"شيطنة الأقليات المسلمة".. حملة غير مسبوقة في الهند

محمد علاء الدين

  • 51
الفتح - مظاهرات مناهضة للاعتداء على المسلمين في الهند

تصاعد الاعتداءات الفردية والجماعية بالتزامن مع العدوان على غزة

طوفان من المعلومات المضللة ينطلق من نيودلهي يستهدف فلسطين

تتصاعد الاعتداءات الفردية والجماعية من قِبل الجماعات الهندوسية المتطرفة ضد المسلمين، والتي وصلت إلى معدلات مرتفعة بالتزامن مع العدوان الصهيوني على قطاع غزة.

ويقدّر المسلمون في الهند بنحو 200 مليون نسمة، ما يجعل الهند ثالث أكثر بلد من حيث عدد المسلمين في العالم بعد إندونيسيا وباكستان.

ورغم ذلك، فإن المسلمين لا يشكلون إلا ما يقارب 15 بالمئة من سكان الهند، وبالتالي، يصنفون كأكبر أقليّة في البلد ذي الغالبية الهندوسية.

ويعيش المسلمون في الهند في حالة من التمييز، وقد تجلَّى ذلك التمييز في مجالات التعليم والتوظيف والإسكان، بالإضافة إلى العقبات التي تحول دون تمتعهم بالحقوق السياسية، والحصول على الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأساسية، وحق المساواة في توزيع الثروة والدخل، وذلك على الرغم من الحماية القانونية والدستورية المكفولة لهم بموجب الدستور.

الموقف الهندي من العدوان الصهيوني على غزة

ومع بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، اشتعلت حملة غير مسبوقة لشيطنة الأقليات المسلمة في الهند، كانت شرارتها التغريدة التي نشرها حزب (بهاراتيا جاناتا) الحاكم في الهند في 7 أكتوبر، والتي ساوى فيها بين هجوم حماس على مستوطنات غلاف غزة والوضع في الهند قبل انتخاب (ناريندرا مودي) رئيسًا للوزراء في عام 2014، قائلًا: "ما تواجهه إسرائيل اليوم، عانت منه الهند بين عامي 2004 و2014"، مضيفا عبارة "لن نسامح أبدًا، ولن ننسى أبدًا".

وعقب انطلاق عملية طوفان الأقصى كان رئيس وزراء الهند من بين أوائل زعماء العالم الذين استجابوا، وفي بيان شديد اللهجة، أدان ناريندرا مودي العملية وقال إن الهند تتضامن مع (إسرائيل) في هذه الساعة الصعبة.

وأعاد وزير الخارجية الهندي تغريد التعليق على الفور تقريبًا، وحذر وزير دولة آخر من حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم الذي يتزعمه مودي في تغريدة على منصة إكس، من أن الهند "قد تواجه الوضع الذي تواجهه إسرائيل اليوم إذا لم نقف ضد التطرف ذي الدوافع السياسية".

ولم يتوقف الأمر عن البيانات حيث كانت الهند من بين الدول التي لم تدعم قرار الأمم المتحدة بشأن "هدنة إنسانية" في غزة، واختارت بدلًا من ذلك الامتناع عن التصويت.

معلومات أخرى خطيرة كشفتها صحف دولية عن مدققي الحقائق الهنديين على الإنترنت، AltNews و Boom لاحظوا طوفانًا من المعلومات المضللة التي تستهدف فلسطين والتي نشرتها حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الهندية، والتي تضمنت قصصًا مزيفة عن عملية طوفان الأقصى والتي تمت مشاركتها أحيانا ملايين المرات.

وبدأت مجموعات فيسبوك المرتبطة بحزب بهاراتيا جاناتا في نشر رسالة مفادها أن حماس تمثل نفس التهديد الذي يواجه الهند في منطقة كشمير المضطربة ذات الأغلبية المسلمة، وأن الفلسطينيين يوصفون على نطاق واسع بأنهم إرهابيون.

وحثت الرسائل التي تم تداولها على نطاق واسع عبر تطبيق واتساب الهندوس على تسليح أنفسهم ومقاطعة المسلمين، وجاء فيها: "في المستقبل، يمكن أن تواجه الهند أيضا مؤامرات وهجمات مثل إسرائيل. لا يمكن استبعاد احتمال تعرض النساء الهندوسيات للوحشية".

ولم يقتصر الأمر على وسائل السوشيال ميديا، بل امتد إلى القنوات الإخبارية الأكثر إثارة للجدل في الهند، حيث قال أرناب جوسوامي، المذيع اليميني المتشدد على قناة تلفزيون الجمهورية الهندية، للمشاهدين: "نفس التفكير الإرهابي الإسلامي المتطرف الذي أصبحت إسرائيل ضحية له، نحن ضحيته أيضا إسرائيل تخوض هذه الحرب نيابة عنا جميعًا".

واستمر مسلسل الشيطنة ليشمل شاشات السينما والتي عرضت فيلمين مسيئين للمسلمين بمساندة سلطات الولايات الهندية التي أعفتهما من بعض الضرائب الترفيهية.

3 أسباب وراء اضطهاد الأقليات المسلمة في الهند

وحول أسباب اضطهاد الأقليات المسلمة في الهند، يقول محمد خيري، الباحث في العلاقات الدولية، إن الأمر يرجع إلى ثلاثة أسباب رئيسية أولها الاستعمار البريطاني في أواخر القرن التاسع عشر، والذي غرس بذور الفتنة وإشعال النعرات الدينية والعرقية بين الهندوس والمسلمين، وصور المسلمين باعتبارهم غزاة ودخلاء على الحضارة الهندية الهندوسية؛ بالرغم من أن الحكم الإسلامي الذي امتد من عام (1001 إلى 1858م) لشبه القاره الهندية يعد من أزهى العصور التي عاشتها الهند.

ويضيف "خيري" في تصريحات خاصة لـ "الفتح": "الأمر الثاني ترسيم الحدود عام 1947 عقب الاستقلال عن الحكم البريطاني في أغسطس من العام نفسه والذي تعمد خلاله على إذكاء العنف الطائفي في منطقة كشمير والذي أشعل صراعًا ممتدًا حتى يومنا هذا بين الهند وكشمير.

يتابع الباحث في العلاقات الدولية: "أما الأمر الثالث والأخير يعود لأسباب أيديولوجية وتعود جذورها إلى ظهور مصطلح "الهندوتفا" في العام 1925 على يد السياسي "فيناياك دامودار سافاركار" والذي كتبه عنه في كتابه (هندوتفا: مَن الهندوسي؟)، وهي فلسفة تقوم على مبدأ أساسي يتمثَّل في أن الهندوس هم أصحاب الأرض الأصليون، وعليه يرى الهندوس أن المسلمين دخلاء عليهم وعلى هذا أسسوا منظمة "المتطوعين الوطنيين" والمعروفة باسم "راشتريا سواياميسفاك سانغ" والتي يعد حزب "بهاراتيا جاناتا" الجناح السياسي لها، وهي منظمة قومية هندوسية شبه عسكرية، تهدف بالأساس إلى تعزيز وحدة وقوة المجتمع الهندوسي.