هل يتحول الصراع الروسي الأوكراني التقليدي إلى نووي؟

خبراء: مستبعد رغم التصعيد المستمر.. و"الناتو" لن يدخل مباشرة في الحرب

  • 26
الفتح - أرشيفية


تشتد وتيرة الصراع الروسي الأوكراني يومًا بعد يوم؛ فمنذ أيام قليلة أعلنت الدول الغربية دعم أوكرانيا باليورانيوم المنضب، وردت روسيا على ذلك بنشر أسلحة نووية تكتيكة في بيلاروسيا المجاورة؛ ما يعد تصعيدًا خطيرًا في منحنى الأزمة الحالية ويثير التخوفات من إعادة سيناريو ما حدث في يوغوسلافيا عام 1999م.

وحلف "الناتو" حتى هذه اللحظة يكتفي فقط بالمساعدات المختلفة سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية، والروس يراقبون المشهد بحرص شديد ويتحفزون لأي تصرف غربي وردهم دومًا في المنحنى التصاعدي كنوع من الردع والترهيب والسيطرة على الموقف.

في هذا الصدد، قال الدكتور أيمن سمير، الخبير السياسي والباحث في العلاقات الدولية، إن استخدام اليورانيوم المنضب مرفوض من كل المؤسسات الإقليمية والدولية المعنية بفكرة منع انتشار الأسلحة النووية والذرية، مشيرًا إلى أنه من الناحية العملية فاليورانيوم المنضب ليس سلاحًا ذريًّا ولا نوويًّا، لكنه يترك غبارًا وعناصر ذرية سواء في القتلى من الجنود أو المدنيين الذين يستنشقون الهواء المتناثر في هذا الغبار.

وأضاف سمير لـ "الفتح" أن إضافة اليورانيوم المنضب للذخيرة تحديدًا يجعل تلك الأسلحة لديها قدرة أكبر على اختراق الدروع سواء أكانت الدبابات أو المدرعات أو حتى القواعد الأسمنتية الضخمة جدًّا، لكن هذا الوضع يطرح تساؤلًا ملحًّا هو: هل أمريكا وبريطانيا غير معنيتين بالآثار المترتبة على استخدام اليورانيوم المنضب؟ أم أن أوكرانيا وحلفاءها من الغرب عاجزون عن تحقيق أي تقدم باستخدام الأسلحة التقليدية؟ لكن يبدو من الوضع الحالي أن جمود الصراع حول مناطق محددة سوليدار وباخموت لفترة طويلة وعدم حدوث اختراقات في الجيش الأوكراني مثلما حدث في خيرسون وخاركيف ربما يدفع لندن وواشنطن بتزويد الجيش الأوكراني باليورانيوم المنضب حتى يستطيع اختراق الدفاعات الروسية ودفاعات "فاغنر" سواء في إقاليم دونباس أو في المناطق القريبة من خيرسون وزابوريجيا.

ولفت إلى أن فكرة نقل أسلحة نووية تكتيكية إلى بيلاروسيا قديمة، وربما تكون موسكو استفادت من إعلان الغرب إرسال اليورانيوم المنضب لأوكرانيا في هذا التوقيت  فعملت على تقديم تنفيذ تلك الخطوة وكأنها رد على هذا الإعلان، لكن في الواقع روسيا وبيلاروسيا كانا يفكران في تلك الخطوة منذ فترة طويلة؛ لإن بيلاروسيا في الأساس دولة نووية وكان لديها عدد كبير من الرؤوس النووية والقطارات التي تحمل قنابل نووية وتجوب طوال الوقت، لكن نُزعت كل الأسلحة النووية من أوكرانيا وبيلاروسيا وكازاخستان بموجب اتفاقية "بودابست" سنة 1994م، لافتًا إلى أن إرسال الأسلحة إلى بيلاروسيا يعود إلى لهدفين:  الأول هو ردع "الناتو"، والثاني هو تشجيع بيلاروسيا على الانخراط أكثر في الحرب لأنها حتى الآن مترددة في الدخول بصورة كاملة بجانب روسيا.

أما الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، فيرى أن القرار الغربي بتزويد كييف باليورانيوم المنضب تصعيد خطير للصراع الحالي، وتبعه الرد الروسي بنشر 10 أسلحة نووية تكتيكية في بيلاورسيا، وهي دولة مهمة جدًا للروس في تلك الحرب، والصراع الحالي لن يتحول لسيناريو مماثل لما حدث في يوغوسلافيا عام 1999م؛ فالأمر مختلف تمامًا لأن دخول "الناتو" مباشرة في الصراع الحالي مستبعد وإلا لتحولت لحرب عالمية، والأمر يقف حتى الآن على حدود المساعدات فقط.

وأضاف غباشي لـ "الفتح" أن الدخول في صراع نووي مفترض ويكفي في ذلك حديث "دميتري ميدفيديف" نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ولن تقبل بالخروج من الصراع منهزمة عسكريًّا، وقد بدأ الصبر الروسي ينفد تجاه دول بحر البلطيق الثلاث (أستونيا، وليتوانيا، ولاتفيا) لا سيما بولندا التي تأتي عن طريقها معظم المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا.

على الرغم مما يبدو فليس لدى الروس والغرب نية الدخول في صراع نووي لأنهما يدركان خطورة ذلك ونهايته التدميرية لهما وللعالم أجمع، علاوة على أن العقيدة النووية لهما تحتم عليهما استخدام النووي عند حدوث تهديد وجودي لهما، وهو ما لم يحدث حتى الآن.