التوتر في الشرق الأوسط يدفع النفط نحو 100 دولار

  • 5
الفتح - أرشيفية

أجمع محللون نفطيون على ارتفاع أسعار النفط العالمية خلال الأيام القليلة المقبلة مدعومة بتصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، بعد تنفيذ هجوم إيراني مباشر على إسرائيل للمرة الأولى، في تطور من شأنه أن يهدد باضطرابات كبيرة في المنطقة التي تمثل ثلث إنتاج الخام في العالم، وفي سوق شكلتها قيود العرض المتواصلة والطلب العالمي الأقوى من المتوقع.

وارتفعت أسعار النفط بنسبة 1% في نهاية تعاملات الجمعة الماضي مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط؛ إذ زاد خام برنت القياسي تسليم يونيو المقبل بنسبة 0.8%؛ ليصل إلى 90.45 دولار للبرميل لتقلص بذلك مكاسبها بعد أن تجاوزت 92 دولاراً للبرميل، وهو مستوى وصل إليه خلال الأيام الأولى للحرب على غزة، لكن أسعار الخام منيت بخسارة أسبوعية بنسبة 0.7% بفعل توقعات سلبية من وكالة الطاقة الدولية لنمو الطلب العالمي على الخام، ومخاوف في شأن تباطؤ تخفيضات أسعار الفائدة الأمريكية، ورغم ذلك لا يزال خام برنت قرب أعلى مستوياتها في ستة أشهر.

في الوقت نفسه ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم مايو المقبل بنسبة 0.75% ليصل إلى 85.66 دولار للبرميل، بينما سجل خسائر أسبوعية بنسبة 1.4%، ولا يزال خاما "برنت" وغرب تكساس الوسيط على ارتفاع بنحو 17 و19% على التوالي، ويرجع ذلك جزئيا إلى تخفيضات إمدادات "أوبك+".

وحافظت "أوبك" على توقعاتها القوية لنمو الطلب العالمي على النفط في عام 2024، في تقرير شهري أصدرته نهاية الأسبوع الماضي، وكان كبار المتداولين وبنوك "وول ستريت" أكثر ميلاً نحو توقع صعود الأسعار.

قبل استهداف القنصلية الإيرانية لدى دمشق، كانت أسعار النفط تدور في نطاق سعري في حدود 85.15 دولار للبرميل بالنسبة للعقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي الوسيط تسليم مايو المقبل، و88.94 دولار للبرميل لخام "برنت".

وإلى جانب التوترات الجيوسياسية الحالية المتصاعدة، وكان آخرها في الشرق الأوسط، بما في ذلك الهجمات على البنية التحتية للطاقة الروسية من أوكرانيا، فإن هناك عوامل أخرى تضغط على أسعار النفط، من بينها المؤشرات المتباينة بالنسبة لمسار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية، علاوة على التقديرات المرتبطة بالطلب على النفط، وكذلك الطلب في الصين؛ مما يصعد بالأسعار نحو 100 دولار.

أدت كل تلك العوامل مجتمعة إلى تحفيز النشاط الصعودي في سوق خيارات النفط، وفي الأيام الأخيرة كان هناك ارتفاع في خيارات الشراء؛ أي التي تربح عندما ترتفع الأسعار، مع صعود التقلبات الضمنية إلى أعلى مستوى خلال شهرين، ولا تزال خيارات الشراء على خام "برنت" تتداول بسعر مقابل أعلى من خيارات البيع المقابلة.

انعكاسات الرد الإيراني على إسرائيل

من جهته أفاد المتخصص في الشؤون النفطية كامل الحرمي بأن أسواق النفط تترقب بدء التعاملات الجديدة المبكرة غداً لترجمة انعكاسات الرد الإيراني على إسرائيل، وتأثيره في الأسواق بصورة عملية، مشيراً إلى المواجهة المباشرة بين تل أبيب وطهران للمرة الأولى تعني تصعيداً كبيراً للصراع في الشرق الأوسط، وستؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الخام.

وأضاف الحرمي في تصريح صحفي: "هذا الارتفاع سيكون مرتبطاً بحجم التصعيد بين إيران وإسرائيل، لكنه في الوقت نفسه مرتبط برد فعل واشنطن، وفي رأيي سيكبح هذا التصعيد لأن الخاسر الأول الولايات المتحدة والدول المستوردة للنفط، التي ستعمل على الحد من زيادة أسعار النفط إلى مستويات قياسية".

وأشار إلى أنه في حال حدوث رد أو تصعيد إسرائيلي واتساع رقعة الحرب الدائرة في الشرق الأوسط، وتدخل أمريكي أوسع فقد تجتاز الأسعار حاجز الـ100 دولار للبرميل.

تأثير مباشر في أسعار الخام

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم" للدراسات الاستراتيجية طارق الرفاعي إن الضربات الإيرانية الأخيرة على تل أبيب تشكل أكبر تصعيد جيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط منذ الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003؛ ومن شأنه أن يكون له تأثير مباشر في أسعار النفط، وبالنظر إلى مدى تصاعد الأحداث خلال الفترة المقبلة من المتوقع ارتفاع سعر برميل النفط فوق الـ100 دولار في الوقت القريب.

وأضاف الرفاعي في تصريح صحفي: "بالنظر إلى مدى تصاعد الأحداث خلال الفترة المقبلة بما في رد أو تصعيد إسرائيلي واتساع رقعة الحرب الدائرة في الشرق الأوسط وتدخل أمريكي أوسع؛ فقد تجتاز الأسعار حاجز الـ100 دولار في الوقت القريب".

أوضاع جيوسياسية ملتهبة 

وأشار الباحث والمحلل الاقتصادي علي الحازمي إلى أن منطقة الشرق الأوسط تمر بأوضاع جيوسياسية ملتهبة، وستكون أسعار النفط وتأثرها تباعاً لما سيحدث. موضحا أن المشاركة الإيرانية المباشرة تزيد من احتمالات اضطرابات الإمدادات في المنطقة. مضيفاً أن أسعار النفط ستحدد اتجاهها في الساعات المقبلة، لا سيما مع رد إسرائيل على الهجوم الإيراني الأخير الذي سيؤثر إيجاباً في أسعار الخام.

ولفت الحازمي خلال تصريح صحفي إلى أنه في حال إغلاق إيران -وهي ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول- مضيق هرمز الذي يعبر من خلاله 20% من استهلاك النفط العالمي قد تقفز الأسعار فوق 100 دولار للبرميل.

وتابع: "إذا وضعنا التوترات الجيوسياسية الحالية جنباً؛ ستكون مستويات 88 إلى 90 دولاراً للبرميل هي أسعار النفط المتوقعة، لا سيما مع التوقعات بزيادة الطلب العالمي تزامناً مع دخول فترة الصيف وخلافه".

تأثير كبير

وقال محلل الأسواق العالمية أحمد حسن كرم إن ارتفاع وتيرة التوترات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، بخاصة بين إيران وإسرائيل؛ رفع أسعار النفط بصورة كبيرة حتى وصلت إلى الأسعار الحالية.

وأضاف كرم في تصريح صحفي: "ما زالت التوترات والاحتقان السياسي موجودين بين الطرفين رغم توقفها المزعوم؛ فمنطقة الشرق الأوسط حساسة للإنتاج النفطي وتأثيرها في أسعار النفط دائماً ما يكون كبيراً؛ إذ إن غالبية دولها منتجة للنفط كالسعودية والكويت والعراق والدول الخليجية الأخرى". وأشار إلى أن أي توترات بهذه المنطقة دائماً ما ترفع أسعار النفط بالصورة الكبيرة، مضيفاً: "على أي حال مع استمرار التوترات السياسية بين البلدين ورفع الوتيرة العسكرية بينهما سيكون لها تأثير تصاعدي للأسعار، بينما ما نراه الآن بأن حدة التوترات قد قلت قليلاً، وعليه قد نرى استقرار أسعار النفط على ما هي عليه الآن إلى أن تصل إلى معدلاتها السابقة عند الـ85 دولاراً".