• الرئيسية
  • منوعات
  • آفاق دعوية
  • جلاء الأحزان وذهاب الغموم.. "أحمد فريد": القلوب خلقت لمعرفة علام الغيوب وغفار الذنوب فهي لا تسعد إلا بتوحيد الله عز وجل

جلاء الأحزان وذهاب الغموم.. "أحمد فريد": القلوب خلقت لمعرفة علام الغيوب وغفار الذنوب فهي لا تسعد إلا بتوحيد الله عز وجل

  • 17
الفتح - الدكتور أحمد فريد مستشار مجلس إدارة الدعوة السلفية

إن سعادة القلوب لا تكون إلا بتوحيد الله عز وجل، والتسليم بقضاء الله وقدره، فإذا أصاب عبدًا هم أو غم أو حزن لجأ إلى الله عز وجل داعيًا متوسلًا بأسمائه، عاكفًا على قراءة القرآن، فكما أن القرآن ربيع القلوب، كذلك هو جلاء الأحزان وذهاب الغموم والهموم.

ومن جانبه، أشار الدكتور أحمد فريد، مستشار مجلس إدارة الدعوة السلفية، إلى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أصاب أحدًا قط همٌّ و لا حزنٌ، فقال: اللهمَّ إني عبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أَمَتِك، ناصيتي بيدِك، ماضٍ فيَّ حكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤُك، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو أنزلتَه في كتابِك، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذَهابَ همِّي، إلا أذهبَ اللهُ همَّهُ وحزنَه، وأبدلَه مكانَه فرجًا" [أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة].

وأضاف "فريد" -في محاضرة له بعنوان "كيفية علاج القلب من الهم والغم"-: هذا الحديث النبوي الشريف يبين لنا كيف تعالج القلوب من الهم أو الغم أو الحزن، فالقلوب خلقت لمعرفة علام الغيوب وغفار الذنوب عز وجل؛ فهي لا تسعد إلا بتوحيد الله عز وجل؛ لأنها خلقت لمعرفة الله وتوحيده، وكما أن السماوات والأرض لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، فكذلك قلوب العباد لو كان فيها آلهة إلا الله عز وجل لفسدت بذلك فسادًا لا يرجى له صلاح، حتى توحد ربها وتعرفه عز وجل.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تَعِسَ عبدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وإنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وإذَا شِيكَ فلا انْتَقَشَ" [صحيح البخاري].

ولفت "فريد" إلى أن القلوب إذا علقت بغير الله عز وجل، وعبدت غيره شقي أصحابها في الدنيا والآخرة، والقلوب لا تصل إلى مناها حتى تصل إلى مولاها، ولا تصل إلى مولاها حتى تكون صحيحة سليمة، فهي لا تسعد إلا بالله عز وجل، ولا تطمئن إلا بذكره وعبادته، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]، فلما خلقت لتوحيد الله عز وجل صار علاجها كذلك إذا أصابها شيء من الهم أو الغم أو الحزن.

وأوضح أن الهم: ما يصيب القلب عند انتظار مكروه في المستقبل، والغم: ما يصيب القلب عند المصيبة الحاضرة، والحزن: هو الأثر الباقي في القلب نتيجة لمصيبة ماضية.

وواصل "فريد" حديثه قائلًا: فإذا أصيبت القلوب بشيء من الهم أو الغم أو الحزن فعلاجها مركب من أمرين:

الأمر الأول: هو توحيد الله عز وجل.

والأمر الثاني: هو التسليم بقضاء الله عز وجل وقدره، والتسليم لشرع الله عز وجل، فيقول -صلى الله عليه وسلم-: "ما أصاب أحدًا قط همٌّ و لا حزنٌ، فقال: اللهمَّ إني عبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أَمَتِك.."، فعلاج القلوب في التوحيد، وأن يقف العبد ذليلًا عند باب ربه العزيز، ويقول بأنه عبد وليس عبدًا ابن سيد، ولكن العبودية متأصلة فيه، فهو عبد وابن عبد وابن أمة: "اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك..".

وتابع مستشار مجلس إدارة الدعوة السلفية: قوله: "ناصيتي بيدك" إقرار لله عز وجل بالربوبية، فالله عز وجل قهر جميع الخلق وأذل جميع الخلق: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: 56]، فالله تعالى يملك نواصي العباد وقاهر لكل العباد، ومذل لكل العباد كما يملك قلوب العباد، ولو شاء الله عز وجل لأعطى كل نفس تقواها.

قوله: "ماض فيَّ حكمك" تسليم للشرع المتين.

قوله: "عدل فيَّ قضاؤك" تسليم للقضاء والقدر.