الغفلة أخطر الأمراض.. "داعية": المسلم المستجيب لا يغفل عن يوم الحساب ويعلم أنه لا ينفعه إلا عمله الذي قدَّم

  • 27
الفتح - الداعية الإسلامي سعيد السواح

قال الداعية الإسلامي سعيد السواح: مِن أخطر الأدواء والأمراض التي يُصاب بها الإنسان "الغفلة"، والأخطر مِن ذلك: أن يتغافل المصاب؛ فلا يسعى لعلاج ذلك الداء الذي يأخذ الإنسان إلى الهاوية، قال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ . مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ . لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} [الأنبياء: 1-3]، وقال تعالى: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأنبياء: 97]، وقال تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ . وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ . وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ . لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 19-22].


الغفلة المهلكة المدمرة

وأضاف "السواح" -في مقال له بعنوان "الغفلة والتغافل" نشره موقع "أنا السلفي"-: عندما يغفل الإنسان عن المهمة التي خُلق مِن أجلها والوظيفة التي كُلف بها، ويعيش هائمًا على وجهه بلا هدف أو غاية؛ فإنما هو يسير في اتجاه الهاوية. ولذا نقول لك أيها الإنسان "لماذا خلقك ربك؟!"، فلا أشك أبدًا أنك لن تخطئ في الإجابة التي لا يخطئ فيها الصغير قبْل الكبير، فالكل عند ذلك يردد قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ . إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56-58].


هل قمنا بتحقيق العبادة المطلوبة منا؟!

وتابع: والأمر يحتاج أولًا أن نقف على ملامح ومعالم العبودية؛ فالله خلقنا لعبادته ولم يتركنا لكي نتصور العبادة المطلوبة كل حسب رؤيته ووجهة نظره، ولكن كما بيَّن لنا وظيفتنا في الحياة، فقد تفضَّل وامتنّ علينا فبيَّن لنا ما ملامح ومعالم العبادة المطلوب تحقيقها؟ فأنزل -سبحانه- كتابه على رسوله -صلى الله عليه وسلم- لكي يعلمنا كيف نتعامل مع رسالات الله إلينا، قال تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 151]، وقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]، وأنزل الله رسالته على رسوله مِن أجل إخراجنا مِن الظلمات إلى النور المبين، ومِن الضلال إلى الحق المبين، فقال تعالى: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا . رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الطلاق: 10-11].


أهمية البعد عن الغفلة

وأوضح "السواح": لقد نادى الله علينا ألا نغفل عن يوم الحساب، وهو يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلب سليم، ورؤية الآخرة مِن أكبر العوامل المحرِّكة نحو الاستقامة على المنهج، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ . لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ الْفَائِزُونَ} [الحشر: 18-20].

واستطرد: فالمسلم المستجيب لا يغفل عن يوم الحساب، ويعلم أنه لا ينفعه إلا عمله الذي قدَّم؛ ولذا كان مستوعبًا لنداء ربه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ . وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ . وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 9-11]، فلم ينشغل بعطايا ربه عن رضا المُعطي، ولم ينشغل بنعم ربه عن رضا المُنعم، واجتناب سخطه وغضبه وعذابه، بل علم بالمهمة وسعى جاهدًا لإنقاذ نفسه، بل وإنقاذ أهله مِن النيران متمثلًا في ذلك قول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

وأكد الداعية الإسلامي أنه لا عذر ينفع العبد إذا وقف بيْن يدي الملك الديان الذي لا تخفى عليه خافية، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التحريم: 7]، فسعى جاهدًا لطريق ربه المستقيم الموصل إلى رضوان الله وجنته، تائبًا منيبًا، يرجو رحمته ويخاف عذابه؛ لعلمه أنه لا ملجأ ولا منجى مِن الله إلا إليه!، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8].