عاجل

أمي.. لقد كبرتُ

  • 453
صورة أرشيفية


جلستْ في شرفة منزلها تنتظر ولدها فقد تأخر عن موعده، وعندما جاء ضحك من قلقها الزائد، ثم دخل غرفته، دخلت وراءه تُكمل لومها، فقال لها: ما بك يا أمي أصبحتِ تشبهين جدتي؟ صمتت لثوانٍ، ثم غادرت الغرفة، وعادت لشرفتها، أدركت أنها أصبحت تشعر بآلام ومعاناة أمها في تربيتها بعدما كبرت ورأت الحياة من ناظريها.

حدثت نفسها: لقد كبرتُ يا أمي وعلمتُ كم كنَّا مزعجين صاخبين وأن إطعامنا وترتيب غرفنا مجهود لا يستهان به، علمت لماذا كنتِ تتضايقين من أمور كنت أراها بسيطة، علمت ماذا يعني تأخر الأولاد خارج البيت، وأن ذلك لم يكن تضييقًا لحريتنا، عايشتُ قلقك وتفهمتُ غضبكِ، ولربما يتفهمه ولدي المتململ يومًا مًا.

كبرت يا أمي وصرتُ أضحك حين يحاول أبنائي أن يخدعوني بحيل لطالما استخدمتها وأثق أنك كنتِ تتغافلين عني كما أفعل الآن معهم، كبرت يا أمي وعرفت أن تلك العصفورة البريئة لم تكن تخبرك بشيء بل هي طفولتك وذكرياتك وتقاسيم وجهي التي كانت تنبؤك بما فعلت، كبرت يا أمي وأصبحت أردد كلماتك ذاكروا (ربنا ما يحوجني لأحد، سوف أمشي ولن تعرفوا لي طريقًا).

كبرت وعرفت أن الأمهات لا ترحل مهما عانت، وأن مبدأ الأسرة علاقة بين زوجين وقفل أمان استمرارها رحمة الأم بأبنائها، حين نكبر ونرى بأعينهم نشعر بما تحملت أمهاتنا وكيف عانت، وندعو لهن ونستغفر، ونسأل الله أن يعفو عن زلاتنا معهم اللهم اغفر لنا ولأمهاتنا وآبائنا.