عاجل

أحد خصال الإيمان وسبب محبة الله في الدنيا والآخرة.. "داعية" يوضح فضل وأثر المحبة في الله وعوامل تقويتها

  • 26
الفتح - المحبة والأخوة في الله أرشيفية

قال الداعية الإسلامي سعيد محمود: إن الحب في الله أحد خصال الإيمان، وهذه درجة أعلى من مجرد أخوة الدين، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ" [متفق عليه]، وقال: "مَن أحبَّ للَّهِ وأبغضَ للَّهِ، وأعطى للَّهِ ومنعَ للَّهِ فقدِ استَكْملَ الإيمانَ" [رواه أبو داود، وصححه الألباني].


فضل الحب في الله (الأخوة في الله)

وأشار "محمود" -في مقال له بعنوان "قصة الذي أحبه الله لحبه لأخيه" نشرته جريدة الفتح- إلى فضل المحبة في الله، ومنها: 

- سبب لنيل محبة الله في الدنيا والآخرة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الله -تبارك وتعالى-: "وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ" [رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني].

- أخوة الصالحين بركة وذكر جميل، ففي الحديث: "قَالَ هُمْ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ" [رواه البخاري].

- آمنون يوم الفزع الأكبر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: ..."، وذكر منهم: "وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ" [متفق عليه].

- أهل ولاية الله، والمكانة التي يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء في الآخرة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ مِن عبادِ اللهِ لَأُناسًا ما هم بأنبياءَ ولا شُهداءَ، يغبِطُهم الأنبياءُ والشُّهداءُ يومَ القيامةِ بمكانِهم مِن اللهِ تَعَالَى"، قالوا: يا رسولَ اللهِ، تُخبِرُنا مَن هُمْ؟ قال: "هم قومٌ تحابُّوا برُوحِ اللهِ على غيرِ أرحامٍ بَيْنَهم، ولا أموالٍ يتعاطَوْنَها، فواللهِ إنَّ وجوهَهم لَنُورٌ، وإنَّهم على نُورٍ، لا يخافونَ إذا خاف النَّاسُ، ولا يحزَنونَ إذا حزِن النَّاسُ" وقرَأ هذه الآيةَ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62] [رواه أبو داود، وصححه الألباني].


عوامل تقوية الأخوة في الله

وأضاف: ومن عوامل تقوية الأخوة في الله، والتي هي بمثابة الحقوق في الأخوة في الله، وهي على قسمين: معنوية ومادية.

أولًا: العوامل المعنوية:

- زيارته والسؤال عنه دون النظر إلى درجة الفضل بينهما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا" [رواه الترمذي، وحسنه الألباني].

- ذكره بما يحب في حضوره وغيابه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَن ردَّ عَن عِرضِ أخيهِ ردَّ اللَّهُ عن وجهِهِ النَّارَ يومَ القيامةِ" [رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني].

- الدعاء له في حياته وبعد مماته، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "دُعَاءُ الْأَخِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ لَا يُرَدُّ" [رواه البزار، وصححه الألباني].

- العفو عن زلاته وهفواته فالاختلاف طبيعة الخلق، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: "كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إذْ أقْبَلَ أبو بَكْرٍ آخِذًا بطَرَفِ ثَوْبِهِ حتَّى أبْدَى عن رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أمَّا صَاحِبُكُمْ فقَدْ غَامَرَ" فَسَلَّمَ وقَالَ: إنِّي كانَ بَيْنِي وبيْنَ ابْنِ الخَطَّابِ شيءٌ، فأسْرَعْتُ إلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أنْ يَغْفِرَ لي فأبَى عَلَيَّ، فأقْبَلْتُ إلَيْكَ، فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لكَ يا أبَا بَكْرٍ، ثَلَاثًا، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فأتَى مَنْزِلَ أبِي بَكْرٍ، فَسَأَلَ: أثَّمَ أبو بَكْرٍ؟ فَقالوا: لَا، فأتَى إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَلَّمَ، فَجَعَلَ وجْهُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَتَمَعَّرُ، حتَّى أشْفَقَ أبو بَكْرٍ، فَجَثَا علَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، واللَّهِ أنَا كُنْتُ أظْلَمَ، مَرَّتَيْنِ..." [رواه البخاري].

- موالاته ونصرته في الحق، ونصحه وإرشاده إذا تركه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: "تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ" [رواه البخاري].

ثانيًا: العوامل المادية:

- المواساة بالمال التي تصل إلى المشاركة والإيثار، جاء رجل مِن السلف إلى بيت صديقٍ له، فخرج إليه فقال: ما جاء بك؟ قال: علي أربعمائة درهم، فدخل الدار فوزنها ثم خرج فأعطاه ثم عاد إلى الدار باكيًا، فقالت زوجته: هلا تعللت عليه إذا كان إعطاؤه يشق عليك. فقال: إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله فاحتاج أن يقول لي ذلك! [التبصرة]

- الإعانة بالنفس والبدن على قضاء الحاجات، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ مِن أَنْ أعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجدِ -يَعْنِي مَسْجدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا" [رواه الطبراني وقال الألباني: حسن لغيره].


مِن أقوال السلف في فضل صديق الخير

 وتابع "محمود": نظروا في أثر أخوة الخير في الدنيا والآخرة، فكانت منهم هذه الدرر مِن الأقوال، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- "لِقَاءُ الْإِخْوَانِ جَلَاءُ الْأَحْزَانِ"، وقال بعض السلف "رُب صديق أودُّ من شقيق"، وقال آخر "أَفْضَلُ الذَّخَائِرِ أَخٌ وفِيٌّ"، وقال آخر "صديق مُسَاعدُ عضدٌ وَسّاعدً" [أدب الدنيا والدين، ص161].

- فقدان صاحب الخير عندهم مصيبة، قال الإمام أحمد -رحمه الله- "إذا مات أصدقاء الرجل ذل" [طبقات الحنابلة]، وقال سفيان بن عيينه "قال لي أيوب: إنَّهُ لَيَبْلُغُنِي مَوْتُ الرَّجُلِ مِنْ إخْوَانِي فَكَأَنَّمَا سَقَطَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِي" [الآداب الشرعية]، وقال الخليل بن أحمد "الرجل بلا صديقٍ كاليمين بلا شمال"، وقال جعفر بن محمد "لقد عظمت مكانة الصديق، ألم تسمعوا قوله تعالى في أهل النار: {فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ . وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ}" [الشعراء: 100-101].

وقال الداعية الإسلامي: لقد كان لحب الرجل الصالح لأخيه في الله آثار عظيمة تظهر في إرسال مَلَك إليه يبشره بمحبة الله، التي هي سبب كل فلاح ونجاح وخير لأمثاله في الدنيا والآخرة، فمَن أحبه ربه، سعد في الدنيا والآخرة.