فوضى الصراع والميليشيات يهددان إنتاج النفط في ليبيا

  • 29
النفط في ليبيا

لا يزال قطاع النفط الليبي متأثرًا بالصراع والفوضى التي تعم المدن الليبية منذ انهيار نظام معمر القذافي، إذ شهد عدة أزمات كان نتيجتها توقف الإنتاج مرات كثيرة وإغلاق عدة حقول وآبار، والسبب في ذلك فرض الميليشيات والقبائل القوة القاهرة على تلك الحقول، والضغط على الحكومات الليبية المتعاقبة وعلى الميليشيات لتنفيذ مطالبهم، وكان آخر تلك المشاهد إغلاق 4 حقول نفط في طرابلس على خلفية احتجاز أو اختطاف وزير المالية بحكومة الوفاق فرج بومطاري في طرابلس الذي اختفى عن الأنظار بعد وصوله إلى مطار معيتيقة، لافتين إلى عدم فتح الحقول حتى الإفراج عن بومطاري، مهددين بإغلاق معظم الحقول والموانئ في منطقة الهلال النفطي إلى جانب قطع المياه عن العاصمة طرابلس.

وحذرت وزارة النفط الليبية من فرض إغلاق النفط؛ بعد توقف الإنتاج فعليًا في حقلي الشرارة والفيل، وأكدت أن إغلاق حقول النفط يسفر عن عدة عواقب بالغة الخطورة على الاقتصاد الليبي وتؤدي لفقدان الثقة داخل السوق العالمية في قطاع النفط الليبي واحتمال فقدان المستوردين للنفط الليبي بسبب عدم استقرار الإمدادات، بجانب احتمال عجز قطاع النفط عن توفير الكهرباء داخل ليبيا، مشددة على أن الإغلاق المتكرر يتطلب عمليات صيانة ومعالجة لأزمات فنية عالية التكلفة، مما يلزم بضرورة إبعاد القطاع النفطي عن الصراع السياسي في ليبيا.

وتتعرض ليبيا لخسائر كبيرة جراء توقف حقول النفط، ووفقًا لإعلان مصرف ليبيا المركزي أن الخسائر المباشرة لإيقاف إنتاج النفط وتصديره في العام الواحد تتخطى 10 مليارات دولار، وتمتلك ليبيا مجموعة من الحقول والموانئ النفطية، أبرزها حقل الشرارة النفطي جنوب غرب البلاد وحقل الفيل وحقل زلطن في خليج سرت، وتمتلك ليبيا تسعة موانئ على رأسها موانئ السدرة والبريقة والزويتينة.

وقال المهندس أحمد الشحات الباحث والكاتب في الشئون السياسية، إن كل هذه المظاهر وغيرها أثر من آثار غياب الدولة أو الدولة الرخوة التي لها صورة دولة ولكن في الحقيقة ليس لها تأثير الدولة وليس لها فعلية الدولة، موضحًا أن هذا نتيجة لغياب مؤسسات الدولة السيادية والرئيسية داخل الدولة.

وأكد الشحات في تصريح لـ "الفتح"، أن ليبيا تعاني منذ أن قامت الثورة فيها من هذه الأزمات، وبالتالي يكون الحكم لأمراء الحرب والميليشيات والقبائل، مضيفًا أن هذه بطبيعة الحال نظرتها للأمور نظرة على أحسن الاحوال نظرة مصلحية ضيقة والبعض منها كما هو معلوم مأجور وقد يُشترى بالمال فلا يكون لديه حتى هذه النظرة المصلحية الضيقة، وأن الجميع يقول نفسي نفسي ويسعى كل منهم لمصلحته الخاصة الضيقة المحدودة دون النظر إلى المصلحة العامة.

وأوضح الباحث أن هذه طبيعة الدول التي تغيّر مؤسساتها أو تسقط مؤسساتها وبالتالي يكون الحكم لمثل هذه الكيانات التي مهما ادعت حرصها على المصلحة العامة إلَّا أنها لا تراعيها في حقيقة الأمر.

وشدد الباحث على أن الحل هو أن تعود ليبيا دولة موحدة قوية ذات مؤسسات ودون ذلك سيظل الشعب الليبي يعاني من هذا النهب والسرقة والضياع وسيسود أو كما هو سائد نظرية البقاء للأقوى-أن الميليشيات الأكثر تسليحًا هي التي تستولي على أكبر قدر من النفط والقبائل الأكثر قوة واتساعًا هي التي تستولي على أكبر مساحة من الأرض.

وحذر الشحات من استمرار هذه الحالة حتى لا تترتب على ذلك حالة من حالات الصراع والتنافس الصفري، وأن تسعى كل قبيلة في أن تتوسع وتتمدد على حساب القبائل الأخرى وتسعى كل ميليشيا من الميليشيات أيضًا تتحكم فيها نفس النظرية وبالتالي تسود حالة من حالات الصراع الداخلي المسلح، مؤكدًا أن الحل الوحيد للخروج من هذه الدوامة المزعجة هو عودة الدولة.