود هو الإسلام ذاته تنفيذًا لأجندات خارجية، محذرًا من ترك هؤلاء يعبثون في عقيدة الأمة وثوابتها ويطعنون في رموزها، مشددًا على أن هذا خطر عظيم على أمن البلاد واستقرارها.

وتابع: "مصر لا تحتمل هذا العبث في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها، بل إنه يستجلب علينا غضب الله وسخطه، فلا يمكن أن تفلح أمة يرفع فيها من شأن السفهاء ويحط فيها من قدر العلماء".

وقال المهندس سامح بسيوني، رئيس الهيئة العليا لحزب النور، إن هذا الهجوم الضاري على ‎الشيخ الشعراوي من قبل هؤلاء المتطرفين العلمانيين حلقة في سلسلة محاولاتهم لتشويه الرموز الإسلامية وإسقاط القدوات –لا سيما الأزهرية السابقة– المنافحة عن الدين وأصوله لتخويف الحاليين من أن يتبنوا كلام السابقين، موضحًا أن نموذج الشيخ الشعراوي يمثل حالة من حالات الالتفاف والاهتمام الشعبي برموز وعلماء الشريعة المدافعين عن مرجعيتها الحاكمة –حتى بعد موته–؛ وهذا عين ما يُزعر متطرفي العلمانية ويفسد كل المحاولات المبذولة منهم لإبعاد الناس عن مرجعيتهم الدينية في شئون حياتهم اليومية.

وأكد بسيوني أن متطرفي العلمانية يحاربون الشيخ بسبب آرائه وأقواله الموافقة للشرع، مشيرًا إلى أن أرباب العلمانية يريدون حياة بلا دين أو شرع، وحرية بلا ضوابط ويعارضون تشريعات السماء، ويحاولون التدخُّل في صميم عمل الله ويريدون أن تشرِّع الأرض للسماء، مشددًا على أنهم يكرهون من يحافظ على ثوابت الدين، ويخافون ممن يذكر الناس بفطرتهم السوية ويعمل على نصحهم بالثبات على أصول دين الإسلام القويم –والذي هو سبب لعزة المسلمين الحقيقة عبر السنين–.

وأوضح أن هؤلاء يغتاظون من التفاف الناس حول أهل الدين الوطنيين –حتى ولو ماتوا– ممن يقاومون ذلك التغيير الذي يريده هؤلاء العلمانيين في المجتمع طبقًا لتوجهات وأوامر أسيادهم الغربية والتي تدفع في تمييع الدين وهدم مفاهيمه الثابتة في نفوس الناس تحت غطاءات الحرية الشخصية المزعومة والدين الإنساني العالمي الجديد، تمهيدًا لتحقيق مخططاتهم الاحتلالية والتي ترتكز على تطبيق حروب الجيل الرابع لتحقيق الفوضى الدينية والمجتمعية كخطوة لحروب الجيل الخامس –أو الرابع المتقدم – التي يخططون لها من الآن. 

وأكد الدكتور وائل سمير الكاتب والداعية الإسلامي، أن الهجوم على الشيخ الشعراوي، أمر خطير غرضه السعي لهدم الرموز والقيادات الدينية ومقصود منه التغيير الثقافي في المجتمع وهدم المعاني والشخصيات والقضايا التي يعليها المجتمع، مضيفًا أنه ليس فقط الهجوم على الشيخ الشعراوي كشخص، بل هو هجوم على منهج يتبناه ونمط وأسلوب يحبه كثير من الناس ويمثل جزءًا من ثقافة هذا المجتمع.

 وقال وائل سمير في تصريحات لـ "الفتح"، إن الطعن في الشيخ الشعراوي من هؤلاء لأنه كان سبب اتزان كثير من النساء والتزام كثير منهن البيوت وتقريبهن للشريعة وتبسيط معاني القرآن الكريم لهم وزيادة الإيمان والرجوع إلى الله عز وجل من بعد النكسة واستفاقة المسلمين إلى أنهم لابد أن يعودوا إلى دينهم.

 وأوضح أن الشيخ الشعراوي ليس بشخصية معصومة ولكن هو رمز بين الناس على معنى الالتزام ومعنى التدين وله جهوده المشكورة في نشر هذا الدين، مؤكدًا أننا لا نغلو فيه ولا نبخسه حقه وأن من يهاجمونه جماعات ممنهجة وممولة لأغراض خارجية تؤثر في السلم والهدوء والأمن في المجتمع لمحاولة زعزعة هذه الثوابت وضرب هؤلاء الرموز. 

وأشار سمير إلى أنه إذا كان الشيخ الشعراوي الذي هو يعتبر عند كثير من الناس رمزًا للوسطية مُتهمًا، فبلا شك سيكون كل من تمسك بالدين أشد اتهامًا وهذا ضمن أغراض هؤلاء، لافتًا إلى أن الدفاع في هذا المقام عن الشيخ الشعراوي دفاع عن الدين ومعانٍ وقيم مجتمعية، مشددًا على ضرورة أن يضرب على أيدي هؤلاء وأن يمنعوا من هذا التطاول على المجتمع، مضيفًا أن هذه الحملات تجس نبض المجتمع هل لا زال مهتمًا برموزه الدينية ويلتف حول القيم والمعاني الإيمانية والدين أم أنه بات يجري وراء الشهوات والرموز والتمثيل والكرة واللعب واللهو وأثرت فيه حملات التغريب. 

 وقال الدكتور محمد عمر أبو ضيف القاضي، أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، إن الهجوم على الشيخ الشعراوي خطة ممنهجة ومؤامرة محكمة ومدروسة وموضوعة بعناية فائقة ولها جيش كبير يدار من وراء الأكمة ويقسم لفرق، كل فريق له عمل محدد، وطريق واضح يسير فيه، وعمل يؤديه، ويستقدمون جنودًا، ويغرونهم بالمال والشهرة وغيرها، مما يريدونه ويستهويهم.

وأكد القاضي أن ما يُحْدِثُونه ليس صدفة وما يقولونه ليس ارتجالًا فهي عقائد أُشربوها، وأفكار صُبت في عقولهم وتعلموها وأيديولوجيات عن سادتهم أخذوها فدانوا بها ولها وآمنوا بها، وصاروا من أدوات الهدم في صرح الأمة، وتقويض بنيانها ودعاة للفوضى والانحلال، ومعاول لتحطيم القدوات؛ ليضل المهتدي ويتوه المقتدي وهذا عين ما نراه الآن من هجوم سافر وكلام فاجر على أحد أبرز دعاة الإسلام الشيخ الشعراوي.