فجوة زيت الطعام تتخطى الـ 90%.. وتوجيهات حكومية للتغلب عليها

خبراء ينصحون بالتوسع في الزراعات التعاقدية وتحميل بعض المحاصيل الزيتية مع الأخرى

  • 29
الفتح - زيت الطعام أرشيفية

مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية والأساسية مثل الزيوت على إثر تداعيات ما يشهده العالم من حروب وتوترات جيوسياسية، يتزايد الاتجاه إلى التوسع في زراعات المحاصيل الزيتية لتقليل فجوة زيت الطعام لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك إذ يتخطى حجم الاستيراد من زيت الطعام أكثر من 90%.

التوسع في المحاصيل الزيتية بات مطلبًا مهمًا خاصة وأن بعضها يدخل في صناعات عديدة مثل الذرة، والفول السوداني، وفول الصويا، وتابع الشمس (دوار الشمس)، والقطن، والسمسم، والكتان، والكانولا، والجوجوبا، والزيتون، وكلها محاصيل تفيد في استخراج الزيوت والطحينة، كما تدخل بعضها كمواد علفية ومساعدة للحيوانات، ويمكن الاستفادة منها في بعض الصناعات كمواد الطلاء والدهان وغيرها.

ولأهمية الملف من الناحية الاقتصادية اتخذت الحكومة حزمة من الإجراءات للزيوت بهدف سد العجز بين الإنتاج والاستهلاك وتوفير فجوة الاستيراد من خلال وضع سعر ضمان لعدد من المحاصيل الاستراتيجية. 

ووجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، بضرورة التوسع في إنتاجية محصول القطن واستنباط أصناف عالية الإنتاجية تتماشى مع التغيرات المناخية، من المحاصيل الاستراتيجية والزيتية بالتوسع في زراعة القطن، والذرة، وانشاء صوامع لتخزين البذور والتوسع في إنشاء تنكات لتخزين الزيت بمصانع الإنتاج الموجودة.

وبحسب توجيهات رئاسية، أعلنت خلال الربع الأخير من العام 2023 تهدف إلى زراعة 52 ألف فدان فول صويا خلال 2023 و500 ألف فدان صويا خلال العام الجاري 2024 من أجل زيادة حجم الزيت من فول الصويا المحلي.

وكانت وزارة الزراعة أعلنت نيتها زراعة أكثر من 750 ألف فدان من النباتات الزيتية خلال العام الجاري 2024، لتقليل واردات الزيوت، والاعتماد على البدائل المحلية.

 ومن المقرر زيادة المساحات المخصصة لمحصول القطن ليصل خلال العام الجاري 2024 إلى 500 ألف فدان، من 320 ألفًا العام الماضي، كما من المقرر زيادة المساحات المخصصة لمحصول دوار الشمس  إلى 250 ألف فدان خلال العام 2024 مقابل 90 ألف فدان العام الماضي 2023.

ومن جهته، قال الدكتور سعد زكريا، أستاذ بكلية الزراعة بكفر الشيخ، إن نسبة العجز الحالية في زيوت الطعام تجاوزت الـ95% نظرُا لعدم إنتاجيتنا لمحاصيل الزيوت بالشكل الكافي، فمنها دوار الشمس والقطن وفول الصويا والكانولا، كالكتان والذرة الزيتية.

وأضاف أن فول الصويا يمكن زراعتها في الأراضي الجديدة، حيث يمكن تخصيص نسبة من 10 إلى 20% منها لزراعة المحاصيل الزيتية كالسمسم والكانولا ودوار الشمس وفول الصويا والذرة الزيتية، ويمكن تحميل الذرة مع فول الصويا، في الصيف ويمكن زراعتها كبنجر وقمح، وبذلك سيكون هناك تغيير في فاتورة الاستيراد، والتي ستمتد للمحاصيل العلفية، الأمر الذي يتطلب دعم الأبحاث نحو المحاصيل الاستراتيجية لتكثيف الإنتاج الزراعي.

ولفت إلى أهمية تفعيل صندوق دعم المحاصيل الزراعية ليقوم بتغطية العجز حال اختلال الأسعار، بالإضافة لاستنباط أصناف تعطي إنتاجية رأسية عالية من خلال زراعتها في الأراضي القديمة بما يزيد من إنتاجية الفدان، مشيرًا إلى أهمية سن قانون لتفعيل الدورة الزراعية لتعظيم الإنتاجية.

وأفاد بأن فول الصويا ودوار الشمس في الأراضي القديمة يعطي من طن إلى 1.25 طن للفدان من البذور، بنسبة عصر من 30-40% زيوت، أما الحديث يعطي الفدان نسبة كفاءة من 60 إلى 70%، وبالقياس على كل المحاصيل الزيتية، حيث تعطي الأراضي الحديثة بدءًا من السنة الثانية من 40-50% ويمكن زيادتها تدريجيًا وصولاً إلى النسبة الأكبر بعد السنة الرابعة للفدان بحسب معالجات مختلفة كالملوحة والزراعة الآلية والحصاد الآلي وغير ذلك، بما يزيد من قدرة الفدان الإنتاجية.

وأكد رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب السابق، أن هناك محاصيل شديدة الأهمية للاقتصاد والصناعة في مقدمتها محصول القطن "الذهب الأبيض" فمن خلال عصر بذوره يستخرج الزيت ويدخل في صناعات الأعلاف "الكسب"، والأقطان وعلى الدولة أن تتجه إلى التوسع في زراعته لما له من دور كبير في الصناعة.

وأوضح تمراز: كذلك من المهم إزالة العقبات أمام الفلاح والمزارع وتسهيل احتياجاته من خلال منح قروض حسنة دون فائدة، وتوفير مستلزمات الإنتاج من بذور وأسمدة، إضافة إلى التوسع في الزراعات التعاقدية مع الاهتمام بالمحاصيل الزيتية، وتحفيز الفلاح للقيام بدوره فهم يمثلون جيش مصر الأخضر.  

وحول أهمية المحاصيل الزيتية، يقول محمد عبد الهادي، باحث بكلية الزراعة بجامعة الأزهر، إن المحاصيل الزيتية تنقسم إلى محاصيل زيتية غذائية من بينها السمسم والفول السوداني، ومحاصيل زيتية تصنيعية من بينها تابع الشمس، والكانولا، وفول الصويا، ويستخدم فيها المعاصر كما يستخرج منه الزيوت والأعلاف.

وأضاف أن الفلاح يواجه مشاكل عديدة مثل التسويق، وتحديد السعر وارتفاع نسب الملوحة في الأراضي الجديدة، مشددًا على أهمية تحقيق السعر العادل والتوريد، وذلك سيحفز الفلاح ويجعله يتوسع في زراعات المحاصيل الزيتية، فحجم الاستهلاك يتخطى 2.7 مليون طن حجم الاستيراد تزيد عن 2.1 مليون طن سنويًا.

وتابع: أن التوسع في الزراعات التجميعية سيعطي ميزة نسبية، إضافة إلى استنباط أصناف عالية الإنتاجية بالتعاون مع مراكز البحوث الزراعية وكليات الزراعة والوزارات المعنية، فضلاً عن تحقيق السعر العادل سيجذب المزارع للتوسع في المحاصيل الزيتية. 

وأوضح عبد الهادي: أن مساحة القطن في مصر وصلت نحو 300ألف فدان، ويمكن تحميل السمسم عليه بمعدل كيلوجرام واحد للفدان ويزرع على الريشة "البطالة"، والقطن لا يغطي على السمسم ودورة حياته أربعة أشهر، وهي أقل من القطن، كما أنه لا يحتاج إلى معاملات خاصة بل يمكن الاستفادة منه في الحصول على أردب سمسم ويحقق ربحية وإذا تم تطبيقه سيوفر على الموازنة العامة للدولة من استيراد السمسم الذي يدخل في صناعات الحلاوة والطحينة كما يدخل في صناعات أخرى.

ولفت أن مزارعي محاصيل الخضار يمكن أن تزرع معه تابع الشمس، وله فوائد كبيرة مثل الظل والتراب والهواء، وهو مفيد في الإنتاج الحيواني، والطيور، وصناعات الزيوت والصناعات العلفية التي تولي لها الدولة باهتمام كبير لتوفير العملة الصعبة.