أهلاً شهر رمضان.. "داعية" يوضح بعض المظاهر الدينية والدنيوية للاحتفاء برمضان

  • 23
الفتح - أرشيفية

قال الدكتور علاء بكر، الداعية الإسلامي: لا شك أن شهر رمضان شهر معظم في السماء والأرض، اصطفاه الله -تعالى- بما ليس لغيره، ففي كل رمضان تفتح أبواب الجنان في السماء، وتغلق أبواب النيران، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وصفات الشَّيَاطِينُ) [متفق عليه].


وأضاف "بكر" -في مقال له بعنوان "أهلاً شهر رمضان" نشرته جريدة الفتح- أن الله -تعالى- اصطفى شهر رمضان ببدء نزول القرآن الكريم -آخر الكتب السماوية- على رسول الله -صلى الله عليه وسلم، آخر الأنبياء والمرسلين- قال -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة:185]، وفرض الله -تعالى- على عباده صيامه دون غيره، وجعل ثواب صيامه -دون غيره- مغفرة كل الذنوب، ففي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) [متفق عليه]، ورغب في قيام ليله، وجعل ثواب قيامه -دون غيره- مغفرة كل الذنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرغب في قيام رمضان مِن غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) [متفق عليه].


وتابع: وخص الله -تعالى- رمضان بليلة هي خير مِن ألف شهر، وهي ليلة القدر، قال -تعالى-: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر]، ولشرفها فمَن أدركها وقام ليلتها غفرت له كل ذنوبه، ففي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) [متفق عليه].


وأوضح الداعية الإسلامي، أن الله -عز وجل-  قد هدى أمة الإسلام إلى تعظيم شهر رمضان والاعتناء به، والحرص على اغتنامه، والإكثار مِن الطاعات والقربات المتنوعة فيه، متابعاً: فترى المسلمين فيه يقبلون على كل الطاعات بما لا يكون في غيره، فالمسلمون وحدهم -دون غيرهم- يعتنون بهذا الشهر غاية الاعتناء، يفرحون بقدومه، ويهنئ بعضهم بعضًا بشهوده، ويعدون له العدة مِن قبْل مجيئه، على المستوى الفردي والجماعي.


ومن المظاهر الدنيوية المعتادة لاحتفاء المسلمين برمضان مع قرب أو بداية دخوله:


- تزيين الشوارع والطرقات بصفوف من أوراق الزينة الملونة، تتوسطها فوانيس مختلفة الأحجام والأشكال التي تضاء ليلًا، ومجسمات للكعبة المشرفة، وترى الناس يزينون بيوتهم بـأنواع من الزينات المتنوعة، وتراهم يهنئ بعضهم بعضًا فرحين بشهود الشهر؛ شهر العبادات والطاعات والثواب الجزيل.


- ترى المساجد كبيرها وصغيرها قد تزينت أبوابها ومداخلها ومخارجها بأنواع الزينات، وكست جدرانها الملصقات الدينية، وقد تم تجهيزها لاستقبال المصلين من تجديد فرش وتنظيف، ومن تقوية الإضاءة والتهوية، وتوفير بدائل تستخدم حال انقطاع الكهرباء لعطل طارئ، وتوفير مبردات الماء، وإعداد الأدوات اللازمة لتقديم المشروبات المتاحة والتمور لرواد المسجد عند الإفطار عقب أذان المغرب، وقبل الدخول في صلاة الفرض، وكلها أعمال تذكر الناس وتحثهم على الإكثار من الطاعات والجود والإنفاق، وبذل الصدقات والإحسان إلى المحتاجين.


- وتجد السرادقات المعدة لتكون فيها (موائد الرحمن) طوال الشهر متناثرة هنا وهناك، لا يخلو منها حي أو قرية؛ يتنافس فيها المقتدرون على تقديم الوجبات الطازجة الساخنة المتكاملة فيها عند وقت الإفطار لمن شاء من الصائمين بلا أي مقابل؛ طلبًا لثواب إطعام الصائمين، بينما تجد آخرين يقدمون التمر والمشروبات والمرطبات لكل من في الشوارع والطرق لكل السائرين عقب أذان المغرب.


- وتجد المطاعم والمقاهي والمحلات التي تقدم المأكولات والمشروبات مغلقة طوال النهار مراعاة لحرمة شهر رمضان، بينما تفنن بائعون آخرون في أنواع من الأطعمة والمشروبات التي لا ينتشر بيعها إلا في رمضان، حتى صارت شعارًا دنيويًّا له يعرف قدومه بها: كالكنافة، والقطائف، وقمر الدين، وغيرها.


وفي باب العبادة:


- تجد الجميع -الصغار قبل الكبار- إلا مَن شَذَّ، حريصًا كل الحرص على حضور صلاة التراويح في جماعة في أول الليل، والتهجد في آخره، وشهود الصلوات المفروضة جماعة في المساجد، والاستماع إلى ما يعقد فيها من الدروس والمواعظ عقب تلك الصلوات أو في أوقات انتظار إقامتها، أو في أوقات الراحة بين ركعات صلاة التراويح، والتي يحرص القائمون على المساجد في كل مكان على وضع البرامج الجيدة لها؛ استثمارًا لإقبال المصلين على المساجد واكتظاظ المساجد بهم، وإشباعًا لرغبتهم المتقدة في معرفة دينهم والعمل به، إلى جانب إقامة المسابقات الدينية، ومسابقات حفظ القرآن الكريم وتفسيره.


- وتجد في رمضان -وبوضوح ظاهر-: اعتناء المسلمين بقراءة القرآن الكريم وختمه عددًا من الختمات في رمضان، فلا تكاد تخلو يد مسلم من مصحف يقرأ فيه خلال ليله ونهاره، ولمَ لا وشهر رمضان شهر القرآن، وثواب قراءة القرآن فيه كبير، والنفوس قد تزكت بالطاعات ليل نهار، حيث امتنعت عن كثير من الذنوب والمعاصي وتجنبت الموبقات؛ فحري بها ألا تشبع من النهل من كتاب الله -تعالى-؟!


- وفي رمضان يكثر الجود والعطاء من سائر المسلمين، كل على قدر طاقته، اقتداء بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان أجود الناس وأجود ما يكون في شهر رمضان، فيخرج الناس أموال الزكاة والصدقات، ويقدمون المساعدات المالية للفقراء واليتامى والمحتاجين، ويتنافسون في سعادة وعن طيب نفس حتى أن الفقراء والمساكين يسعدون بقدوم شهر رمضان لكثرة الخير فيه فيجدون طوال الشهر كفايتهم وما يحتاجون إليه.


- وفي الثلث الأخير من شهر رمضان، تجد الكثير من المساجد قد قدم عليها المعتكفون؛ للانقطاع للعبادة والذكر فيها في تلك الأيام الفاضلة؛ اقتداءً بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.


- وفي رمضان يحرص الكثيرون على أداء العمرة؛ فترى مئات الألوف من شتى بقاع الأرض يذهبون للعمرة، والصلاة في الحرمين الشريفين والاعتكاف في أحدهما، لما ثبت في الحديث أن عمرة في رمضان تعدل في الأجر والثواب أجر حجة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولما في الصلاة في الحرمين من الأجر المضاعف.


الدعاء عند رؤية هلال الشهر:


ولفت "بكر" إلى أن من السنن التي هجرها الناس -جهلا بها أو تغافلا عنها وتهاونا- الدعاء الوارد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند رؤية الهلال في أول كل شهر هجري، سواء كان هلال شهر رمضان أو غيره من الشهور، وإن كان هذا الدعاء في رمضان أوكد لعظم أجر العمل الصالح فيه، وهذا الدعاء والذكر فيه إظهار للعبودية والتوجه بالقلب واللسان إلى الله -تعالى- وحده، مع التبرؤ من المعتقدات والخرافات والأباطيل المتعلقة بالتنجيم والكهانة وادعاء الغيب ونحوها؛ روى الدارمي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى الهلال قال: (اللَّهُ أَكْبَرُ، ‌اللَّهُمَّ ‌أَهِلَّهُ ‌عَلَيْنَا ‌بِالْأَمْنِ ‌وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ)


والمراد بالهلال القمر في أول ليلتين أو ثلاث من الشهر الهجري، وسمي بالهلال من الإهلال وهو رفع الصوت، نقل منه إلى رؤية الهلال؛ لأن الناس يرفعون أصواتهم إذا رأوه للإخبار عنه ليعلم الجميع بدخول الشهر.