الهجرة مستمرة إلى الله ورسوله بالقلب والجوارح.. "الهواري": أكبر معين عليها العلم الشرعي

التذكير بأيام الله توجيه مبارك يعرف المسلمين حقيقة السير إلى الله

  • 42
الفتح - الشيخ شريف الهواري، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية

قال الشيخ شريف الهواري، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية: إن هناك توجيه مبارك للأنبياء والرسل والعلماء والدعاة إلى الله أن يذكروا الناس بأيام الله، سبحانه وتعالى؛ لأنها تحاكي القصص والسنن والتاريخ، وتعلم الناس عظيم قدرته سبحانه وتعالى، وعظيم آلائه ونعمه وإحسانه، وإنجائه لعباده الصالحين، وأخذه لأعدائه، كما تعرف الناس على طبيعة الطريق، وحقيقة الصراع بين الحق والباطل؛ فما أجمل أن نتذاكر هذه الأيام المباركات بين الحين والحين لعظيم ما فيها من الدروس والعبر والمواعظ والمواقف والأحداث التي نتسلى بها في سيرنا على الطريق إلى الله، سبحانه وتعالى.

وأوضح "الهواري" -خلال كلمته في الندوة الجامعة للدعوة السلفية، تحت عنوان "وذكرهم بأيام الله - الهجرة وعاشوراء دروس وعبر"، والتي تنشر تفاصيلها كاملة في العدد الورقي من جريدة الفتح، غدا الجمعة- أن الهجرة حدث يكاد يكون متكررا فما من نبي إلا وهاجر؛ إذ هاجر موسى وهارون ببني إسرائيل، وهاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، والهجرة نوعان، أما الأولى: الهجرة الخاصة أو المؤقتة، وقيل: هي التي قد تلزم البعض دون البعض الآخر، وقد تكون في زمن دون آخر، وقد تكون في مكان دون آخر، ولها أكثر من معنى، أولا: الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلاد غير المسلمين، وهي محرمة، وثانيا: الهجرة من بلاد غير المسلمين إلى بلاد المسلمين، وهي واجبة؛ لأن الشريعة حرمت على المسلمين أن يهاجروا لبلاد غير المسلمين إلا بإذن الشرع، كأن يهاجر للدعوة إلى الله، أو طلب علم غير موجود في بلاد المسلمين، أو يتاجر في تجارة ليحضر لنا ما ليس موجودا عندنا، والشريعة أذنت في هذه الثلاثة بشروط، وهي: أن يكون المهاجر صاحب عقيدة راسخة، وأن يكون قادرا على إظهار شعائر دينه، وأن يأمن على نفسه الفتنة، وأنتم تعلمون حجم الفتن عند غير المسلمين.

وأضاف: وأما النوع الثاني من الهجرة فهي الهجرة العامة، التي تلزم جميع المكلفين من المسلمين، وهي من أسهل الطرق للإصلاح والتغيير، سواء تغيير الفرد أو الأسرة أو المجتمع؛ فلو اجتمعنا على تحقيق هذه الهجرة العامة الدائمة الواجبة، وهي تنقسم إلى قسمين، الأول: الهجرة إلى الله تبارك وتعالى بقلبك ثم ببدنك؛ فتهاجر إليه بقلبك محبا له، سبحانه وتعالى، أكثر من نفسك ومالك وولدك والدنيا بأسرها، وأن يكون هذا القلب رهن إشارته وطوع أوامره، فتحب ما يحب الله وتبغض ما يبغضه فأنت لا يسعك إلا أن تسمع لخالقك الذي وهبك الحياة، ثم تهاجر ببدنك إلى الله، سبحانه وتعالى، باتباع المنهج الصحيح في العقائد والعبادات والمعاملات مع الأخلاق والسلوكيات والأحكام والحدود؛ فيكون هناك توافق بين البدن والقلب فيذعن البدن لهذا المنهج القويم.

وتابع "الهواري": وأما القسم الثاني من الهجرة العامة هو الهجرة إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- باتباعه واتخاذه أسوة وقدوة؛ فتهاجر له بقلبك وبحبك له أكثر من نفسك وولدك ومالك والناس أجمعين، وتحب ما يحب، وتبغض ما يبغض، وتوالي من والى، وتعادي من عادى، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به"، فتحب العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق والسلوكيات والأحكام والحدود، ثم تهاجر لها ببدنك وأنت في مكانك أي تذعن بالجوارح لتطبيقاته -عليه الصلاة والسلام- وتسلم نفسك لهديه -صلى الله عليه وسلم- بكل ما كان يفعله في كل هذه الأمور؛ لذلك إذا أردت الوصول لأفضل صورة تكون بها دعوة صامتة لهذا الدين عليك أن تهاجر إلى رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بهذا المعنى.

وشدد عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، على أن أكثر الأمور التي تعين على تحقيق هذه الهجرة هو العلم الشرعي؛ لأنه يصحح العقيدة ويرسخها فتعظم الله وتسمع له وتطيع، ويعرفك على اليوم الآخر فيعينك ذلك على التزود له، كما تتعرف من خلاله على طبيعة الصراع وحقيقة العراقيل وتعرف كيف تتخطاها وتصل إلى بر الأمان.