فرنسا تستضيف مؤتمرًا بخصوص السودان وتصاعد العنف في الفاشر

  • 16
الفتح - أرشيفية

يُفتتح اليوم الاثنين في باريس مؤتمر دولي حول السودان بعد عام على بدء الحرب، وسط آمال بإحياء التعبئة في شأن "أزمة منسية" ذات عواقب إنسانية كارثية وأخطار جيوسياسية كبيرة.

ويشمل الاجتماع الذي تشارك ألمانيا خصوصا في رئاسته، شقا سياسيا في الصباح، على المستوى الوزاري؛ لمحاولة إيجاد مخارج للنزاع، وشقا إنسانيا هدفه تعبئة التبرعات وتقديم معونة ضخمة لهذا البلد المدمر في القرن الأفريقي، كما يضم اجتماعاً لنحو 40 شخصية من المجتمع المدني السوداني.

وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان "الفكرة هي إعادة الأزمة إلى صدارة جدول الأعمال، يجب ألا يسمح بأن يصبح السودان أزمة منسية".

إنسانية لكن جيوسياسية

وشددت الخارجية الفرنسية على أن "الاهتمام الدولي ينصب على غزة وأوكرانيا أكثر من السودان"، مشيرة إلى أن الأزمة السودانية "إنسانية لكن جيوسياسية أيضاً"، وقالت إن "خطر تفكك السودان وزعزعة استقرار القرن الأفريقي بكامله كبير جدا".

وسيسعى مؤتمر "المانحين" في باريس إلى معالجة ضعف تمويل الطوارئ في السودان والدول المجاورة والنقص الذي يبلغ أكثر من 2.5 مليار دولار.

قلق دولي

ويتصاعد القلق الدولي على مصير الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور مع ازدياد وتيرة العنف عشية دخول الحرب في السودان عامها الثاني، وخشية اندلاع معارك عنيفة فيها بعد أن كانت مركزاً رئيساً لتوزيع الإغاثة والمساعدات.

وبعد اندلاع النزاع بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو في أبريل 2023، امتدت أعمال العنف مجدداً إلى إقليم دارفور الواسع في غرب البلاد، لتدون فصلاً جديداً من أهوال الحرب مثل النزوح الجماعي والعنف الجنسي وعمليات القتل على خلفية عرقية.

وتسيطر قوات "الدعم السريع" بقيادة دقلو المعروف بـ"حميدتي" حاليا على أربع من عواصم الولايات الخمس المشكلة للإقليم، ما عدا "الفاشر" التي تضم مجموعات مسلحة متمردة، لكنها تعهدت بالوقوف على مسافة واحدة من طرفي الحرب؛ مما جنبها حتى الأمس القريب الانزلاق إلى القتال.

اشتباكات في غرب المدينة

وأول أمس السبت "اندلعت اشتباكات في غرب مدينة الفاشر" بين قوات "الدعم السريع" والحركات المسلحة، بحسب ما أفاد آدم أحد الحقوقيين السودانيين لوكالة الصحافة الفرنسية، طالباً ذكر اسمه الأول فقط.

وفي هذا السياق اتهمت "لجان المقاومة" بالفاشر، وهي مجموعات تطوعية غير رسمية، قوات "الدعم السريع" بـ"إحراق ست قرى في غرب المدينة". من جانبها أعلنت منسقية النازحين بدارفور أن الاشتباكات أسفرت عن "مقتل 10 مدنيين وجرح 28".

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان السبت عن "قلقه العميق" إزاء تقارير تشير إلى "احتمال وقوع هجوم وشيك على الفاشر".

ونقل البيان عن غوتيريش قوله إن "مثل هذا الهجوم سيكون مدمراً للمدنيين في المدينة" التي تعتبر "مركزاً إنسانيا أمميا يضمن تقديم المساعدات الإغاثية" في جميع أنحاء دارفور.

100 مليون دولار لمواجهة الأزمة

ستعلن الولايات المتحدة الأمريكية عن مساعدات إضافية بقيمة 100 مليون دولار لمواجهة الأزمة الناجمة عن الصراع في السودان، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى حشد موقف دولي قبل ذكرى مرور عام على الحرب التي تحل اليوم الاثنين، وفق ما نقلت وكالة "رويترز".

وقالت مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سامانثا باور في بيان إن الأموال الإضافية ستوجه للمساعدات الغذائية الطارئة ودعم التغذية ومساعدات أخرى ضرورية للحياة.

ووفقاً للبيان من المقرر أن تدعو باور أيضاً طرفي الصراع إلى وقف عرقلة وصول المساعدات الإنسانية والمشاركة في "مفاوضات بنية حسنة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار" من أجل منع وقوع مجاعة والحيلولة دون مزيد من المعاناة.

وقالت باور "في الغد يمر عام على استفاقة شعب السودان على كابوس".

وتابعت قائلة: "طرفا الصراع حولا أحياء كانت تعج بالحياة لمناطق حرب ومعارك؛ مما أدى إلى مقتل الآلاف وترك الجثث في الشوارع، ومحاصرة المدنيين في منازلهم من دون ما يكفيهم من الغذاء والماء والدواء".

يأتي إعلان واشنطن تخصيص مزيد من المساعدات قبل انعقاد مؤتمر في فرنسا اليوم الاثنين في شأن الموقف الإنساني. وحثت الولايات المتحدة شركاءها في أنحاء العالم على إعطاء أولوية أكبر للصراع في السودان، والتقدم بتمويل إضافي خلال المؤتمر.

وقالت باور "ندعو آخرين إلى أن يحذو حذونا في زيادة الدعم لشعب السودان وحشد دعم إضافي طارئ للتعامل مع الأزمة السودانية".

واشنطن تندد بالصمت الدولي

ومع دخول الحرب عامها الثاني، نددت الولايات المتحدة بـ"صمت" المجتمع الدولي عن الوضع المأساوي في السودان، مبدية أملها في سرعة تحديد موعد لاستئناف المفاوضات بين طرفي القتال.

وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد للصحفيين: "بينما تتجه المجموعات السكانية نحو المجاعة، ومع انتشار الكوليرا والحصبة، وبينما يواصل العنف حصد أرواح عدد لا يحصى من الضحايا، ظل العالم صامتاً إلى حد كبير، وهذا يجب أن يتغير".

يعيش في إقليم دارفور، هذه المنطقة الغربية التي تعادل مساحتها مساحة فرنسا، ربع سكان السودان الذي يبلغ عدد سكانه نحو 48 مليون نسمة.

وأسفرت المعارك في السودان منذ اندلاعها في 15 من أبريل 2023 بين الجيش وقوات "الدعم السريع" عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في مدينة الجنينة في غرب دارفور وحدها، وفقاً لخبراء الأمم المتحدة.

كما أسفرت الحرب عن تشريد أكثر من 8.5 مليون شخص، وفق الأمم المتحدة، ودمرت إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد التي بات سكانها مهددين بالمجاعة.

لا حياد بعد الآن

تتمركز في الفاشر الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام التاريخي الذي أبرم عام 2020 في جوبا مع الحكومة المدنية الانتقالية التي تولت السلطة عقب إطاحة الرئيس السابق عمر البشير.

وأبرز المجموعات تلك التابعة لكل من حاكم إقليم دارفور مني مناوي ووزير المالية جبريل إبراهيم. وقد منع وجودها قوات "الدعم السريع" من شن هجومها على المدينة، خصوصاً بعد "مفاوضات غير رسمية" بين قوات دقلو وهذه الحركات، بحسب تقرير للأمم المتحدة.

وقال مراقبون إن هذه المجموعات المسلحة اضطلعت بدور في جلب المساعدات الإنسانية التي كانت تصل من شرق السودان، وكان إقليم دارفور في أمس الحاجة إليها.

ونتيجة تدهور الأوضاع في عاصمة ولاية شمال دارفور، أعلنت الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا في بيان الخميس الماضي أنه "لا حياد بعد الآن"، مؤكدة أنها "ستقاتل مع حلفائها والوطنيين وقواتها المسلحة ضد ميليشيات الدعم السريع وأعوانها من المأجورين".

وعزت تبدل موقفها إلى "استفزازات وانتهاكات لميليشيا الدعم السريع، وتهديد الحركات المسلحة ومنع (عناصرها) من التحرك، وقطع الطريق أمام وصول المساعدات الإنسانية".