‏دعاء بمليارات الحسنات.. داعية: كنز وهدية نبوية لأصحاب القلوب النقية لاسيما في العشر الأواخر المباركات

  • 44
الفتح - الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات

أشار المهندس سامح بسيوني الكاتب والداعية الإسلامي، إلى ما روى الطبراني في الكبير عن عُبادة -رَضْيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمنٍ ومؤمنة حسنة" حسنه الألباني، مؤكدًا أن هذا الحديث كنز من الكنوز النبوية التي يُغفل عنها كثير من الناس؛ لافتًا إلى أن الإنسان منا إن منَّ الله عليه و رزقه طهارة القلب وجعله يفكر في غيره من المؤمنين والمؤمنات، فقام بالإستغفار لهم لا سيما في مثل تلك الأيام الفاضلة -العشر الأواخر من رمضان- أو في غيرها، يجعل الله له بكل مؤمنٍ ومؤمنة حسنة.

ووجه الداعية في مقال له عبر فيس بوك بعنوان: "كنوز مليارية للقلوب النقية" سؤالًا: كم حسنة يمكن أن تُحصلها في تلك الثواني التي تتلفظ فيها بقولك: "اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات" مستحضرًا عدد المؤمنين والمؤمنات عَلَى وجه الأرض الآن -مليارات البشر وبالتالي مليارات الحسنات لكل مرة ندعوا فيها الدعاء"، مضيفًا: "فإذا اتسع قلبك فدعوت بقولك: "اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات"، كم ستُحصل من الحسنات.. سُبْحَانَ اللَّهِ دعاء قصير جدًّا جدًّا، لكن كمية الثواب التي فيه غير مُتصوره، والله يُضاعف لمن يشاء، فـاللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات"، يشمل كل المؤمنين الأحياء الأن، والأموات مُنذ بدء الخليقة على الأرض، فأنت يُكتبُ لك مع استغفارك لهم بكل واحد حسنة.. ما أكرمك يا ربي !!".

وأوضح الداعية أن ما يبقى دائمًا في الذهن؛ هل هذه الجُملة القصيرة تستحق كل هذا الثواب العظيم؟!، مضيفًا: "بما أن هذا الحديث قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث حسنه أهل العلم كما عند الشيخ الالباني رحمه الله، فيبقى أن ننتبه للأمور التالية:

-لا بد أن نعلم أننا نعبد رب كريم غني ودود سبحانه وتعالى يحب عباده ويتفضل عليهم بكرمه وجوده، فعطاءه سبحانه وتعالى أعظم العطاء يجازي العباد على بذل القليل بإعطاء الكثير، فمن اسماءه سبحانه وتعالى “الشكور”؛ الذي يزكو عنده القليل من أعمال العباد فيضاعف لهم الجزاء، وشكره لعباده مغفرته لهم .

- دعاءك لمن مات من المؤمنين والمؤمنات في الأرض وأنت لا تعرفهم، فهذا بيان لقوة رابطة الإيمان في قلبك والتي تجعلك تدعو لهم، وهذا من جملة حقوق المؤمنين بعضهم لبعض وموالاتهم لبعضهم البعض، فأنت تدعو لهم لإيمانهم، لرابطة الإيمان المحضة مع عدم وجود منفعة بينك وبينهم، إنما محبةً لهم لإيمانهم، فهذا من أجل معاني المولاة الإيمانية التي تدل عَلَى امتلاء القلب بالإيمان؛ امتلاء القلب بالمحبة للمؤمنين، وهذا من أوثق عرى الإيمان، حيث يظهر مدلول الحُب في دعائك لمن أحببت.

-مدلول هذا الدعاء مدلول عظيم جدًّا، فهو يدُل عَلَى نقاء القلب، ونقاء السريرة وحُب الخير للناس، يدل عَلَى عدم الأنانية؛ يدل عَلَى شخصٍ له قلب مخموم لا يحمل الحسد ولا الغل ولا الحقد للأخرين، بل يبذلُ من وقته في نفع غيره بالدعاء له، وهذه الأمور من أعظم أعمال القلوب التي هى أصل في  تفاضل الناس ورفعتهم عند ربهم، لذلك: 

– وصف الله عزوجل الْمُتَّبِعين للآثار الحسنة عن الصحابة من المهاجرين والأنصار والمتلبسين بأوصافهم الجميلة من فضائل الإيمان بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

 – وجعل النبي صلى الله عليه وسلم من أسباب إجابة الدعاء أن يدعو العبد لأخيه بظهر الغيب، حيث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب لا يُرد"، فالدعاء للأخ بظهر الغيب يكون دعاء  خالص من القلب، فهو ليس في وجهك لن تُرائيه، فـ هو لا يسمعك ولا يراك وأنت تدعو له، فقط الأمر بينك وبين ربك؛ فقط تذكرته فدعوت له فهذا يدُل عَلَى نقاء القلب، يدل عَلَى الإخلاص.

– تفضل الله على عباده الذين يدعون لإخوانهم بظهر الغيب بأن جعل جزاءهم من مثل عملهم، فأن تدعو لأخيك بظهر الغيب فيُسخر الله لك ملك يقف عَلَى رأسك يدعو لك، كما أخبر بذلك النبى صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا المرء المُسلم لأخيه بظهر الغيب جعل الله عند رأسهِ ملكٌ موكلٌ بك كلما دعا لأخيه، قال الملك: آمين ولك بمثل ذلك".

-الجزاء من مثل العمل؛ تدعو لأخيك بظهر الغيب فيُسخر الله لك ملك يقف عَلَى رأسك يدعو لك، ولا يخفى على أحد أن الملائكة دعاءها مستجاب فهم ﴿ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ ﴾

-أنت أيها العبد حينما تدعو لاخيك بظهر الغيب قد تكون متلبس بمعاصى بمقتضى بشريتك، فيكون من فضل الله عليك أن يُجازيك بأفضل مما فعلت بأن يوكل لك ملك لم يعص الله قط يدعو لك بمثل ما دعوت فيقول: "ولك بمثل ذلك".

-النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أكد هذا المعنى في عدة روايات للحديث:فمنها: "دعوة الرجل لأخيه بظهر الغيب مُستجابة، وملكٌ عند رأسه يقول آمين ولك بمثل ذلك"، ومنها: "ما من مُسلمٍ يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثله"، ومنها أيضًا: "ومن دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به آمين ولك بمثله".

وحذر الداعية من التفريط في هذا الفضل الكبير جدًّا؛ بأن لا نتذكر إخواننا في دعائنا، مشددًا على ضرورة أن نتذكر من ارتبطنا معهم برباط الإيمان والإسلام ورباط العبودية لله عَزَّ وجَلّ، مضيفًا أن هذا مدلول الحب في الله؛ يظهر في دعائك لمن أحببت بظهر الغيب، وأن هذه السُّنة لا يجدر بنا أن نتركها، وهذا الفضل العظيم نحن أحوج إليه من أي أحد، فيجب أن لا ننساه، فمردوده وثوابه يعود علينا بمليارات الحسنات ودعاء الملائكة لنا بالمثل بجانب من يوفقه الله لموافقة الدعاء ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

ووجه بسيوني نصيحة في ختام مقاله قائلًا: "يمكن أن يقول أحدنا: أنا اللي بحبه ممكن أدعو له، لكن اللي مزعلني كيف أدعو له"، ورد الداعية بأن هذا الموضوع أعظم وأجل، وأنه إن حصل بينك وبين أحد إخوانك المُسلمين المؤمنين المتعاونين معك عَلَى طاعة الرب سبحانه وتعالى خلاف بسبب بعض الكلمات أو المواقف، فهذا باب أخر أعظم وأجل من أبواب مراغمة الشيطان ومخالفة هوى النفس، وأن  

 الشيطان يئس أن يُعبد في جزيرة العرب، لكنه لم ييأس أن يُحرش بين المُسلمين وبين المؤمنين المتحابين.

وأكد بسيوني أن مراغمة الشيطان في هذا الباب أعظم فعل فيه أن تخُص من حرَّش الشيطان بينك وبينه بدعوةٍ في ظهر الغيب، حتى تكون أسكت الشيطان وهزمته وأفسدت عليه قصده، كما ستجد أثر عجيب جزاء فعلك من الله بأن تُحل أمورك بسهولة، مشيرًا إلى أن دعاء الأخ لأخيه دعاء الأنقياء والأتقياء والمُخلصين المتحابين الصادقين في محبتهم لله َعز وجَل.

وتابع: "فـلا تنسى أخي أن تدعو للمُسلمين والمُسلمات، وأدع للمُستضعفين والمُستضعفات ولأهل البلاء من المُسلمين، وأدع لمن تُحبهم في الله ولمن حرّش الشيطان بينك وبينهم فإن هذا فيه الخير الكثير لنا ولإخواننا وللأمة الإسلامية جمعاء.. نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يؤلف بين قلوبنا، وأن يُصلح ذات بيننا وأن لا يجعل للشيطان سبيلًا بيننا، وأن يرفع درجاتنا.. اللهم اغفر للمُسلمين والمُسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات".