صفة الخلق جميعاً وأعظم تكريم للإنسان.. "داعية" يوضح المفهوم الحقيقي للعبودية

  • 7
الفتح - أرشيفية

أشار الداعية الإسلامي سعيد محمود، إلى أن العبودية صفة الخلق جميعًا، إذ أن الخلق جميعًا مؤمنهم وكافرهم، حيوانهم وجماده، عبيد لله طوعًا أو كرهًا، فهو سبحانه رب العالمين، وخالقهم ورازقهم، ومحييهم ومميتهم، ومقلب قلوبهم، ومصرف أمورهم، لا رب لهم غيره ولا مالك لهم سواه، ولا خالق لهم الا هو، سواء اعترفوا بذلك أو أنكروا، وسواء علموا ذلك أو جهلوه: قال الله -تعالى-: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) [آل عمران:83]، وقال: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) [مريم:93].

وأوضح "محمود" في مقال له عبر موقع "صوت السلف"- أن المؤمن عابد لله -عز وجل- طوعًا "فهو يقوم بواجب العبودية الشرعي"، والكافر معبد مذلل مقهور لله كرهًا "فهو يرفض العبودية الشرعية ويتمرد عليها" وإن أقر بالعبودية الكونية: قال -تعالى- عن الفراعنة: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل:14)، وقال عن كفار أهل الكتاب: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة:146)، وقال عن كفار قريش: (فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (الأنعام:33)، وقال عن الكفار عمومًا: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ) (يوسف:106).

العبودية وظيفة العمر:

وتابع: فالعبودية أعظم قضية؛ لأنها وظيفة الإنسان في الدنيا: قال -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)، وقال: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر:99]، متابعا: وقد أعان الله الإنسان على العبودية بأن فطره عليها: قال -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) (الأعراف:172)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ) (متفق عليه) مستطردًا: ثم أرسل إليه الرسل ليذكروه بذلك وليثبتوا على العبودية: في (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل:36).  

ولفت الداعية الإسلامي إلى أن الذين غيَّروا فطرة العبودية، تبقى آثارها في نفوسهم بما يدل على حاجتهم إلى التعبد والتأله، وأكثر ما يظهر ذلك في الغفلات وعند الشدائد والمحن، متابعاً: (انظر إلى الشيوعيين الملاحدة، فإنهم يمارسون التعبد الباطل وهم لا يشعرون، ويناقضون أنفسهم، فإنهم إذا مروا أمام الجثة المحنطة لمؤسس الشيوعية "ستالين" في الميدان الأحمر في ذكرى وفاته، لا بد من الانحناء وإظهار الخشوع والتذلل!)، وقال -تعالى- عن المشركين في المحن: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ) (العنكبوت:65).

مفهوم العبودية لله -عز وجل-:

 وقال "محمود": إن العبودية تقتضي اجتماع الحب والذل والخضوع لله -عز وجل-، وكلما زادت هذه المعاني زادت العبودية وزاد قدر العابد: قال -تعالى-: (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب) (العلق:19)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ) (رواه مسلم) مضيفاً: لذا كان وصف العبودية أعظم تكريم للإنسان، فقد وصف  الله به صفوة البشر: فقال -تعالى-: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ) (الصافات:171)، وقال عن صفوتهم: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِه... ) (الإسراء:1)، وقال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ) (الكهف:1)، وقال: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ) (الفرقان:1).