عاجل

سفير الصومال لدى السودان لـ"الفتح": القاهرة تدعم مقديشو.. ولا بد من موقف عربي قوي وموحد للرد على انتهاكات أديس أبابا

آبي أحمد يسعى لمنفذ على البحر الأحمر .. وإذا لم يتراجع عن موقفه فمن الممكن اللجوء للحل العسكري

  • 93
الفتح - محمد شيخ إسحق سفير دولة الصومال بالسودان

آبي أحمد لا يكف منذ توليه السلطة عن إثارة القلاقل في القارة الإفريقية عامة ومنطقة القرن الإفريقي خاصة، ومن ذلك تلك الاتفاقية المزعومة التي وقعها مع  أرض الصومال (صوماليلاند)؛ ومن أجل الوقوف على حقيقة الأمر وتداعياته حاورنا السفير محمد شيخ إسحق، سفير دولة الصومال في السودان.. وإلى نص الحوار:

** بداية.. ما تفسيرك لسعي آبي أحمد الدؤوب للحصول على أي منفذ على البحر الأحمر؟

إثيوبيا لم تبدأ اليوم، لكنها تفكر منذ حين في هذا الأمر؛ نظرًا لأهميته السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والعسكرية بالنسبة لهم، والأزمة الحالية مفاجئة للصومال، وما كنا نتوقعها، كنا بالفعل نتابع تصريحاته لكننا توقعنا أنه ربما يريد التفاوض أو شيئًا من هذا القبيل، لكننا لم نتوقع أبدًا هذه الاتفاقية بتلك الصورة مع أرض الصومال التي هي في الأساس جزء من بلادنا.

وبناء على ذلك بدأنا تحركاتنا الدبلوماسية لمواجهة هذه المشكلة؛ مثل مشاركتنا في مؤتمر جامعة الدول العربية الطارئ المنعقد بتقنية "فيديوكونفرانس" يوم الأربعاء الموافق 17 من يناير الماضي، إضافة إلى لقاء الرئيسين الصومالي حسن شيخ محمود والمصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة وبحث تداعيات هذه الأزمة، وغير ذلك من التحركات.

** كيف تقيم دور الجامعة العربية في هذه الأزمة؟

السفير الصومالي بالقاهرة إلياس شيخ عمر أبو بكر والمندوب الدائم بجامعة الدول العربية أعلن في 4 يناير الماضي أن الصومال تقدم بطلب للجامعة العربية بعقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية العرب لبحث هذه الأزمة؛ وبالفعل استجابت الجامعة العربية مشكورة لهذا الطلب وعُقد الاجتماع السالف الإشارة إليه، ورفضت هذه الاتفاقية وأدانتها، وأدانت أي مذكرات تفاهم تنتهك سيادة الدولة الصومالية أو تحاول الاستفادة من المشكلات الداخلية بالصومال لتحقيق أغراضها، وأعلنت تضامنها الكامل مع قرار مجلس الوزراء الصومالي الذي اعتبر مذكرة التفاهم تلك باطلة ولاغية وغير مقبولة وتمثل انتهاكًا صارخًا لسيادة ووحدة الصومال والقانون الدولي، وأكدت حقنا الكامل في الحفاظ على استقلال وسيادة ووحدة أراضينا. 

** ماذا تنتظرون من مصر وبقية الدول العربية؟

مصر تقف معنا وتدعمنا، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي ذلك صراحة خلال اجتماعه مع نظيره حسن شيخ محمود، ونرحب بأي دولة تدعم حقوق الصومال في مواجهة تلك الانتهاكات الإثيوبية. ونقدم الشكر لمصر على كل شيء؛ فرغم وجود مشكلة بينها هي والسودان مجتمعين وبين إثيوبيا بخصوص السد الإثيوبي، لكنها أعلنت موقفها صراحة بالوقوف معنا.

ولا بد من موقف عربي موحد وقوي للرد على هذا الانتهاك الصارخ من إثيوبيا ضد سيادة ووحدة الأراضي الصومالية؛ فهذه الاتفاقية تعد تصرفًا أحادي الجانب من أديس أبابا ويشكل تهديدًا –ليس فقط لأمن الصومال- بل للأمن القومي العربي والملاحة البحرية في البحر الأحمر عمومًا، وهي محاولة تهدف للنيل من سيادة واستقلال ووحدة جمهورية الصومال الفيدرالية.

** ماذا لو لم تفلح التحركات الدبلوماسية؟

نحن نتحرك دبلوماسيًّا حتى يتراجع آبي أحمد عن موقفه، وإذا لم يتراجع فهناك حلول أخرى؛ فالحكومة الصومالية لديها أوراق ضغط عدة، وما زلنا في بداية الأمر ولم نستنفذ كل ما في جعبتنا بعد، لكن في نهاية الأمر سيكون الحل العسكري مطروحًا؛ فمن الممكن أن نلجأ لعمل عسكري لكنه سيكون آخر شيء بعد استنفاذ كل الحلول السلمية الممكنة، وعند اللجوء للحل العسكري فهناك اتفاق الجامعة العربية الذي ينص على أنه حال الاعتداء على دولة فلا بد على بقية الدول الأعضاء الدفاع عنها.

وإذا بدأت أديس أبابا بأي عمل عسكري ضدنا فلن نتردد في الرد عليها مهما كان الثمن، لكن رغم ذلك لا نفكر حتى الآن ولا نفضل العمل العسكري، ولا نتمناه.

** حال اندلاع عمل عسكري صومالي هل سيشمل (صوماليلاند) فقط أم سيخرج عنها؟

الصومال أرضها معروفة وحدودها القانونية مرسومة وكلها تحت سيادتها، وهذه الاتفاقية تهدد وحدتها وسيادتها، لكن توجد الآن صراعات داخلية صومالية؛ فقد عانت البلاد من ويلات الحروب الأهلية لفترات طويلة منذ تسعينيات القرن الماضي وهي تتعافى منها الآن؛ وإثيوبيا كانت مترصدة لنا وحينما رأت الصومال في طريقها نحو التقدم حاولت التدخل في شؤونها الداخلية.

وبدأت الحكومة الصومالية في بناء جيش قوي لجميع أفراد وطوائف الشعب، سواء فيما يخص القوات البحرية أو البرية أو الجوية، حضر الرئيس حسن شيخ محمود حفل تخرج ضباط الصف، وإخواننا في تركيا دربوا مشكورين وحدات من الجيش الصومالي؛ يعني بفضل الله نحن نتعافى من ويلات الحروب ونسير للأمام، والجيش الصومالي قوي جدًّا لكن رغم ذلك لا نفضل العمل العسكري، علاوة على أن الشعب الصومالي معروف حتى لو لم يكن عنده جيش فهو يحارب بأي وكل وسيلة ممكنة متاحة أمامه.

** هذه الاتفاقية تسمح لإثيوبيا بوجود عسكري على خليج عدن مدخل البحر الأحمر.. فهل ستنتظر الجامعة العربية حتى يحدث ذلك؟

هذه أشياء لا نريد التدخل فيها عامة، لكن الوضع خطير بالفعل وسيكون له تأثير سلبي وتداعيات في المنطقة سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا، بل إن التأثير لن يقف عند حدود البحر الأحمر فقط بل سيطال كذلك منطقة الشرق الأوسط كلها لو ظلت إثيوبيا مصرة على موقفها، وأديس أبابا تأخذ هذا المنحى حتى تتحكم في مياه البحر الأحمر سواء أكان باب المندب أو حتى تأثيره على قناة السويس لأنه في لحظة واحدة يُمكن عرقلة كل البواخر الآتية من أمريكا وأوروبا؛ وبالتالي ستؤثر على سير حركة الملاحة الدولية.