برهامي: الواقع الذي نعيشه مؤلم جدًا.. وإذا لم نتغير فلن يتغير الواقع

  • 24
الفتح - الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية

قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية: إن الواقع الذي نعيشه واقع مؤلم جدًا، يحتاج إلى تغيير جذري، إذا لم نتغير فلن يتغير الواقع، وبالتالي لن يرتفع عنّا البلاء الشديد، مشيراً إلى أن البلاء لا يتزحزح بالأدوات المادية، وإنما كما قال الله عزوجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}. وتغير القلوب هو أساس كل تغير.

وأضاف "برهامي" -في مقال له بعنوان "أحوال القلوب وأثرها في العلاقة مع الناس" نشرته جريدة الفتح- أن من أخطر ما نواجهه في العلاقة بين الناس، وبين الإخوة بعضهم بعضا، هو كثرة المشاكل التي تدل على أن الدنيا محل التنافس، لافتاً أنه قد تكون المشاكل صغيرة جدًا ويمكن أن تحل بأيسر الطرق ولكنها تتفاقم تفاقمًا تظل تُعالَج فيه، سنين ولا تجد للمسألة مخرجًا إلا برحمة الله، وربما يتم العلاج ويعود الأمر متفاقمًا بعد حين على كافة المستويات؛ داخل أفراد الأسرة الواحدة، بين الزوجين، بين الإخوة وبين الأخوات، بين الجيران، بين الزملاء في العمل، بين المتعاملين من الناس.

وتابع: هناك أزمة ولا بد من وقفة، نريد أن نكون مخلصين لله -عزوجل- في عملنا وفي تحقيق الحب في الله، ونريد أن يحب بعضنا بعضًا في الله، ونريد أن نذوق حلاوة الإيمان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"، وقال صلى الله عليه وآله وسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه".

واستطرد نائب رئيس الدعوة السلفية قائلاً: نريد أن نكون صادقين حين نقول لبعضنا: إني أحبك في الله، بدون مجاملة. وإن هذا الأمر لعسير إلا على من يسره الله عليه، وهي كلمة كبيرة جدًا "إني أحبك في الله" عظيمة القدر والأهمية، لكن لا بد أن تقولها وأنت صادق، وبالتأكيد سيكون تعاملك مختلفًا عن الذي لا يحب، مضيفاً: فعند المحب قدر عظيم من التسامح والتساهل وصفاء الود وصفاء القلوب، فتحل معظم المشاكل.

وأكمل: إن المشاكل تتفاقم ولا يوجد أحد يصارح أخاه بما في قلبه لوجود حواجز كثيرة، وهذا الأمر يدل على وجود الدنيا وهي التي تُحدث التنافس عليها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم"، متابعاً: التنافس على الآخرة يؤدي إلى الرحمة وإلى مزيد المحبة، فقد كان عمر ينافس أبا بكر ويسابقه إلى الله ولكن بحب صادق عظيم ونصيحة مخلصة، وربما اختلفوا لكن الخلاف ما أوقع بينهم أبدًا ضغينة ولا أحقادًا، ولا يستطيع أحد أن يوقع بينهم الضغائن والأحقاد، أما الآن فالضغائن والأحقاد تملأ السهل والوادي إلا من رحم الله، والمشاكل نابعة من الضغائن والأحقاد.

وأضاف "برهامي": لو قال كل خصم في الخصومات الكثيرة "أنا كنت أظلم"، لو مرّن لسانه على ذلك مع أن قلبه يرى أنه ليس كذلك لكان في ذلك حل للمشكلة وانفراج لكثير من المشاكل، موضحاً أنه حتى اللسان ربما يأبى أن ينطقها مع أنه هو الأظلم في الحقيقة في كثير من الأحيان، فالظالم يرى نفسه مظلومًا دائمًا، لا يرى نفسه ظالمًا أبدا، وإن كان والله من أظلم الظلمة يرى نفسه لم يظلم الناس ولم يصنع بهم شيئًا، بل هو رجل تقي صالح في قمة الصلاح ولا يرى نفسه ظالما.

ولفت إلى أن هذه مسألة خطيرة، وهي: "تعظيم مقدار النفس عند صاحبها"، مشيراً إلى أنه عندما تصغر عليه نفسه يسهل عليه أداء الحقوق، وإذا كبرت عنده نفسه صعب عليه أداء الحقوق، وفي الحقيقة عندما تصغر النفس عند صاحبها يرتفع صاحبها لأعلى، عندما يصغر في عين نفسه يعظم عند الله عز وجل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من تواضع لله رفعه".