"داعية": الإقبال على المساجد وقراءة القرآن أفضل ما نستقبل به رمضان

  • 35
الفتح - أرشيفية

لم يكن رمضان بالنسبة للصحابة مجرد شهر من الشهور، بل كان له في قلوبهم مكانة خاصة ظهرت واضحة من خلال استعدادهم له واحتفائهم به ودعائهم وتضرعهم إلى الله تعالى أن يبلغهم إياه لما يعلمون من فضيلته وعظم منزلته عند الله عز وجل.


أهمية الاستعداد لاستقبال شهر رمضان

وأشار  الداعية الإسلامي سعيد محمود -في مقال له عبر موقع "صوت السلف"- إلى ضرورة القيام ببعض الأمور عند حلول شهر رمضان، ومنها:-


أولًا: الإقبال على المساجد:

وأوضح "محمود" أن المساجد تستعد وتنتظر موسم رمضان، لتعمَّر بالقائمين والمتهجدين والذاكرين والمعتكفين، ناصحًا: فكن أول المعمرين: قال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 36-37]، أقبل على المساجد، وأكثر من المكث فيها تحفظ صيامك: "كان السلف -رحمهم الله- يتحفظون لصيامهم بكثرة المكث في المسجد".

وذكر عدة فوائد للمكث في المسجد، وهي:

- بالمكث في المسجد، أنت في صلاة ما دمت في المسجد، والملائكة مشغولة بالدعاء لك: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، لاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، لاَ يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلاَةُ" [متفق عليه].

- بالمكث في المسجد تتساقط ذنوبك، وتكفر سيئاتك ما دمت في المسجد: في الحديث القدسي في اختصام الملأ، قال الله تعالى: {يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: فِي الكَفَّارَاتِ، قَالَ: مَا هُنَّ؟ قُلْتُ: مَشْيُ الأَقْدَامِ إِلَى الجَمَاعَاتِ، وَالجُلُوسُ فِي المَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ} [رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"].

- بالمكث في المسجد تطرد همومك وغمومك، وترتاح نفسك، وينصلح بالك، فأنت في خير مكان على الأرض: قَالَ: "أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا" [رواه مسلم]. 

- بالمكث في المسجد تورث قلبك التعلق بالمساجد، وبه تنال ظل العرش يوم دنو الشمس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَرَجُلٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ، إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ" [متفق عليه].   


ثانيًا: الإقبال على القرآن:

ولفت "محمود" إلى أن رمضان له خصوصية عظيمة مع القرآن فهو شهر القرآن الأعظم: قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ...} [البقرة: 185]، متابعًا: والصالحون إذا أقبل رمضان تفرغوا لتلاوة القرآن: "كان الزهري -رحمه الله- إذا أقبل رمضان يتوقف عن التحديث، ويقول: إنما هو لتلاوة القرآن وإطعام الطعام"، و"كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن"، وقال سفيان: "كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف وجمع إليه أصحابه" (انظر: لطائف المعارف).

وتابع: بل يجتهدون في زيادة الختمات: قال القاسم عن أبيه الحافظ ابن عساكر: "كان مواظبًا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة ويختم في رمضان كل يوم" [سير أعلام النبلاء]، "وكان الأسود يختم القرآن في رمضان كل ليلتين، وكان قتادة إذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة، وقال ربيع بن سليمان: كان محمد بن إدريس الشافعي يختم في شهر رمضان ستين ختمة ما منها شيء إلا في صلاة".

واستكمل "محمود": ستعرف قيمة ذلك عند معاينة الجزاء: قال -صلى الله عليه وسلم-: "يَجيءُ القُرْآنُ يومَ القيامةِ كالرَّجُلِ الشَّاحبِ، فيقولُ: أنا الَّذي أسهَرْتُ ليلَكَ وأظمَأْتُ نهارَكَ" [رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني].

واستطرد الداعية الإسلامي: تلاوة القرآن سبب مضاعفة الحسنات في سائر الأوقات؛ فكيف بشهر تضعيف الأجور؟! قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ" [رواه الترمذي، وصححه الألباني].