بعد تكرار الفشل بالجولة الأخيرة.. مراقبون: استمرار التعنت يؤكد سوء نوايا "أديس أبابا" بأزمة سد النهضة

  • 33
الفتح - أرشيفية

بعد توقف استمر لأكثر من عامين، عُقدت جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان، إلا أنها لم تأتِ بجديد ولم تشهد أي تقدم يذكر، حسب التصريحات الرسمية من قبل وزارة الري المصرية، إذ لم تبدِ أديس أبابا أي تغييرات جادة على موقفها التفاوضي، حتى أن رئيس فريق التفاوض الإثيوبي رفض التوقيع على أي وثائق تحد مما أسماه بـ "حقوق بلاده التنموية"، الأمر الذي جعل البعض يصف تلك التصريحات بأنها غير دبلوماسية وأنها مخيبة للآمال.

ومن المقرر أن تستضيف إثيوبيا الجولة المقبلة من المفاوضات في سبتمبر 2023، فيما يرى مراقبون أنها ستسعى جاهدة إلى اختتام المفاوضات الثلاثية على أساس مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول لمياه النيل، على حد زعمها.

وقال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن إثيوبيا غير جادة في التفاوض وأن إعلان رغبتها في استئناف التفاوض مرة أخرى ما هي إلا تصريحات دبلوماسية تتكرر عند اللقاءات والمحافل الدولية التي يلتقي فيها مسئولو البلدين، مشيرًا إلى أن إثيوبيا اعتادت التغول على حقوق الآخرين، مستشهدًا بالاعتداء على أراضي إريتريا وكذلك أرض الصومال، فضلًا عن تعديها على إقليم الفشقة السوداني، علاوة على السدود التي تبنيها إثيوبيا لمنع المياه عن كينيا والصومال.

وجدد شراقي في تصريحات لـ "الفتح" تأكيده على أن تصريحات إثيوبيا حول عودة المفاوضات ما هي إلا تصريحات دبلوماسية ناعمة، مشيرًا إلى أنها لديها رغبة شديدة في التمسك بموقفها المتعنت في مسألة سد النهضة، محذرًا الجانب المصري من التعامل بحسن نية وبالتفاؤل مع إثيوبيا، إلى أن تثبت أديس أبابا حسن نيتها.

ودلل شراقي على استمرار تعنت الجانب الإثيوبي في المفاوضات مع مصر والسودان، بأن أديس أبابا لم تحدث تغييرًا في فريق التفاوض الخاص بها على عكس الجانب المصري الذي أحدث تغييرًا في فريق التفاوض من خلال تغيير وزير الري –الذي يرأس ملف التفاوض– أكثر من مرة، أما إثيوبيا فما زالت تتمسك بعدم التغيير لدرجة أن أعادت سفيرها من واشنطن –مؤقتًا– لتولي ملف التفاوض مع مصر، ثم العودة إلى عمله بواشنطن مرة أخرى، لافتًا إلى أن هذا الشخص هو الذي كان يتولى التفاوض مع مصر منذ البداية، بل هو صاحب التصريحات العدائية الأخيرة التي قال فيها: "إن إثيوبيا لن توقع على أي وثيقة تنقص من حقوقها المائية".

ويرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة أنه لابد أن تطلب مصر حضور أطراف دولية فاعلة لتشارك في جولة المفاوضات المقبلة في أديس أبابا، وألا يقتصر دورهم على المراقبة فقط كما كان يحدث من قبل، مؤكدًا ضرورة أن تشترط مصر تدخل هذه الأطراف للتوسط وإدلاء رأيها من أجل الحل، وإلا فإن أي تفاوض مع الجانب الإثيوبي لن يؤتي ثماره.

ومن جهته، أكد الدكتور مختار غباشي، رئيس المركز العربي للدراسات، أن الجانب الإثيوبي سيء النية في مفاوضاته مع مصر، إذ يمارس نفس سبل التفاوض التي يمارسها الجانب الإسرائيلي مع الجانب الفلسطيني.

وبين غباشي في تصريحات لـ "الفتح" أن التفاوض الذي تم أو يتم لم يحقق شيئًا يذكر، وعلى الرغم من تدخل الاتحاد الإفريقي على مدار عام كامل إلا أنه لم يحقق شيئًا وباء تدخله بالفشل، فضلا عن أن الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي استضافا الأطراف المعنية بسد النهضة إلا أنهما فشلا في تحقيق أي تقدم رغم توقيع المفاوض المصري بالأحرف الأولى على التفاوض ولكن هروب المفاوض الإثيوبي أفشل تلك المحاولات.

وحمل غباشي فشل جولة المفاوضات الأخيرة للجانب الإثيوبي، بعدما رفض التوقيع على اتفاق ملزم ولا أن يقر بالحقوق التاريخية لمصر والسودان، بل الجانب السوداني ليس مؤمنًا بالاتفاقيات التاريخية سواء كانت رقم 29 أو 59 أو حتى 2015م التي أعطت له شكلًا من أشكال الشرعية، لكنه بدرجة كبيرة جدا ينكر حتى ما أتى به من نصوص عامة تخص حقوق دول المصب من حقوق واتفاقيات مع دول المنبع.

ويرى رئيس المركز العربي للدراسات أن مجمل التفاوض مع أديس أبابا يؤكد أنها "سيئة النية" ولن تعطي مصر أو السودان اتفاقًا ملزمًا، مشيرًا إلى أن إثيوبيا تسوّف حتى تنتهي من الملء الرابع حتى يصل من خلال هذا الملء إلى حد الأمان بالنسبة للمياه، وبعد ذلك يكون ما يكون، مؤكدًا أن الأمر خطير وأن الجانب المصري والجانب السوداني مطالبين بأن تكون ردود أفعالهم على مستوى خطورة الموقف الإثيوبي وتعنته.