مما عمّت به البلوى.. "داعية" يوضح حكم الغناء والموسيقى وأقوال الأئمة الأربعة فيهما

  • 70
الفتح - هل الموسيقى حرام أرشيفية

قال المهندس صلاح عبد المعبود، الداعية الإسلامي: إن مما عمت به البلوى وأشد ما ابتليت به القلوب هو حب الغناء والموسيقى، فصار عند كثير من الناس استماع الأغاني أحب إليهم من استماع سور القرآن، مضيفًا: فلو سمع أحدهم القرآن من أوله إلى آخره لما حرك له ساكنا، حتى إذا تليت عليه الأغاني وقرعت نغماتها الأسماع اهتز لها القلب واضطرب، متعجبًا من هذا المفتون الذي أضاع حظه من القرب من الله ورضي بنصيبه من إغواء الشيطان.


أدلة تحريم الغناء

وأشار "عبد المعبود" -في مقال له بعنوان "تعجيل المنفعة بتحريم الغناء" نشرته جريدة الفتح- إلى أدلة تحريم الغناء في القرآن والسنة، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [لقمان: 6]، قال العلامة ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: يذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب، كما قال ابن مسعود في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] قال: هو الغناء والله الذي لا إله إلا هو. يرددها ثلاث مرات.

وأضاف: وأما الدليل من السنة على تحريم الغناء، فقد جاء في [صحيح البخاري] معلقا بصيغة الجزم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليكوننَّ من أمتي أقوامٌ يستحِلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخمرَ والمعازفَ"، مشيرًا إلى أن هذا يدل دلالة واضحة على تحريم آلات العزف والطرب وذلك من وجوه:

1- قوله: "يستحلون"، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة فيستحلها أولئك القوم.

2- قرن المعازف مع المقطوع بحرمته الزنى والخمر، ولو لم تكن محرمة ما قرنها معها.


أقوال الأئمة الأربعة في تحريم الغناء

وتابع "عبد المعبود": أما أقوال الأئمة الأربعة في تحريم الغناء، فهي كالآتي:

- قال أبو حنيفة -رحمه الله- "الغناء حرام وهو من الذنوب"، بل صرح أصحابه بتحريم الملاهي (آلات اللهو) كلها، وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد به الشهادة.

- وأما الإمام مالك -رحمه الله-، فقد سُئل عما يرخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال "إنما يفعله عندنا الفساق"، وقال "إذا اشترى رجل جارية فوجدها مغنية كان له أن يردها بالعيب".

- وأما الشافعي -رحمه الله- فقد صرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه، بل تواتر عنه أنه قال "خَلَّفتَ ببغداد شيئًا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن، والتغبير هو شعر يزهد في الدنيا يغني به أحد المغنين على نغمة ضرب على طبلة ونحوها".    

- وأما الإمام أحمد -رحمه الله-، فقد قال ابنه عبد الله "سألت أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق في القلب، لا يعجبني"، ثم ذكر قول الإمام مالك "إنما يفعله عندنا الفساق".


وأشار الداعية الإسلامي إلى أن الغناء والقرآن لا يجتمعان في القلب أبدا؛ فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى ويأمر بالعفة والفضيلة، والغناء يأمر بذلك فيهيج النفوس إلى الهوى ويحركها إلى كل قبيح، مضيفًا: وإنك لا تكاد ترى أحدا مال إلى الغناء إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى، وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء، لو استمع لآيات من القرآن ثقلت عليه ومرت عليه كأنها الجبال ورأى فيها الثقل والملال، ولو استمع للغناء للساعات الطوال طابت له نفسه وزينها له الشيطان، قال تعالى: {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [لقمان: 7]. قال ابن كثير -رحمه الله- "أي هذا المقبل على اللهو واللعب والطرب إذا تليت عليه الآيات القرآنية ولى عنها وأعرض وأدبر".